العناد عند الأطفال مشكلة تربويّة وحالة من الإمتناع والاحتجاجِ يُبديها الطّفل تجاهَ التعليماتِ والإرشاداتِ المُوجّهة إليه مع التشبّث والإصرار على الرفض، دون إبداء أيّ مُبرّرٍ أو مُسوّغٍ مقنع، العناد ظاهرة شائعة لدى الأطفال، وهي تعبير عن الرفض للقيام بأوامر الوالدين وإطاعتهم، وإصرار الطفل على رأيه مهما حاول الوالدان إثناءه بالإقناع أو بالإكراه.
تختلف أسباب هذه الظاهرة من طفل لآخر، وقد تكون بسبب الحالة النفسية التي يعيشها الطفل، فالطفل الغير مستقر نفسيًا، بسبب عدم اهتمام والديه به على سبيل المثال، يقوم بتفريغ هذه الشحنات على شكل عناد. أو بسبب إفراط الوالدين في الدلال الزائد والذي يعيه الطفل جيدًا فيستغل الوالدين لتلبية رغباته والخضوع له، لأنه يعرف تمامًا أنهما لن يتمكنا من مقاومته.
أو قد يكون من أسبابها إثبات الذات لدى الطفل ومحاولة لفت الانتباه نحوه لانشغال الوالدين عنه، أو بسبب الغيرة الشديدة والمنافسة، خصوصاً إذا كان هنالك مولود جديد استحوذ على انتباه الأهل. أو ربما بسبب التهديد المستمر بمعاقبته وحتى ضربه، فيحاول مقاومة السيطرة عليه. ويمكن أن يكون سبب العناد هو تحد ومقاومة ووسيلة تعبير عن الضجر من أسلوب تعامل الوالدين معه.
كما أن هناك حالة من العناد الطبيعي تسمى «عنادًا مؤقتًا» ويظهر في السنة الثانية من عمر الطفل، وهو سلوك مقبول لأنه يبدأ بالشعور بأنه كائن مستقل عن أمه، ويمارس استقلاليته بالرفض والاحتجاج ومخالفة الأوامر.
وتعاني العديد من الأمهات من مشكلة العناد لدى أطفالها، حيث يكون لديهم أفكارهم الخاصة وهذه الأفكار ينتج عنها تصرفات ومواقف قد تكون غير صحيحة بينما نجد البعض الآخر غير مطيع ولا يستجيب للكلام.
وقال الدكتور "مجدى أنور أنطوان" استشارى أسرى وتعديل سلوك، تختلف هذه الصور بين طفل وآخر، فنجد بعض الأطفال يمكن أن يؤذون أنفسهم وغيرهم أو يدمروا بعض الأشياء أو يفقدوا بعض الأمور بسبب عنادهم، فنجدهم يخسرون أو يتأخرون عن أقرانهم بسبب عنادهم، وهذا الأمر يجعل الطفل غير سوي من ناحية، كما يكون هذا الطفل أقل في نسبة الذكاء عن أقرانه من الأطفال الأسوياء لما يفقده هذا الطفل بسبب هذا السلوك، وهذا السبب يتعين علينا أن نبحث في هذا الأمر بطريقة جادة لتفادي ما يترتب عليه هذا السلوك من آثار ونتائج سلبية على هذا الطفل، بل بالأحرى على المستوى العام من الثقافة المجتمعية.
وأوضح دكتور"مجدى" أسباب وعلاج مشكلة العناد لدى الأطفال، قائلًا: "يجب أن نفرق بين العناد عند الطفل أم يكون الطفل يسعى إلى الاستقلال وعدم تقليد الغير، كما يمكن أن يكون الطفل يستخدم العناد للفت انتباه الآخرين له لإثبات وجوده أو تقليد الكبار كما أن عدم مرونة الآباء في التعامل مع الصغير يكون سببًا أساسيًا في رفض الطفل لما يطلب منه، ونجد هنا أن العناد هو التعبير عن رفض الطفل والتزمر على الواقع المحيط به، ووجود تصور داخلي للطفل في محض خياله للأمور المحيطة وهذه المشكلة التي يعاني منها الأمهات والآباء دائما مع الطفل العنيد".
أشكال العناد:
أشكال العناد عبارة عن درجات غير منفصلة تظهر عند تعامل الطفل مع الكبار أو رفاقه ولكنها قد لا تظهر في جلسات التقويم النفسي والمقابلة الشخصية.
عناد التصميم والإرادة: يعتبر نوعاً محموداً يجب تشجيعه ودعمه ومثال ذلك عندما يحاول الطفل على إصلاح لعبته مثلاً ويصر على ذلك مهما منعه الكبار.
لكن عندما يكون العناد ضرباً من الرعونة كأن يصر الطفل على الذهاب لشراء جزمة صباح الجمعة أو يصر على زيارة صديق في وقت غير مناسب أو مشاهدة فلم تلفزيوني وقد حان وقت نومه فإن ذلك يعتبر على النقيض عناد يفتقد لتقدير الأمور والوعي الكافي لإدراك الصح والخطأ ولا يجب الإستسلام له.
وقد تزيد درجة العناد لدى الطفل فيعاند نفسه لغيظه من أمه فيرفض الطعام وهو جائع ويرفض لعبة وهو يريدها وما إلى ذلك.. هذه المكابرة تولد صراعاً بين رغبتي الطفل في الإستمرار في موقفه وبين إشتياقه لما عرض عليه. وهذا الصراع ينتهي بالتنازل عند محاولة الكبار في حله.
أما حين يعتاد الطفل العناد كسلوك راسخ وصفة ثابتة في شخصيته، فإن ذلك قد يؤدي إلى إضطراب شديد في السلوك والإنفعالات والعلاقة مع الآخرين بسبب النزوع للمشاكسة والخلاف مع الناس من حوله بسبب أو بدون سبب.
هذا الشكل من العناد درجة مرضية وتحتاج لإستشارة المختصين لعلاجها. وأيضاً فقد يكون سبب العناد خللاً فسيلوجياً مثل إصابات الدماغ والتخلف العقلي.
أسباب العناد:
عندما تكون توقعات الكبار وطلباتهم من الطفل بعيدة عن الواقع وغير مناسبة لقدراته وإمكاناته ينتج عن ذلك شعور بالفشل. وعندما يصر الكبار على قناعاتهم وتوقعاتهم يبدأ الطفل بالرفض كسلوك عنادي. وهو في الحقيقة لا يعاند الكبار ولكنه يرفض الوقوع في الفشل الذي يصر الكبار من حوله على الوقوع فيه غير آبهين بمشاعر الخوف والإحباط عنده.
وهو في هذه الحالة أفضل منهم في تقدير إمكاناته وما يمكنه فعله. وليس من الغريب أن تختلط الحقيقة بالخيال عند الأطفال، فيتشبث الطفل بموقف غير واقعي ضارباً عرض الحائط برأي الكبار مما ينشأ عنه نوع من العناد نتيجة لهذا التصادم.
وقد يقلد الطفل أمه أو أباه في الإصرار على رأيهم وعدم التنازل مهما حاول معهما أسلوب الإقناع والحوار الهادئ عندما يطلبان منه شيئاً ما وذلك ما يعرف بأسلوب التعلم بالمحاكاة. وهذا يستلزم منا كآباء وأمهات أن لا نعتمد الحدة والعنت على حساب الحوار المنطقي والنقاش المقنع.
ولعل الطفل أحياناً يحاول ممارسة توكيد ذاته بالإصرار على موقفه والعناد. وإذا كان هذا القدر من الفعل أو رد الفعل غير مبالغ فيه فلا بأس من التساهل معه وتشجيعه لتعليم الطفل كيف يكون قوي الإرادة.
وهناك متسع من الوقت ليتعلم الطفل أن العناد والتحدي ليس الطريقة المثلى لتحقيق المكاسب وهذه مرحلة نمائية تالية. وهكذا يتعلم الطفل من خلال سلسلة من المراحل الإطار الواقعي للتعامل مع النفس ومع الآخرين.
ولعلنا نحن من يدفع الطفل للعناد أحياناً بإنتهاج الأسلوب الصارم الجاف من الأوامر والنواهي. وهذا أسلوب ترفضه الفطرة التي تحب الرجاء والإحترام. لذلك فإن الطفل يتذمر من التضييق عليه فترة من الزمن ثم ينتقل بعد ذلك إلى الرفض والتحدي كرد فعل لهذا الأسلوب من التعامل.
والحماية الزائدة من جهة تجعل الطفل يشعر بالعجز والإعتمادية على والديه معطلاً قدراته هو. وقد يرفض ذلك بنوع من العناد للخروج من دائرة الحماية والوصاية والحصول على قدر أكبر من الحرية.
وهذا الشعور بالعجز قد يكون حقيقياً نتيجة إعاقة معينة أو خبرات طفلية مر بها خلال حياته مما يولد لديه رغبة في العناد و تحدي الواقع أو الذات أو الآخرين.
وأخيراً فإننا قد نعزز السلوك العنادي بالإذعان له وتشجيعه بالمكاسب التي يرمي لها الطفل، إما خوفاً عليه أو لإنهاء الموقف، وهنا يتعلم الطفل أن مزيداً من الإصرار سيجبل له التنازلات والمكاسب.
علاج العناد عند الأطفال:
1- تغيير أسلوب التعامل مع الطفل حيث إن القدوة بالنسبة للطفل هي أول وأصدق رسالة حقيقية يمكن للأم والأب أن يقدمه للطفل كما تظهر هذه القدوة ليس في التعامل مع الطفل فقط بل من خلال التعامل بين الأب والأم.
2- يجب التعامل مع الطفل من خلال الصبر والمرونة في التعامل مع الموقف مع عدم العصبية وعدم استخدام الصوت العالي، بجانب استخدام أسلوب التفاهم والإقناع مع الطفل.
3- تهيئة الطفل للأمر الذي تريد تنفيذه بحيث لا يكون الأمر المطلوب من الطفل أمر مفاجئ يشعر فيه الطفل بالقهر أو الضغط النفسي ولكن يكون الأمر تدريجيا فلا يتسبب الأمر في ضغط نفسي للطفل بل يكون بهدوء وبصوت هادئ.
4- عدم الضغط على الطفل في أوامر ليست لها أهمية كما يجب التعامل مع الطفل بمرونة والتغاضي عن الأشياء البسيطة.
5- الاتفاق مع الطفل على المهام المطلوبة منه باتفاقيات مسبقة وفي حالة عدم الالتزام يتم وضع عقاب مناسب لرفض الأوامر ولا يجب أن يكون العقاب أكبر من الموقف، ويجب أن يطبق العقاب مباشرة بعد الموقف ليرتبط بذهن الطفل بحيث يكون العقاب تدريجي يبدأ بالعقاب البسيط ويزداد بالتدريج حتى يتمم الطفل الأمر المطلوب منه.
6- يجب على ولي الأمر عدم إعطاء الطفل أمر غير قابل للتنفيذ أو التهاون في تنفيذه.
7- عندما ينفذ الطفل الأمر فعلى الأم والأب مكافئة الطفل من خلال التشجيع والمدح عندما يسلك سلوكًا جيدًا أو يستمع إليك ويطيعك ويمكن أيضًا المكافئة عندما يستجيب الطفل ويكون مطيعًا.
8- لا تتحدثي عن سلبيات طفلك أمام الآخرين ولا تضعي مقارنة بين طفلك وطفل آخر.
اضافةتعليق
التعليقات