عبر رحلة الحياة القصيرة والتي نعيشها مرة واحدة هناك أحاديث وروايات ومواقف تعلق في ذاكرتنا عن غيرها، فقد تبني أو تدمر شيء فينا، وسواء كان ايجابي أو سلبي فهو قادر على قولبة حياتنا، ونعده جزء أنيا من تفكيرنا.
لعلها تهدم فكرة تبنيناها من أجل الاصلاح والفائدة فتثير جدالا وسجالا بداخلنا لتمنعنا من تطبيقها وتقنعنا بإهمالها.
أو تنعش أحوالنا التي أكلت الأنانية والطمع من جرف مبادئنا وقيمنا وما تعلمناه من أخلاق في الصغر، والذي أربكته وفتتته طريقة الحياة العصرية وزحمة العيش وهمومه التي شغلتنا وأبعدتنا عن التأمل في الخالق والمخلوق ومحاسبة النفس والسعي لابتغاء وجه الله.
التصق بذاكرتي ما أوصت به أستاذة جامعة لطلبتها، والذي انتقل إلى مسامعي على لسان صديقتي، والتي نقلت لي ما قالته لهم في إحدى المحاضرات، عن "ابتغاء وجه الله"، كلمة أعرف أهميتها مثل غيري وربما أطبقها في بعض الأمور ولكن ما سمعته أثر بي كثيرا وأصبح في مقدمة مبادئي ومنطلقاتي التي أحرص عليها وأتذكرها دوما، وليس هذا وحسب وإنما أنقلها وأحدث من حولي بها.
فتقول صديقتي، في إحدى محاضراتها العلمية والتي انقلبت في الدقائق الأخيرة الى محاضرة في الدين والأخلاق فقد اوصتنا: يا أحبتي، كل الأفعال الحسنة التي تقومون بها ابتغوا بذلك "وجه الله" حتى لو كان اطفاء الضوء، وأنت تضع يدك على المفتاح الكهربائي انوي هذا العمل ابتغاء مرضات الله، وأنت تقفل الحنفية إذا وجدت غيرك لم يحكم اقفالها جيدا سواء في البيت أو في مكان انوي هذا الفعل "ابتغاء وجه الله" عسى أن تبعد من خانة المسرفين والمبذرين الذين قال الله عنهم: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)(1) ولصرف الشيء فيما لا ينبغي.
وإذا وجدت حيوان يشرب وأنت تمر بجانبه فتوقف وتمهل حتى يكمل كي لا يهرب خائفا، واعلموا أن النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو أول من دعا إلى الرفق والرأفة بالحيوان، فعسى أن نبتعد من خانة القساة والمستبدين غير الشاكرين، فقد قال الله سبحانه وتعالى عنهم: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ)(2).
وتعود أن تقول كلمة الحق إذا لزم الأمر دون أن تحسب حساب المنفعة، عسى أن تبعد من خانة المنافقين الكاذبين الذين قال الله عنهم: (وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(3).
فقط ابتغوا بذلك "وجه الله" واعلموا أن فعل الخير مهما صغر في نظرنا علينا فعله فإنه كبير بحسنته التي يكرمنا الله بها وابتغ بذلك وجه الله عسى أن يرزقك الله من حيث لا تحتسب.
اضافةتعليق
التعليقات