إنها صفعة مؤلمة كنت بحاجة لها، أيقظتني من سبات طويل، حررتني من حياة زائفة وأعادت لي الحياة كما ينبغي أن أعيشها.
بضع كلمات كفيلة بتغيير مسار إنسان، وبلا شك مسار من في سفينته، لم أكتشف بعد سر تأثير هذا الكتاب، يقال أن ما خرج من القلب يدخل للقلب، ربما كُتبت حروفه بحبر الضمير، أو أن أوراقه اُقتطِعت من أشجار التجارب الصادقة، أو أن المغامرة الجماعية في قراءته فعلت المعجزات فيد الله مع الجماعة.
( كيف تقطع علاقتك بهاتفك) عنوان مخيف للكاتبة كاثرين برايس، والسؤال الذي يقفز فور قراءة العنوان لماذا أقطع علاقتي به؟
إنه صديقي الصدوق، مؤنسي في الوحدة، معلمي عند الجهل، وسيلتي مع الأحبة، إنه الدفتر والكتاب والمنبه والتقويم والحاسبة والكاميرة وكل التطبيقات التي أحتاجها..
هل فعلا أنا بحاجتها؟ ماذا لو اختبرت صبري في صيام الكتروني لعدة ساعات؟ اممم، لا أعتقد أنها مهمة مستحيلة.
في الأيام الأولى انتابتني رغبة ملحة لفتحه لأسباب عديدة منها التعود، حب الاطلاع على كل جديد، الملل، أخشى أن يفوتني حدث معين.. لاسبب طارئ إذا، لا شيء مهم، ما الذي سأجنيه من الإدمان على هذا الجهاز المتطور، لقد قدمت (برايس) في كتابها معلومات صادمة عن تأثير الهاتف على الذاكرة والتركيز والإبداع، ناهيك عن كارثة الإدمان التي وقع أكثرنا في فخها.
بتنا للأسف جثثا بلا أرواح، خُدعنا بمفردة التواصل الإجتماعي، ونتائج التقاطع واضحة على أسرنا، من قلة الكلام وعدم الشعور بالرضا بالإضافة إلى الأمراض الجسدية والنفسية، وزعزعة القيم واستيراد الأفكار الدخيلة عن الدين و المجتمع، فإلى متى؟ وكيف نستفيق من نومتنا؟
خطوات عملية مجربة سردتها الكاتبة تؤتي أكلها إن عزمنا وقررنا التغيير والرجوع إلى جادة الصواب، باستعمال الجهاز بالطريقة الصحية دون الإنغماس في بحر التطبيقات التي لا طائل منها.
ومن خطوات إعادة العلاقة الصحية بالهاتف، تقليل وقت استخدامه، تفعيل الرد التلقائي على الاتصالات والرسائل أثناء الصيام الالكتروني، وضع أماكن حظر كغرفة النوم وطاولة الطعام، شراء ساعة منبه، حذف التطبيقات والألعاب غير المهمة، إخفاء التطبيقات في محاولة لوضع مطبات وإعادة التفكير قبل فتحها، وضع جدول للأعمال والهوايات التي نتوق لممارستها، شراء دفتر ملاحظات لتدوين المهمات، قراءة الكتب الورقية..
قد يعتقد البعض أن من الغباء أن نقوم بكل هذا في الوقت الذي يقدم لنا الهاتف كل هذه الأمور على طبق من ذهب، لكن التأثيرات السلبية التي نعايشها كل يوم، والأشعة الضارة المخترقة لأجسادنا، ذكاء أطفالنا المنحدر نحو الهاوية، أوقاتنا الذاهبة في مهب الريح كل ذلك يستحق منا وقفة جادة لإدارة دفة السفينة إلى شاطئ الأمان قبل فوات الأوان.
وهذا لا يعني أن تترك الجهاز وتعود إلى العصر الحجري، بل يعني أن تستثمر هذه النعمة بكل خير وتستخدمها وقت الحاجة والضرورة، أن تتحكم بها لا أن تتحكم بك، وأولى ثمار ذلك حصولك على جائزة عظيمة، ستربح حينها نفسك!.
اضافةتعليق
التعليقات