يعتبر العمل المصدر الرئيسي لقوت ورزق الإنسان، وهو أمر أساسي لتأمين الحياة الكريمة وأحد ركائز العيش باستقرار وأمان، لاستمرارية توفير متطلبات ومستلزمات الفرد والعائلة، وأن العمل يساعد الإنسان في تحسين مستواه المعيشي والاقتصادي، وينمي لديه الحس الثقافي والاندماج الاجتماعي الإيجابي مع المجتمع، ولقد حثنا الله سبحانه وتعالى على العمل، وأوصانا رسوله الكريم محمد عليه الصلاة والسلام بضرورة العمل لكسب الرزق والعيش الحلال.
حيث أن العمل يحفظ كرامة وعزة نفس الإنسان ويقيّه من السؤال والمهانة في طلب تأمين مأكله ومشربه، فقد جاءت الآية الكريمة بقوله تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) صدق الله العلي العظيم، التي أكدت دور وأهمية العمل في حياة الإنسان، كما بينّت عدة أحاديث نبوية بأن على الإنسان الجدّ والتعب والعمل بأمانة ليبارك الله تعالى له في رزقه وماله، ومثال على ذلك الحديث النبوي الشريف: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)، والحديث الشريف: (ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده)، وحتى يقدر الإنسان على مواصلة الحياة وتأمين قوتّه عليه بالعمل الحلال والشريف بما يرضي الله ورسوله ليبارك له الله في حياته، كما أن العمل يبعث في النفس الشعور بالراحة، وهو من السبل الهادفة في تحقيق الذات، ويساهم العمل في رقي الفرد والمجتمع وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
أهمية العمل في الحياة:
يجب على الاباء والأمهات تنشئة أبناؤهم وبناتهم منذ الصغر على حب العمل، والسعي لكسب الرزق الحلال، وذلك لحفظ كرامتهم بعدم التذلل وطلب الحاجة من أحد، وبأن الإنسان عليه أن يجدّ ويتعب ليحصل على حياة طيبة وكريمة ويعيش ببن الناس بثقة وعزة نفس، ويحقق العمل في حياة الإنسان ما يلي:
-يفيد العمل الإنسان بتوفير حاجاته دون سؤال الآخرين، والغنى عن الحاجة لأي إنسان أو أحد، مما يجعله أكثر ثقة وقدرة على الاعتماد على نفسه لكسب المال وتوفير متطلبات الحياة اليومية.
-قيام الإنسان بالعمل والكسب الحلال، يضمن له عيشاً كريماً ومستقراً بعيداً عن الفقر والمذلة. ويساهم العمل في تحقيق الإنسان لأهداف وغايات سامية، وذلك حينما يجني ثمار نتاج تعبه وعمله، ويشعر بالرضا عن نفسه.
-يستفيد الإنسان من خلال عمله اكتساب مهارات اجتماعية مثل تكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية، التي تمنحه الرغبة في التقرب وتعزيز علاقة المودة والتآلف مع المحيطين به، الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على صحة الإنسان النفسية.
-يساعد العمل الإنسان على توظيف قدراته وطاقته نحو هدف محدد، لتحقيق مردود مالي يعينه على العيش المتوازن والحياة المستقرة، ودعم الحياة الأسرية المتكاتفة بعيداً عن التفكك الأسري. ويحمي العمل الإنسان من الوقوع بالمشاكل المالية والنفسية، حيث أن العمل المتواصل والدائم يقلل من مشكلة البطالة، وتدني المستوى المعيشي للإنسان، ويحد من حدوث الجرائم والسرقات.
-يدعم العمل الحياة الاقتصادية بشكل عام للبلاد وينشطها، ويعزز من القدرة الإنتاجية من خلال البيع والشراء، التي تدعم وتزيد من العملات في السوق المحلي.
أثر العمل على الفرد:
يَهدف العمل إلى تحقيق الذّات وإدراك مَعنى الحياة، وذلك من خلال توظيف قدرات الفرد وإمكانيّاته في سبيل تحقيق أهدافه، باذلاً قُصارى جهده فيها. وبالرّغم ممّا يُصيبه من تعبٍ ومشقّةٍ، إلا أنّه يكون راضيّاً بما يرى من ثمار جهودهِ أمام عينيه، وبما يُخلّفه العمل من آثارٍ في شخصيّته، ومن هذه الآثار:
-تطوير الشخصيّة وتحقيق الذّات عن طريق رؤية نتاج العمل على الواقع الملموس.
-تكوين رؤية ومُخطّط واضح للمُستقبل.
-توفير مصدر دخلٍ لإعالة الأفراد والعائلات.
-معرفة الذّات وإدراك القدرات والمواهب، والتعرّف على نقاط قوّة وضعف الفرد.
-تهذيب الأخلاق، وتنمية المهارات الاجتماعيّة، وتعليم أدب الحوار والاستماع، والتّواضع مع النّاس.
-ترسيخ معنى العمل بروح الفريق؛ حيث يَحترم الإنسان الآخرين ويُبادلهم الاحترام.
أثر العمل على المجتمع:
نتيجةً للعمل وأهميّته قامت العديد من الحضارات؛ فقامت الحضارة المصريّة على العمل الزراعيّ والمعماري، بالإضافة إلى براعتهم في المجال الكيميائيّ، كما اشتهر أيضاً الفينيقيّون بنشاطهم التجاريّ وصناعتهم للأسلحة، واهتمّ البابليّون باستخراج المعادن. وبذلك تتجلّى أهميّة العمل للمُجتمعات والدول من خلال ما يأتي:
-زيادة دخل الفرد، وبالتّالي زيادة إيرادات الدّولة: وذلك لزيادة إقبال الأفراد على الأسواق الاقتصاديّة والخدمات التعليميّة والصحيّة، ممّا يُؤدّي إلى تنشيط الاقتصاد، وزيادة إيرادات الدّولة.
-تقوية أواصر التّكاتف والتّكافل بين النّاس، ومُشاركة الخبرات والتّجارب لتحقيق الأهداف.
-تسخير الموارد والإمكانات المُتاحة والمُحيطة لإنتاج ما هو مُفيد.
-تقليل نسبة الجريمة النّاتجة عن عدم وجود استغلال صحيح للوقت؛ فتقلّ نسبة جرائم السّرقة والقتل والاغتصاب.
-الحدّ من انتشار المُخدِّرات: تُعدّ البطالة وسطاً مُلائماً لانتشار المُخدِّرات نتيجةً للفراغ والتّهميش وسوء الأوضاع الاقتصاديّة.
-تحقيق الأمن المُجتمعيّ ورفع المُستوى المعيشيّ.
-زيادة الإنتاجيّة.
-تحسين الاستثمار في المُجتمعات الفقيرة.
-العمل هو رافدٌ للمُجتمعات بالكفاءات المُختلفة والتي يقوم كل فردٍ فيها بأداء عمله بكل مهنيةٍ واحترافٍ، فترتقي الأمم وتنهض بالعمل الدّؤوب المُستمرّ لتحقيق الأهداف وإنجاز التطلّعات.
اضافةتعليق
التعليقات