يعد ارتداء الملابس السوداء رمزا للحداد وقد تعارف عليه في اغلب البلدان ربما لانه لون خاص يحمل القداسة والهيبة، ومن الملفت للنظر في شهري محرم الحرام وصفر يلاحظ انتشار لبس السواد تعبيرا عن حالة الحزن لمصاب الإمام الحسين (عليه السلام) ومواساةً لأهل البيت (عليهم السلام) وإظهارا لمودتهم ومحبتهم واحياءً لأمرهم فقد ورد عنهم (عليهم السلام) (احيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا) فإذا ارتدى عامة الناس السواد تبين للآخرين انه يوم حزن ومصيبة على الإمام الحسين (عليه السلام) وهذا في حد ذاته إحياء لأمرهم (عليهم السلام).
(بشرى حياة) اجرت هذا الاستطلاع حول مشروعية لبس السواد في شهري محرم وصفر..
قدسية الشهر
استهل الحاج كريم عواد حديثه قائلا بكل فخر: انا ارتدي السواد منذ ان خط شاربي، ارتديه احتراما لقدسية الشهر ومؤازرة للقضية الحسينية فيجب ان نعبر عن حزننا للحسين عليه السلام بأي وسيلة حتى وان كانت بالثياب ولا يقتصر الامر على الثياب وخدمة الزائرين فحسب بل السير على نهجه والاقتداء به وان لا يكون ارتداء السواد مظهرا للرائي إني حسيني باللباس إنما أكون حسينيا بكل معنى الكلمة.
فيما تنقل ام رشا ذكرياتها في ايام الطفولة حيث كانت الحياة بسيطة جدا فقد كانت (ايام الحصار) كما اسمتها حيث قالت: لم يكن بمقدور امي شراء ثياب سوداء لنا، لكن حبها للقضية الحسينية وتعبيرا عن حزننا لمصاب الامام روحي له الفداء، كانت تحب ان ترانا نرتدي جميعنا السواد، مما دفعها إلى صبغ ثيابنا الملونة، فقد كانت انذاك في مركز المدينة مصبغة خاصة للملابس السوداء ونحن كنا نسعد لأننا نرتدي السواد لحب الحسين واله، اما اليوم فقد تغيرت الحياة واصبح كل شيء ميسور لكن وللاسف الكثير من يرتدي السواد للمظهر ومنهم لا يرتديه اطلاقا.
اما القارئة الحسينية ام طفوف تعبر عن اسفها لان البعض من مرتدي الثياب السوداء لا يمتون للقضية الحسينية بصلة، هم يرتدوه للمظهر فقط وهذا يثير حفيظتها..
وأضافت مؤكدة: أنا لا أعمم هذا الكلام للجميع فهناك نساء ورجال وأطفال وشيبة يبذلون كل ما لديهم من وقت ومال بخدمة الحسين عليه السلام ويفتخرون بأنهم حسينيين فعلا وقولا وحتى بارتدائهم ملابس الحداد التي تعبر عن ولائهم وإخلاصهم للقضية الحسينية.
السواد في محرم أمر مشروع
الشيخ نزار التميمي اوضح مشروعية لبس السواد في محرم قائلا: ان مشروعية واستحباب لبس السواد في مصاب آل محمد عليهم السلام في شهري محرم وصفر، يندرج تحت الاستجابة لنداء القرآن الكريم الذي اوجب مودة آل البيت بصريح خطاب الكتاب العزيز (قل لا اسالكم عليه من اجر الا المودة في القربى) ولا خلاف بين أهل الإسلام من إن الإمام الحسين وآل الحسين هم من رحم وقربى رسول الله صلى الله عليه وآله.
وأضاف التميمي: ويعد هذا جانب والجانب الآخر ان الإسلام ركز كثيرا على أهمية الشعائر والإعلام في المواسم الإسلامية الكبرى مثل الحج، الهدف والغاية هو إيصال الرسائل للغافلين، هكذا الحال كما يفهم من روايات وأخبار القادة والأئمة المعصومين عليهم السلام فيما يخص إحياء أمر القضية والنهضة الحسينية الخالدة، دعا الأئمة إلى فعل إيجابي ولا يتقاطع مع ضرورات الإسلام وركائزه، ومنها لبس السواد وإظهار الحزن بشكل موسع وملفت، حتى يتعرف المسلمون من غير اتباع مدرسة أهل البيت أولا وبقية أهل الأديان والبشرية ثانيا، ليتعرفوا على حجم الانحراف والظلم والفساد الذي حصل بعد رحيل نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وآله، على يد أشخاص تسلقوا ونزلوا وتصدوا بإسم الإسلام، والإسلام منهم براء ممن هدموا وضربوا الإسلام ومشروعه الإنساني الحضاري الكبير باسم الإسلام نفسه، وبالتالي لبس السواد وإظهار الحزن هو شكل من أشكال الإعلام لفضح أولئك المزيفين .
ومن جانب اخر شاركنا الشيخ عبد الكريم هادي الحمداني قائلا: ان أصل ارتباط لبس السواد بالحزن على الأعزاء من الأموات يختلف من بلد لآخر فهنالك شعوب تعبر عن حزنها بارتداء ملابس بألوان أخرى كالأصفر او الازرق او البني وحتى الأبيض.
واضاف الحمداني: ويعود علة لبس العرب للأسود فينسب إلى الأقباط المصريين عندما قتل منهم عدد كبير على يد أحد الطغاة. أما كراهته فلأن العباسيين اتخذوه شعارا.
وبعد هذه الفاصلة الزمنية وضعف سند الروايات الدالة على كراهته انتهت علة الكراهة. وقد تأكد استحباب لبسه كشعار للحزن على مصائب أهل البيت (عليهم السلام) وبالخصوص الامام الحسين (عليه السلام) كما جرى العرف بلبسه لذوي الأموات ومحبيهم. وفي شهر محرم ينتشر استخدامه للتعبير عن المشاعر الولائية بالحزن وطلبا للثواب.
اضافةتعليق
التعليقات