سؤال يطرح نفسه: هل الرضا حالة ايجابية في كل الأوقات؟
للإجابة عن السؤال نقول: هناك من يفهم الرضا على أنه سكون وعدم حركة وقناعة بما أُعطي.. بينما الرضا هو حالة ايجابية تستبطن التسليم لأمر الله مع السير الحثيث والمتواصل لإكتساب المزيد من تطوير الذات وتنمية المواهب والخبرات الذاتية.
ولقد قُرنت حالة الرضا بالقناعة ولكن ليست تلك القناعة السلبية التي تشل حركة الانسان نحو الرقي فلا يطور نفسه أو البقاء ساكنا في مكانه لا يراوح، بل القناعة الايجابية التي تؤدي إلى المزيد من شكر النعم والذي يجر بدوره إلى التوفيق للمزيدات، وكذلك الحركة والتنمية وتأهيل الذات لاكتساب المهارات المتعددة. وقد قيل: الحركة بركة.
من هنا نفهم ضرورة تحصيل المهارات التي ترفع من سوية المسلك وتؤدي للمزيد من التقدم والاندفاع لتحقيق الأهداف.
أما الذين يبررون عدم تقدمهم لوجود المعوقات فهؤلاء ممن استساغوا البقاء في أماكنهم دون أن يفكروا للتقدم خطوة إلى الأمام.. إنهم يغلفون حالتهم بشيء من القناعة الزائفة.
القناعة لا تعني أن لا تطور ذاتك.. ولا تعني أن لا تحدّث نفسك بهدف نبيل عال.. ولا تعني أن ترضى باليسير من الأعمال، القناعة تعني فيما تعنيه الرضا بما تسوقه الأقدار مع محاولة السعي الحثيث لاستشكاف ما ينفع الإنسان في رحلة الحياة.
والرضا بدوره هو مفتاح الكلمة السحرية لمعادلة الكون.. هناك الكثير من حولنا يدّعون الرضا ظاهرا لكن في داخلهم سخط دائم ونقمة دائمة فتجد الواحد منهم يتأفف من كل شيء حوله ويبدي امتعاضا واعتراضا على كل شيء يصادفه، فهل يعدّ مثل هذا الانسان راضيا؟ لا بالتأكيد هو ليس كذلك.
إننا في الحقيقة نجد من خلال معايشتنا لمن حولنا، نماذج كثيرة راضية بل وناجحة في الحياة.. ألم نشاهد عشرات المتفوقين دراسيا وهم ممن فقدوا البصر؟ فهل كان الفقدان عائقا لهم لبلوغ أهدافهم؟.
وبنظرة سريعة لعالم الرياضة ستجد أن الميداليات الذهبية والفضية هي من نصيب من تحدوا الاعاقة في أجسادهم.. لكنهم لم يشعروا بالقنوط واليأس في طريق الاحلام، ولم ينزووا في زوايا مظلمة فيندبون حظوظهم البائسة، بل رضوا بما قسم الله لهم وجاهدوا لإثبات الذات.
وللأسف هناك من يعتقد أن الحياة تكون أجمل بلا بلاء، وهذا وهم كبير، فالبلاء عنصر ثابت في المشيئة.. ولكل انسان قدر من البلاء، ومخطئ من يعتقد ان سعادته تكمن في عدم ابتلائه.
أن تكون راضيا يعني ان تظهر قدرا هائلا من الامتنان وانت مبتسم.. فهناك من يبتسم وهو يبتلع وجع مدينة بكاملها، فلا تحول حياتك إلى تعاسة لانك وحدك من سيكتوي بنارها، لا أحد سواك.
اضافةتعليق
التعليقات