حضرة جناب القارئ الموقّر إليك أيها الحزين الغاضب أيها الضعيف المُتهالك، إليك أيها المعنيّ.. ما الأمر الفضيع الذي جعلك تصل إلى هذا الحال المزرٍ؟ ماهي مشكلتك؛ أفقدت سندك العزيز على قلبك، كلنا على موعد سنموت ونرحل مثله وأنت كذلك، ثق بأن لديك من يعوضك فقده أو سيأتي من يفعل ذلك أو ماسيشغلك لتنساه حتمًا في الأيام القادمة..
هل تعرضت لخسارة مادية أو معنوية أو أنك تعيش ذلك منذ فترة ليست بقليلة ولم تعد لديك القدرة على الإستيعاب، كلنا معرضون وتعرضنا قبلك لهذه الأزمات إنه قانون الحياة ربح وخسارة، والشاطر من يتعلم ويصبر ليأتيه عوض الله ..
هل تعاني من مرض مُعين واتعبك تناول أقراص الأدوية كل يوم وكرهت زيارة الطبيب بين الحين والآخر، هناك من لا يفارقه الألم وأصبح مسكنه سرير في ردهة مستشفى ولا دواء لدائه سوى اجراء طبي مؤقت يستنزفه حتى يصل الموت، فإحمد الله على مابلاك من هيّن..
هل لديك نقص في حياتك لا يغنيك عنه كل ماتملك، كعدم الإنجاب مثلًا أو أي عاهة مستديمة تُشعرك بالنقص والضعف، حُلم ثابرت واجتهدت لتحقيقه ولم تتوفق في سعيك، ربما ستزول محنتك قريبًا، أو قد لا تعلم بأن حكمة الله اقتضت أن تجنبك ما هو أسوء لو يحصل ما تريد، لتبقى على هذا الحال الأفضل بكثير!.
هل صُدمت بمواقف لم تكن تتخيلها من أقرب الناس إليك، هل تعرضت للظلم ممن أحببتهم وقدمت لهم كل ما لديك، هل تعرضت للخيانة وتجرعت الألم والخذلان ممن ضحيت لأجلهم، هل فقدت الثقة بكل من حولك وانطفأت بالتدريج وأنت تصارع وجع الإنكسار والحزن الذي بات قرينك؛ سُحقًا لك من ظالم لنفسك، من هم كي تنطفىء بسببهم؟! أنت في كنف رب عظيم يغنيك عن العباد الفقراء إليه مهما تمكنوا، اتركهم خلفك وتجاوز كل شيء فأنت أكبر من ذلك كله مادام الحق معك..
دائمًا هناك خير في كل ما يحدث لك وستعلم ذلك عاجلًا أم آجلًا، بيد أنك لا تعلم ما الذي لا يعوض من بين كل ما ذُكر وما لم يُذكر ربما، هل تعرف ما هي حقيقة مشكلتك التي لو ادركتها ستعيش ملكًا حرًا نقي السريرة مرتاح البال والضمير راضيًا عن نفسك، وهذا جل ما تحتاج إليه صدقًا وحقًا في هذه الحياة القصيرة؟.
مشكلتك هي وقتك الذي سيوشك على النفاذ في أيةِ لحظة دون استثمار ساعاته أو دقائق منه لعمل خير قد ينجيك من كل ما أنت فيه الآن، يومك الذي ينقضي عبثًا وأنت لاهٍ بتقليب المواجع في العتاب واعادة قراءة صفحات ما مضى واستحضار القهر واللوم على الخسارة والندم الذي لا ينفع، تاركًا أمامك مستقبلا بصفحات بيضاء دون النظر إليها تنطوي حاملة لربح تجعله ينساب من بين يديك على غفلة من أمرك .!
لم ينتهِ الوقت بعد أوَ هل تعلم؛ إنك في كل صباح تتنفس فيه لديك فرصة جديدة، حياة أخرى وساعات إضافية تستطيع من خلالها قلب الطاولة وتغيير مجرى الأحداث لصالحك، عليك التحلي بالإيمان والشجاعة والصبر واحتسب وتوكل واجعل كل ما مررت به من مآسٍ وعناء قربة لله تعالى..
أَتُريد أن تتعافى كُليًا؟
أحسن الظن دائمًا وتفائل بالخير تجده، لا تتوقف عند أي محطة بل اعبر وابدأ من جديد، تصدق على فقراء الأدب والخلق وناكري المعروف بالتجاهل، واعطف عليهم وأحسن إليهم حينما يحتاجون إليك، قابل السيئة بالإحسان كما أوصانا نبينا الأمين محمد (ص) كن أرقى وأتقى وستحصد ثمار ما تزرع من جميل بشكل أجمل..
دع الخلق للخالق وانشغل بنفسك فهي أولى بك ورفقًا بها فلن يبقى معك سواها، يُقال أن النفس تُحاسب أيضًا، فأنت وكل ما حولك مصيره الفناء. لن تشفع لك يوم التلاق سوى أعمالك، أدِ ما عليك من واجبات وأمانات تجاه خالقك، لا تضيع الوقت انتشل نفسك من بركة الوهم والضياع، وسارع للتغيير واعمل مافيه الخير والصلاح، بادر لمساعدة كل محتاج حتى لو كان لا يستحق، كن مع الله يكن الله معك وما كان لله ينمو والعاقبة للمتقين، ببساطة هذا كل شيء وددت قوله وتذكيرك به، شكرًا لك على حسن القراءة أتمنى أن أكون قد أفدتك..
اضافةتعليق
التعليقات