المرء تنجبه الحياة صفحة بيضاء، الأيام بعد ذلك تصقل ارادته، تتجلى في أنها مسرح كبير يؤدي كل منا دوره عليها وينتهي دوره وهكذا، أو أنها أشبه بنوتات البيانو سوداء وبيضاء كل نوتة تعطي رمزية مختلفة، الحزن حين والبهجة حين آخر.
وإن معقولية الحياة دلالة القصد فضمناً إن الانسان تتآكله الهموم والأحزان كما تأكل الحشرة الأرض، فإن الأرض تبقى صلدة إن لم يجتاحها قذف الحشرات، فحشرة الحياة هي همومها أن تأكل الانسان وتقتص منه وتقذفه في أنقاض الزمن، وكلما تكاثرت همومه وشروره أودى بنفسه إلى الهاوية.
وإن أكبر خطأ للانسان في حق نفسه هو انجرافه للسعادة التي تجلب حزناً مؤقتا فحسب, لاتكاد تتبسم شفتيك إلا وأدمت عينيك دموعا وحسرات, ما نتكبده من صخرة ثقيلة تقف عند منعطف كفاحنا هذا هو سر طائل احلامنا ومجد الاستمرار فالذي يجلل السعادة يسبقه التعب الذي نرتاعهُ والسعادة الحقيقية لاتموت مهما كثر أعداءها.
حياتك هي الضرورة الحيوية، انقاقك لها في كدر ستجعل منك حيا ولكن مهدما على قيد الحياة، حياتك ك الوهلة الأولى من الحب عاملها كأنها كاملة الأوصاف، المتفائلون في الحياة يعرفون أجدر ما بها، أما المتشائمون يفهمون أتفه ما فيها، فهمك لها يتوارى مع تشعبك بزهوها، الدنيا قرار وسبات إن تعثرت بها أصبحت لليقضة بعد ذلك لذة النهوض.
الحياة مرأى نظرتنا لها كيف نعايشها كي نراها، نبلغ مواسمها العديدة تتوارب على مجاديفها بحور من السعة نغرق حينا وننجو حينا آخر، صادقة وقاسية رائعة ومؤقتة، تبهجنا حينا وتحزننا أحيان كثيرة، أبوابها السعي لما أراد حيث خلق الأرض بوسعها وخيراتها منابع للرزق والتغيير لنمشي في مناكبها ونأكل من رزقها.
الحياة تمتحننا، حيث يذكر الدكتور مصطفى محمود في كتبه: إنما يُخلق الإنسان ليولد وحده، ويموت وحده ويشيخ وحده، ويمرض وحده ويتألم وحده، ويكابد وحده، ويَلقَى الله وحده..
ولا نملك أكثر من أن نُهِّون على بعضنا الطريق وكل لحظة تطرح على الإنسان موقفا وتتطلب منه اختيارا بين بديلات وهو في كل اختيار يكشف عن نوعية نفسه وعن مرتبته ومنزلته دون أن يدري، في مضمونها ما تلبث أن تمسك بها حتى تضيع بين دهاليزها تتقلب بين غالبها ومغلوبها لا أحقية لعيشها إلا في السعي.
اضافةتعليق
التعليقات