بعد ثبوت الحقائق التي تمهد وتسهل لنا الإعتقاد والإعتراف بإمامة الإمام محمد الجواد (عليه السلام) فإنه ليس لمقدار العمر مدخلية في موضوع الإمامة، فمن الممكن أن وفر الله تعالى مؤهلات الإمامة .. في أي إنسـان، و في أية مرحلة من العمر، حتى إذا كان طفلاً، فإن عظمة الإنسان بروحِه ونفسه ومواهبه الربانية، لا بجسمه وأيام عمره.
والبحث عن موضوع عدم مدخلية مقدار العمر، في النبوة و الإمامة يحتاج إلى شيء من الشرح، ولا بأس بذكر مقدمة تمهد لنا سهولة تقبل الأحاديث السابقة واللاحقة، فنقول:
إن البشر يالف الأمور العادية ويستأنس بها أم إذا رأی أو سمع شيئاً يخالف ماجرت بـه العادة، فإنه يستوحش من ذلك، لأنه رأى أو مع شيئاً غير مألوف عنده.
إن الناس يشاهدون الأطفال الـذيـن يولدون ولا يعرفون شيئاً قال تعالی: (والله يخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً) (النحل: ٧٨).
حتى نظرات الطفل غير مركزة، يسمع الأصوات ويرى الأشياء ولا يفرق بينها، وتنقضي الأيام والشهور والسنوات حتى يتعلم الطفل الحروف والكلمات، ويتكلم بما سمعته من الألفاظ التي يكثر استعمالها ويسهل التلفظ بها، التي يكثر استعمالها، ويسهل التلفيظ بها، ويسمعها كثيراً.
ومشاعره تتفتح تدريجياً، ومداركه تنضج بمرور الزمان ويحتاج إلى زمان طويل حتى يتثقف ويتعلم، ويحصل له شيء من المعرفة والثقافة.
وهكذا جرت العادة بين أفراد البشر على طول التاريخ وبصورة دائمة، ولكننا نجد أفراداً من البشر قد خرقوا هذه العادة، وتحدوا قوانين الطبيعة، ولم يحتاجوا إلى طي المراحل وقطع الزمان، وإلى التعلم والدراسة، بل كانت ولادتهم مشفوعة بالنضج الكامل، والعقل الوافر والمعرفة التامة، كل ذلك بقدرة الله الذي هو على كل شيء قدير.
أن دلائل إمامة الإمام الجواد كانت تظهر يوم بعد يوم وآيات عظمته تتجلى ساعة بعد ساعة وعلامات جلالته تنكشف في كل حين.
رغم أن وسائل الإعلام لَمْ تَكُن مُتوفّرة في ذلك العصر، إلا أنه كان من اللازم إنتهاز الفرصة في شتى الميادين للنص على إمامة الإمام الجواد (عليه السلام) وتثبيت قواعد إمامته في الأوساط الشيعية بشكل خاص.
مِنْ هُنا فَقَد أَعلَنَ الإمام الرضا عن إمامة ولده الجواد (عليهما السلام) مرات كثيرة جداً وبشتى المناسبات.
اضافةتعليق
التعليقات