نغمات تصدح بها حنجرتها لتخرج أجمل الكلمات واصدق المشاعر، اختارت الهداية فاختارها الله لتكون ناقوس الحزن الذي يذكرنا بمصيبة الزهراء (عليها السلام)، فيدق أعتابنا كل عام حاملا معه دموع هذه المصيبة .
(وفاء) التي كانت تقف في ساحة المدرسة تتغنى للوطن والعلم بصوتها الأخّاذ أصبحت اليوم ترثي مصيبة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنفس ذلك الصوت.
قد كانت ذكرى أيام المصيبة نفسها منذ سنين خلت حينما حضرت وفاء احد المجالس الحسينية برفقة والدتها واستمعت لمصيبة الزهراء (عليها السلام) وما جرى عليها من ظلم واغتصاب لحقها، ومنذ ذلك اليوم قررت أن تشق طريقها وتنذر عمرها في خدمة سيدة نساء العالمين لأجل أن تقتدي كل النساء بالسيدة الجليلة فاطمة الزهراء (ع) فهي نور لا ينطفئ ينير ظلمات القلب.
فطأطأت الرؤوس لسماع مصيبة الزهراء على لسان وفاء وهي تسرد بكل خشوع تلك الفاجعة الأليمة، التي جعلت من الزهراء رمزا تفتخر به كل الفاطميات لشجاعتها وصبرها على انتهاك حقها وكيف لاذت بالباب لتستر نفسها ولم يكن عليها الخمار، فارتأت أن تكون شهيدة الباب على أن يرى أعداء الله طرف ثوبها أو حتى خيال طيفها، فأي درس قدمته لنا وعنوانه الستر والعفة لأجل أن نسير على نهجه ليومنا هذا.
ان السيدة فاطمة الزهراء (ع) واحدة من أعظم نساء الأمة الإسلامية، ولم تبلغ هذه المنزلة الرفيعة السامية إلا لأنها كانت امرأة فريدة لا تتكرر، وقد كانت الصدّيقة البتول دائمة المرافقة للرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم منذ طفولتها، إلى أن التحق صلى الله عليه وآله وسلم بالرفيق الأعلى، ومن هنا فقد شهدت العديد من المشاهد، والمواقف معه صلى الله عليه وآله وسلم، ودافعت عنه، وعانت معاناته، وذبَّت عن الدين الحنيف ما أمكنها ذلك.
فكانت من أعظم الداعيات إلى الله تعالى، بالوفاء والتواضع، فلم تعرف نساء العالمين امرأة أشد وفاءا، أو أكثر تواضعاً من السيدة فاطمة الزهراء، على الرغم من أنها جمعت المجد من كافة أطرافه، فيكفيها أنها ابنة سيد ولد آدم صلى الله عليه وآله وسلم، ويكفيها من الشرف أنها سيدة نساء العالمين، ويكفيها أنها أم السبطين.
ومع ذلك، فقد كانت بسيطة جداً، حريصة على بيتها، وعلى زوجها، قانعة بما لديها، مع أن بيتها كان خالياً من مقومات الحياة الرغيدة، هكذا كانت الزهراء قدوة ودرّة، لنقتدي بها ونجعل منها مدرسة ترشدنا إلى الصواب كلما عصفت بأذهاننا قرقعات الشيطان، وأخذتنا الدنيا بملذاتها، لنتجلد من صبرها ونتعلم من مصيبتها الدروس والعبر ونسير على طريق الهداية الذي خطته بدمائها الزكية حينما قدمتها قربانا لأجل أن يعلو صوت الحق.
وبرغم كل الصعوبات التي مرَت بها مولاتنا الزهراء إلا أنها كانت دائماً راضية، صابرة، شاكرة لأنعم الله تعالى عليها، وعلى كل من حولها، ومن هنا فقد استحقت هذه السيدة هذه المنزلة العظيمة.
اضافةتعليق
التعليقات