معرفة النفس تُعد من أعقد المسائل والمطالب في الإسلام والمدارس الفلسفية والمدارس الأخلاقية والحضارات والديانات القديمة؛ هو موضوع مُعقد وشائك جدًا ومُبهم أيضًا. لذلك يُقسم رب العالمين بالنفس ويُقسم بمعرفتها ومتعلقاتها. ونجد عشرات الآيات تتحدث عن النفس ومئات الروايات وعلم الأخلاق متعلقة بالنفس. وإذا بحثنا فنجد إن علم العرفان نصفهُ يتحدث عن النفس. حتى في الدراسات المدنية نجد أن النفس في كل موضوع تكون في الصدارة.
إذا كنت تُريد أن تُدرك الحقيقة الإنسانية والمطالب الإلهية وتحصل على الأسرار والمعارف والفيوضات عليك بمعرفة النفس. وأول أولويات الدين هو معرفة النفس لذلك يقول علي بن أبي طالب "عليه السلام" (النفسُ ميدانكم الأول) لذلك يُقسم ربنا بها والله كما نعلم يُقسم بعظائم الأمور لا بصغائرها "ونفسٌ وما سواها" يقدمها على القَسم بهِ لأنها تدل عليه سبحانه وعلى قدرتهِ وقد أفلح من زكاها وقد خابَ من دَساها. فهي باب للوصول إلى الله عز وجل.
ومن بعد معرفة محمد وآل محمد تأتي معرفة النفس فهي باب للكمال والدرجات والأسرار والمعارف. وقد اختلف العُلماء في مطالبهم وآرائهم عن النفس ولكن نذكر واحد منهم وهو أفضل وأصح رأي.
يقول العلماء؛ العقل كائن معنوي وهو الجزء المسؤول عن؛ الإدراك، والعلم، والفهم، والدراسة، والمعارف، والذاكرة، والحفظ، وقد جعلهُ الله يسكن في شيء مادي وهو الدِماغ.
وأما القلب فهو الجزء المسؤول عن؛ العواطف، والحب، والكره، والوجدان، والإحساس، والمشاعر، وماشاكل ذلك.
"والحقيقة وفي الطب أيضا كما إننا نُدركه بالعقل أن إلاحساس بوجع القلب هو ليس مرتبط بالمشاعر فهو مجرد ارتباط عصبي يُأثر بالقلب وليس لُب القلب!"
وأما النفس فهو الجزء المسؤول عن؛ الرغبات، والغريزة، كغريزة الفضول مثلًا والشهوة وإلى آخره. وثلاثتهم ينجمعون بكائن إسمهُ "الروح" فالروح الكائن المعنوي الذي يشمل النفس ورغباتها. والقلب وعواطفه. والعقل ومعارفه.
فعندما يقول من عرف نفسه عرف ربه يقصد هنا بالروح وليس النفس التي هيَ المسؤولة عن الرغبات والغريزة كما ذكرنا. والقرآن يُجزئ لنا النفس بثلاثة أقسام.
النفس الأمارة؛ التي تأمر العبد بالخطأ والمعصية. والنفس اللوامة؛ هيَ التي تجعل العبد يقوم بالخطأ ثم يندم ويؤنب ضميره.
والنفس المطمئنة؛ هي النفس العليا التي حلقت برحال الحب والوصال فتشتغل بذكر الله فقط. وأما الفلاسفة فيُقسمون النفس ثلاثة أقسام:
نفسٌ نباتية؛ وهذهِ النفس التي تتجسد بإنسان يأكل وينمو لا يُقدم ولا يؤخر في حياتهِ شيء.
والنفس الحيوانية؛ مع ما ذكرناه في النباتية لديه رغبات وغرائز أيضًا.
والنفس الباطنية؛ وهي التي لا يصدر منها إلا الكمالات.
وعلماء النفس يُقسمونها أيضًا ثلاث أقسام. مثلا فرويد يُقسمها بهذا الشكل. الهو، والأنا، والأنا العُليا.
الهو؛ ويعني بذلك الذات الإنسانية.
والأنا هو الإنسان نفسه مع كمالات صغيرة.
والأنا العُليا؛ النفس المرتبطة بالقيم.
وبعد أن بينا الفرق والأقسام بشكلٍ واضح من جانب الدين، والفلسفة، والعلم، يأتي السؤال: كيفَ أعرف نفسي؟ نُقسم الحديث الذي يقول: (مَن عرف نفسه عرفَ رَبه) أي مَن عرف قوى نفسه وعادلها ومعنى ذلك عندما لا يعادل الإنسان قوة داخله يحجب عليه معرفة نفسه. لذا لابد أن يتدخل الإنسان ويعادلها بنفسه.
نأتي على القوى العقلية التي هي تُعرف، بالحكمة. والقوة الوهمية وتُعرف بالقوة الغضبية. والقوة الشهوية وهي واضحة.
تتصارع تلكَ القوى بباطن الإنسان كل واحدة تريد أن تُسيطر على الأخرى؛ العقلية، والوهمية، والغضبية، والشهوية.
فأما العقلية؛ فتتميز بالحكمة والإدراك كما ذكرنا. والوهمية هي التي تجمع بينَ، الخوف، والقلق، و السهو، والجُبن، والوساوس، الكآبة وضيق الصدر، وهذا كلهُ وهم.
أما الغضبية فهي تجمع ما بينَ؛ التهور، والصراع، والصياح، والتقسيط والظلم. والأنا، كأن يقول أريد أن أكون أنا أفضل، أنا في الصدارة ويحاول السيطرة.
أما الشهوية؛ فهي معروفة والشهوة لا تقتصر على الشهوة المعروفة، فالشهوة في الطعام والشهوة بالظهور. وتكون بعدة مواقع:
كيفَ نُحاول أن نفك النزاع مابينَ تلك القوى؟
نتعرف على الجواب تفصيلًا في مقالٍ آخر فالحديث تتمة إن شاء الله..
اضافةتعليق
التعليقات