يبدو الحديث عن مدى انتشار ظاهرة الطلاق في المجتمعات العربية أمرًا مستهلكًا لكنه حقيقي في نفس الوقت، ومنتشر بنسب عالية جدا بحسب الاحصائيات الأخيرة، والأسباب كثيرة حول هذه الآفة الإجتماعية التي تفشت في مجتمعاتنا بصورة كبيرة والتي تنذر عن خطر كبير يحوم حول مستقبل الأسرة في المجتمعات العربية.
إن الاسرة هي اللبنة الأساسية لتنشئة الاطفال فكيف اذا كانت اسرة مفككة، كيف سينشئ الطفل وسط هذا التفكك وما مصير الاطفال بعد ان ينفصل الابوين؟ وكيف سيتقبل الطفل العيش وسط اسرة مفككة بعيدا عن احد ابويه؟
فقد أكدت دراسة أعدتها الأكاديمية الأمريكية للصحة النفسية للأطفال والمراهقين، أن "الأطفال يشعرون بالخوف والارتباك نتيجة إحساسهم بأن الطلاق يهدد أمنهم. وقد يعتقدون خطأً أنهم السبب وراءه. إضافة إلى ذلك، قد يشعر العديد منهم أن عبء إعادة العلاقة بين الأبوين يقع على عاتقهم، مما يزيد من الضغط النفسي عليهم".
ردود فعل الطفل
تتغير ردود فعل الاطفال حسب عمر الطفل الذي انفصل والداه والبيئة الاجتماعية التي يعيشها ولكن مع كل هذا تكون الفترة الاولى صعبة جدا، هذا ما بينه تقرير من موقع موضوع عن ردود فعل الطفل خلال العام الأول من الطلاق فقد يعاني فيها الأطفال من:
1/ حصول بعض الاضطرابات النفسية، مثل: الشعور بالضيق، والقلق وعدم تصديق ما يحصل في العائلة.
2/ حصول اضطرابات عاطفية فقد يخاف بعضهم من أن يفقد حب أمّه وأبيه كما انتهى حبّهما لبعضهما البعض.
3/ يصبح المراهقين منهم غاضبين بشدّة من التغييرات والاضطرابات التي طرأت على حياتهم بصورة مفاجئة كواقع لأضرار ونتائج الطلاق.
4/ انعدام ثقة الطفل بوالديه؛ لأنّه بات يعتقد أنهما يتصرفان بطريقة لا يمكن الوثوق بها.
5/ انعدام الاحساس بالأمان والاستقرار، بسبب تقسيم الأسرة لقسمين مختلفين مع ضرورة البقاء فترة في كلّ قسم.
6/ قد يقوم الطفل ببعض السلوكيات غير الإرادية ليلفت انتباه الوالدين واهتمامهما، مثل: البكاء وقت النوم، التبوّل في الفراش.
العوامل التي تزيد من استمرار التأثيرات
يقول د. محمود عبد الرحمن حمودة أستاذ الطب النفسي بكلية طب جامعة الأزهر والحاصل على جائزة الدولة في الطب النفسي إن من أهم العوامل التي تزيد من حدوث تلك التأثيرات هو
•عدم تعاون الوالدين بعد الطلاق.
•مشاعر العداء المتبادلة.
•تحميل الأطفال رسائل لتوصيلها دون الحوار المباشر بين الوالدين.
•حديث أحد الوالدين عن الآخر بصورة سيئة.
•عدم الوفاء باحتياجات الأطفال المادية والمعنوية والاتهامات.
•القضايا المتبادلة بين الوالدين في المحاكم.
•عدم استقرار الطفل في منزل أحد الوالدين وتشتته في المكان الذي ينتمي إليه.
التأثيرات المستقبلية
على المدى الطويل يعاني هذا الطفل صعوبة التعبير عن عواطفه، ما يجعل منه مشروع زوج فاشل، ناهيك عن انعكاسات ذلك على علاقات الصداقة والزمالة وعلاقاته بمعلميه وبالناس بشكل عام.
وقد أثبتت دراسات عديدة أن أطفال الطلاق عموماً يؤولون إلى علاقات زوجية فاشلة. مع وجود استثناءات لا بأس بها بطبيعة الحال ويعود ذلك الفشل المتوارث إلى عدة عوامل منها: إن الطفل يكبر وفي رأسه فكرة مفادها أن الطلاق هو أحد الاحتمالات الممكنة، بل السهلة، بمعنى أن نية الإخلاص الدائم لا تأخذ مقدار الجدية الكافية في بداية الأمر لجعل الطلاق خياراً أخيراً أو مستبعداً. وفق موقع مغرس.
هنالك عامل آخر يتمثل في أن أطفال الطلاق سيتحولون إلى شبان فاشلين في التعبير عن أحاسيسهم وقد يكبر الولد ليحب فتاة فيتزوجها ويعيش معها سنوات من دون أن يكون قادراً على التعبير عن عواطفه تجاهها، لا بل إنه قد يعطيها انطباعات تشي بأنه قد لا يحبها، ما يؤدي إلى انعكاسات سلبية تؤدي بالعلاقة إلى الفشل الذريع. ويؤكد الخبراء أن طريقة التعامل مع الطفل في العامين التاليين للطلاق هي التي تحدد مدى تأثر ذلك الطفل بتلك التجربة السيئة إلى فترات متأخرة من حياته..
الأمور التي يجب مراعاتها بعد الانفصال
– يمكن أن يكون أسلوب التفكير المتفائل للوالدين عاملا أساسيا في مساعدة الطفل؛ لتقبل فكرة الانفصال، وتجنب أنماط التفكير الكارثي التي تفترض أسوأ الاحتمالات في كل الظروف.
– يكون الأطفال أكثر صمودًا وأقل توترًا عندما يكون النزاع بين والديهما هادئًا وعندما يخرجهم الطلاق من بيئة مليئة بالصراعات لبيئة أخرى هادئة، من المهم أن تحمي طفلك من الدخول في النزاعات قدر الإمكان، سواء قبل الطلاق أو بعده.
– يتحسن أداء الطفل إذا استمر الوالدان في المشاركة بشكل إيجابي في حياته، وعلى وجه الخصوص إذا كان الوالد غير المقيم يقيم علاقة وثيقة وداعمة مع الطفل، فالأب عليه دور كبير جدًا.
– على كلا الوالدين الاستمرار في الاستماع إلى الطفل حول مشاكله وتوفير الدعم العاطفي والمساعدة في القضايا اليومية والحفاظ على الحدود والقواعد المتفق عليها بينهما مع الطفل، والاتفاق على ما هو مسموح وما هو ممنوع في تربية الطفل.
– اتباع منهج مستقر ومتسق بين الأبوين في تربية الطفل أثناء وبعد الطلاق أمر مهم، فالانضباط الأبوي المتواصل مهم لأنه يضمن حدودًا واضحة لا تختلف اختلافًا كبيرًا بين المنازل. فلا يسمح الأب بشيء وتنهاه الأم ولا العكس. وفق موقع اضاءات.
– من المهم أن يدعم الآباء سلطة الطرف الآخر، وعدم الاستهزاء بها أو التهاون بها.
وصايا
بعض الوصايا التي نشرت على احد المواقع الالكترونية التي تحث المتزوجين او المقبلين على الزواج السير عليها للحد من ظاهرة الطلاق وكيفية التعامل مع اطفالهم في حالة حدوث الطلاق منها:
- على المتزوجين والشباب المقبل على الزواج الرفع من رصيد ثقافتهم الدينية والنفسية المرتبطة بشؤون الأسرة.
- ينبغي على المؤسسات المهتمة بالشأن التربوي في مجتمعاتنا الإسلامية عقد دورات تكوينية للشباب لا تكتفي فيها ببيان الشروط الشرعية والنفسية الضرورية لنجاح مشروع بناء الأسرة المسلمة، بل تعرض إضافة إلى ذلك تجارِب واقعية سواء الناجحة منها والفاشلة على وجه الخصوص وتطرحها للنقاش لأن التجرِبة الصحيحة تتحقق بالاستفادة من التجارِب الخاطئة.
- تنظيم حملات إعلامية لتوعية الشباب غير المتزوج بأهمية التأهيل للزواج وإشعار المتزوجين بضرورة التكوين المستمر لضمان استمرارية وحدة الأسرة.
- إنشاء مراكز نفسية واجتماعية متخصصة في علاج المشكلات الأسرية.
- اجتهاد الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في نشر ثقافة نفسية أصيلة داخل المجتمع تهدف إلى تقوية وحدة الأسرة.
- إحداث وحدات للبحث خاصة بالأسرة في الجامعات.
اضافةتعليق
التعليقات