• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

رماد العيد

مروة حسن الجبوري / الجمعة 19 آب 2016 / حقوق / 3935
شارك الموضوع :

منذ فجر الأمس وانا انوي الكتابة عنكم، سارعت كلماتي تحتضن الورق وتلتقط الحروف القلم، وتنصت الأرض لسيل حروفي الكامدة

منذ فجر الأمس وانا انوي الكتابة عنكم، سارعت كلماتي تحتضن الورق وتلتقط الحروف القلم، وتنصت الأرض لسيل حروفي الكامدة، يبقى قلبي  يضرب بنبضاته يريد أن يشارك في هذه الملحمة تمسكه النبضات، توقف  القلم عن الكتابة، صرخت الحروف: أكمل.. يسأل القلم تلك الحروف الغاضبة: عن ماذا اكتب؟  وبأي حبر أخط تلك  العبارات، اصطفت الحروف الثمانية والعشرين قائلة: نحن معك ما عليك فعله هو  ترتيبك لنا ونحن  نقول عنك كل شيء، اقتنع القلم وبدأ، لن أقول لكم كيف حالكم، ولن أسأل عن حال المدينة فالخبر معلوم، والحال مكتوم.

 لكن صدقا كل ليلة أضع راسي  على الوسادة وبين دهاليز الحزن أقضي ليلتي، أتأبط الأوراق المتساقطة من دون حروف، واتردد بين أروقة الدار أحمل معي يقظتي وبعض من ثرثرة أفكاري المتشددة، ينبهني  الفجر بانتهاء رحلتي لهذا اليوم، تتفادني الأصوات، وينتهي الليل وانا مازالت جالسة على كرسي ضخم، يشبه كرسي الرئاسة، كاللبوة  تدير المكان، عرفت ان هذا الكرسي هو من  يفعل كل هذا، تبتعد عني الحروف خائفة، لأنها لم تجد سوى لبوة متربعة، تحاصرني نظراتها تحرق اناملي، والتي كانت تمسك بها كما يمسك الطفل بأمه، تعتلي وجهي  أعراض الحزن، استجمع ما بي من قوة وارادة فأنا  صاحبة  تلك الحروف وانا من يرافقها في رحلتها. عانقتها أصابع يدي بعمق سحيق، وتأمرني ان أعود إلى احتضانها وترتيبها وتنسيقها، قائلة: شرط قبول عذرك أن نكتب اليوم عن رماد العيد!

_ماذا تقصدين يا حروف أي رماد؟؟

انتفضت قائلة: هل نسيتم رماد العيد.. اربعين يوم مضت على احتراقهم.

تشرق  الشمس  على روحي وتلقيها في هوَّة المدينة الأليمة التي لا ترى  من الرماد المتطاير، طال انتظاري في ليالي صمّاء عمياء ، دقت الحروف  سريعاً بدقات جديدة لم يعهدها من قبل قلمي، تشابكت الأوجاع على شرفة سنيني الخاوية، امضغ ما تبقى من أيامي، ويبقى الصمت مخيما على محياي، خوفا ان يضيع المنصب  ((الكرسي))  مني، عيناي تحدق بالسماء بينما جسدي يفترش الأرض، اتنفس الصعداء واغمض عيني قليلا، استرجع حادثة تمر عليها ذكرى الأربعين، حيث الناس بأمان يجهزون لعيد الفطر، عشاق يحتفلون بعيد ميلاد عشقهم، جميع الشباب  متواجدين، أضواء وأفراح، تشقّ كبد السماء وتخرج من بين اضلاعها أصوات ضحكاتهم، ألوان ملابسهم، وجوههم الناعمة خصلات شعرهم النائمة، السماء تعانق الجسد المرتعش، الأنامل البيضاء.

 في ذاتِ ليلةٍ ادلّهم الظلام وانضوى القمر،  مناجاة إلهية تسود المكان، فجأة تمتد يد الغدر  إلى ذاك التجمع الشبابي  أرادت أن تحرق المدينة بأهلها، زهور تحترق فتصبح رمادهم مسك يعطّر المدينة، أنين يملأ الأفق، هنا الشاب الذي كان يلفظ آخر أنفاسه، لم تمنحه الفرصة لوداع أشقاءه،  هنا تقف طفلة تلاعب بالونها الأحمر، عروسة تحتضن فستان زفافها الأبيض.

 أربعين يوما وموسم العزاء لم ينته بعد، لا زالت وريقات أعمارهم الصغيرة معلقة  فما بقي لِلشمعةِ بعد احتراق خيطها، ماذا علنا نفعل ايتها الحروف غير اننا نحزن ونعلن الحداد، صرخت: لا تملكون غير الحداد والحزن افعلوا شئيا، لا يشعر بالجرح إلاّ من ذاق الوجع ، ولا يشعر بالدموع الا من فقد، هنالك أب الى الان لم يعثر على جثة ولده، امه تنعاه من دون قبر، طفلة ضائعة، جرحى يرقدون، عيد شهيد وشاب فقيد ووجع شديد، اربعين يوم مضت على احتراق اجسادهم، اختناقهم، صرخاتهم، احلامهم.

 شاب كان حلمه ان يصبح محامي، والاخر امنيته ان يُزف عريسا، صينية زُينت بالشمع والياس والبخور والورد ترفع على جنائزهم، شهادات التخرج تملأ المكان، بعدما ارتدت الجدران لون الاسود وتخالطت مع بقايا رماد العيد سـقـط القلم، سقط مغشيـاًعليــه وتناثرت أشلائه في دفتر الأحزان، فقدعجز عن كتابة زفراتي وحسرتي، لتكون هي الاخرى رماد.

العراق
الارهاب
الكتابة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    من كوخ العجوز إلى عرش الرّحمن

    لماذا أنجبتني؟

    أنشطة يومية تقلل من خطر الإصابة بالخرف

    آداب الحديث وفن الاستماع الفعّال

    السر الأعظم في معاملة الناس

    محليات صناعية شائعة قد تزيد من خطر الجلطات والسكتات الدماغية

    آخر القراءات

    الفاكهة المحرمة وماتذيعه السنتكم..

    النشر : الأربعاء 11 تشرين الاول 2017
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    تعنيف المرأة ومسؤولية الجنسين

    النشر : الأربعاء 06 تموز 2022
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    ارجوحة

    النشر : الثلاثاء 01 تشرين الثاني 2016
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    مقاييس فاطمية: المؤمن سعيد لا يشقى

    النشر : الأثنين 08 تشرين الثاني 2021
    اخر قراءة : منذ 17 ثانية

    جيل الألفية: مشروع ثورة!

    النشر : الأربعاء 01 تشرين الثاني 2017
    اخر قراءة : منذ 20 ثانية

    أطفال الشوارع.. آباءهم ينكروهم وتحتضنهم علبة

    النشر : الأربعاء 31 تموز 2019
    اخر قراءة : منذ 23 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    قارئة تُشعل شمعة الأمل في ظلام الجهل .. حوار مع القارئة مريم العيساوي

    • 3741 مشاهدات

    كيف أصبح "شات جي بي تي" مرجعاً لحياتنا؟

    • 454 مشاهدات

    أهمية متسلسلة "فوريير" في التكنولوجيا

    • 361 مشاهدات

    السم الأبيض؟ أسباب تجعل السكر خطرا على صحتك

    • 356 مشاهدات

    صخب المبالغة: مأساةٌ وجودية!

    • 312 مشاهدات

    7 نساء يشاركن نصائحهن للتعامل مع أعراض انقطاع الطمث

    • 309 مشاهدات

    قارئة تُشعل شمعة الأمل في ظلام الجهل .. حوار مع القارئة مريم العيساوي

    • 3741 مشاهدات

    يوم الكتاب العالمي: إشعال شموس المعرفة بين الأجيال وبناء جسور الحضارات

    • 1344 مشاهدات

    من كربلاء إلى النجوم... طفل السبع سنوات يخطف المركز الأول مناصفة في الحساب الذهني ببراءة عبقرية

    • 1323 مشاهدات

    جعفر الصادق: استشهاد نور العلم في وجه الظلام

    • 1192 مشاهدات

    حوار مع حسين المعموري: "التعايش السلمي رسالة شبابية.. والخطابة سلاحنا لبناء مجتمع واع"

    • 866 مشاهدات

    إنتاج الرقائق.. بترول الحرب العالمية الثالثة

    • 851 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    من كوخ العجوز إلى عرش الرّحمن
    • منذ 3 ساعة
    لماذا أنجبتني؟
    • منذ 3 ساعة
    أنشطة يومية تقلل من خطر الإصابة بالخرف
    • منذ 4 ساعة
    آداب الحديث وفن الاستماع الفعّال
    • الأثنين 19 آيار 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة