• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

رماد العيد

مروة حسن الجبوري / الجمعة 19 آب 2016 / حقوق / 4092
شارك الموضوع :

منذ فجر الأمس وانا انوي الكتابة عنكم، سارعت كلماتي تحتضن الورق وتلتقط الحروف القلم، وتنصت الأرض لسيل حروفي الكامدة

منذ فجر الأمس وانا انوي الكتابة عنكم، سارعت كلماتي تحتضن الورق وتلتقط الحروف القلم، وتنصت الأرض لسيل حروفي الكامدة، يبقى قلبي  يضرب بنبضاته يريد أن يشارك في هذه الملحمة تمسكه النبضات، توقف  القلم عن الكتابة، صرخت الحروف: أكمل.. يسأل القلم تلك الحروف الغاضبة: عن ماذا اكتب؟  وبأي حبر أخط تلك  العبارات، اصطفت الحروف الثمانية والعشرين قائلة: نحن معك ما عليك فعله هو  ترتيبك لنا ونحن  نقول عنك كل شيء، اقتنع القلم وبدأ، لن أقول لكم كيف حالكم، ولن أسأل عن حال المدينة فالخبر معلوم، والحال مكتوم.

 لكن صدقا كل ليلة أضع راسي  على الوسادة وبين دهاليز الحزن أقضي ليلتي، أتأبط الأوراق المتساقطة من دون حروف، واتردد بين أروقة الدار أحمل معي يقظتي وبعض من ثرثرة أفكاري المتشددة، ينبهني  الفجر بانتهاء رحلتي لهذا اليوم، تتفادني الأصوات، وينتهي الليل وانا مازالت جالسة على كرسي ضخم، يشبه كرسي الرئاسة، كاللبوة  تدير المكان، عرفت ان هذا الكرسي هو من  يفعل كل هذا، تبتعد عني الحروف خائفة، لأنها لم تجد سوى لبوة متربعة، تحاصرني نظراتها تحرق اناملي، والتي كانت تمسك بها كما يمسك الطفل بأمه، تعتلي وجهي  أعراض الحزن، استجمع ما بي من قوة وارادة فأنا  صاحبة  تلك الحروف وانا من يرافقها في رحلتها. عانقتها أصابع يدي بعمق سحيق، وتأمرني ان أعود إلى احتضانها وترتيبها وتنسيقها، قائلة: شرط قبول عذرك أن نكتب اليوم عن رماد العيد!

_ماذا تقصدين يا حروف أي رماد؟؟

انتفضت قائلة: هل نسيتم رماد العيد.. اربعين يوم مضت على احتراقهم.

تشرق  الشمس  على روحي وتلقيها في هوَّة المدينة الأليمة التي لا ترى  من الرماد المتطاير، طال انتظاري في ليالي صمّاء عمياء ، دقت الحروف  سريعاً بدقات جديدة لم يعهدها من قبل قلمي، تشابكت الأوجاع على شرفة سنيني الخاوية، امضغ ما تبقى من أيامي، ويبقى الصمت مخيما على محياي، خوفا ان يضيع المنصب  ((الكرسي))  مني، عيناي تحدق بالسماء بينما جسدي يفترش الأرض، اتنفس الصعداء واغمض عيني قليلا، استرجع حادثة تمر عليها ذكرى الأربعين، حيث الناس بأمان يجهزون لعيد الفطر، عشاق يحتفلون بعيد ميلاد عشقهم، جميع الشباب  متواجدين، أضواء وأفراح، تشقّ كبد السماء وتخرج من بين اضلاعها أصوات ضحكاتهم، ألوان ملابسهم، وجوههم الناعمة خصلات شعرهم النائمة، السماء تعانق الجسد المرتعش، الأنامل البيضاء.

 في ذاتِ ليلةٍ ادلّهم الظلام وانضوى القمر،  مناجاة إلهية تسود المكان، فجأة تمتد يد الغدر  إلى ذاك التجمع الشبابي  أرادت أن تحرق المدينة بأهلها، زهور تحترق فتصبح رمادهم مسك يعطّر المدينة، أنين يملأ الأفق، هنا الشاب الذي كان يلفظ آخر أنفاسه، لم تمنحه الفرصة لوداع أشقاءه،  هنا تقف طفلة تلاعب بالونها الأحمر، عروسة تحتضن فستان زفافها الأبيض.

 أربعين يوما وموسم العزاء لم ينته بعد، لا زالت وريقات أعمارهم الصغيرة معلقة  فما بقي لِلشمعةِ بعد احتراق خيطها، ماذا علنا نفعل ايتها الحروف غير اننا نحزن ونعلن الحداد، صرخت: لا تملكون غير الحداد والحزن افعلوا شئيا، لا يشعر بالجرح إلاّ من ذاق الوجع ، ولا يشعر بالدموع الا من فقد، هنالك أب الى الان لم يعثر على جثة ولده، امه تنعاه من دون قبر، طفلة ضائعة، جرحى يرقدون، عيد شهيد وشاب فقيد ووجع شديد، اربعين يوم مضت على احتراق اجسادهم، اختناقهم، صرخاتهم، احلامهم.

 شاب كان حلمه ان يصبح محامي، والاخر امنيته ان يُزف عريسا، صينية زُينت بالشمع والياس والبخور والورد ترفع على جنائزهم، شهادات التخرج تملأ المكان، بعدما ارتدت الجدران لون الاسود وتخالطت مع بقايا رماد العيد سـقـط القلم، سقط مغشيـاًعليــه وتناثرت أشلائه في دفتر الأحزان، فقدعجز عن كتابة زفراتي وحسرتي، لتكون هي الاخرى رماد.

العراق
الارهاب
الكتابة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    استطلاع رأي: مصباح علاء الدين والأمنيات الثلاث

    أصحاب الامام الحسين.. أنموذج لصداقة لا يفنى ذكرها

    عــودة

    "طبيبة الفرح" تكشف جانبًا خفيًا للاكتئاب يصعب تشخيصه وتقدّم وصفة للتعافي

    من الوحي إلى الدرس: كيف صنع الرسول صلى الله عليه واله وسلم أمة بالعلم؟

    من حديث الثقلين: نحو ركنٍ وثيق

    آخر القراءات

    طالبان تمنع النساء من ركوب المواصلات إلا في صحبة محرم

    النشر : الثلاثاء 28 كانون الأول 2021
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    كيف تؤثر اليقظة الذهنية على أساليب التعليم؟

    النشر : الأثنين 27 كانون الأول 2021
    اخر قراءة : منذ 12 ثانية

    الخوف من الغرباء أو كراهية الأجانب.. هل تعاني من هذا المرض؟

    النشر : الأحد 30 كانون الأول 2018
    اخر قراءة : منذ 17 ثانية

    المتحور ميكرون: متحور مثير للقلق

    النشر : الأثنين 27 كانون الأول 2021
    اخر قراءة : منذ 17 ثانية

    تعرف على ولية عهد هولندا ذو ال 18 ربيعا

    النشر : الثلاثاء 21 كانون الأول 2021
    اخر قراءة : منذ 21 ثانية

    "طبيبة الفرح" تكشف جانبًا خفيًا للاكتئاب يصعب تشخيصه وتقدّم وصفة للتعافي

    النشر : منذ 28 دقيقة
    اخر قراءة : منذ 25 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    نحن لا نتذكر أيامًا، بل نتذكر لحظات

    • 409 مشاهدات

    من النبوة إلى الإمامة: أحفاد النبي محمد ومسار استمرار الرسالة

    • 379 مشاهدات

    الحجاب وتحديات الانفتاح الرقمي

    • 373 مشاهدات

    عندما يُقيمُ القلب موسمهُ

    • 352 مشاهدات

    فن الاستماع مهارة ضرورية

    • 348 مشاهدات

    تناول الأفوكادو يحسن جودة النوم

    • 342 مشاهدات

    مناهل الأربعين.. فتنافسوا في زيارته

    • 1412 مشاهدات

    زوار الحسين: فضل عظيم وشرف أبدي

    • 1359 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1235 مشاهدات

    سوء الظن.. قيدٌ خفيّ يقيّد العلاقات ويشوّه النوايا

    • 1084 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 1079 مشاهدات

    بين طموحات الأهل وقدرات الأبناء.. هل الطب هو الخيار الوحيد؟

    • 1047 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    استطلاع رأي: مصباح علاء الدين والأمنيات الثلاث
    • منذ 16 دقيقة
    أصحاب الامام الحسين.. أنموذج لصداقة لا يفنى ذكرها
    • منذ 21 دقيقة
    عــودة
    • منذ 24 دقيقة
    "طبيبة الفرح" تكشف جانبًا خفيًا للاكتئاب يصعب تشخيصه وتقدّم وصفة للتعافي
    • منذ 28 دقيقة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة