من الضروري أن تكون لك مكانة في الحياة و دور في المجتمع، ولكن لا بد من تحديد هذا الدور والسعي من أجله، و إلا فلن يأتيك ذلك على طبق من السكر.
فإذا كنت فارغا من فلسفة شخصية و إدراك قوي لما تمثله وما ترمز إليه فستجد نفسك نهبا لكل شخص، أو فكرة، أو حدث تصادفه في طريقك، راكضا في كل الاتجاهات معا بدلا من أن تركز على
المسائل المفصلية.
إن الشخص الذي يبرز بين الجمهور يبرهن أنه يملك مجموعته الخاصة من القيم وحسا قويا باحترام الذات. وفيما رياح الافكار المتصارعة تعصف ببعض الناس، وتيارات مختلف البدع تجرف البعض اﻵخر، يظل هو راسخ القدم، وهذا هو الجزء اﻷكبر من مقومات الشخصية.
يقول اﻹمام علي عليه السلام: "المرء حيث اختار لنفسه إن صانها ارتفعت، و إن ابتذلها اتضعت".
وهذا يعني أمرين:
اﻷول - الترفع عن الدنايا والتوافه، وضرورة تزكية النفس دائما.
الثاني - أن يطلب اﻹنسان لنفسه مكانة تليق بها من حيث الموقع، والمكانة والدور الذين يختارهما لها.
كن مكافحا عنيدا
من أهم مصادر القوة في شخصية اﻹنسان هو مقدار الكفاح الذي يتحمله.
فكما لا يقوى عود الشجر إلا بمقدار ما يتعرض لﻷنواء، كذلك فإن ما يقوي شخصية المرء هو سنوات الكفاح التي يمر بها.
وليس غريبا لذلك أن نجد أقوياء الشخصية من بين أولئك الذين يجدون أنفسهم في ظروف قاسية فيتغلبون عليها بشجاعة. فحينما تواجههم اﻷمراض والفواجع، ويمنون باﻷحزان والخيبات، ويعاملون بظلم أو يخدعون فإنهم يستمرون، بل يجابهون محنهم و أحزانهم بطرق تغني حياتهم وتضفي عليها معنى أعمق.
إن المكافحين يمتلكون بمرور الزمن نوعا من القدرة على الحياة، لا يملكها غيرهم.
وهذا يعني أننا عندما نتحدث عن الكفاح العنيد فلا نقصد أبدا الشقاء، أو الشعور بالتعاسة، بل نقصد الاستمرار في العطاء، رغم العوائق التي تقف في الطريق.
فالمكافح يكتسب من خلال تحدي العوائق، والنظرة اﻹيجابية المستمرة قوة لا تقهر في الشخصية، وقدرة عارمة لتجاوز الصعاب و تخطي المثبطات.
أنجز أعمالا
إنجازات اﻹنسان هي اﻷدلة القاطعة على قوة شخصيته، وهي كلما زادت، أضافت رصيدا جديدا إلى قوته في أعين الناس وفي عين نفسه، ولذلك كان لا بد من اﻻهتمام بأداء أكبر عدد من اﻻنجازات. وهذا يتطلب التركيز على اداء اﻷفضل و اﻷهم في اﻷعمال.
وفي الحقيقة فإن التركيز ينبع من أحد مصدرين: إما اﻹرادة، وإما الشغوف والولع بالعمل الذي يؤديه، فإذا درب أحدنا نفسه على الافتتان بعمل ما فسوف يؤديه بشكل طبيعي و يلازمه حينئذ شعور غريب يفوق الوصف.
إن على اﻹنسان أن يمارس دوره العملي على الساحة وبذلك يفرض شخصيته عليها بصفته شخصية فاعلة لا غنى للناس عنه.
وهذا يعني أنه كلما تحسنت قدرتك على اﻷداء في الواقع العملي كلما تحسنت شخصيتك أيضا.
ولكي تستطيع أن تنجز أعمالا فعليك أن تضع سلم أولويات يأخذ بعين الاعتبار أن يكون هدفك العمل الصالح.
وتأتي أهمية إحراز النجاح، من أن تأثير النجاح على قوة الشخصية إنما هو بمقدار تأثير قوة الشخصية على النجاح.. فقد يكون طريق إحراز النجاح البدء بتقوية الشخصية الذاتية، وقد يكون العكس، حيث إن تراكم النجاح يؤدي ولا شك إلى اكتساب شخصية قوية.
إن للنجاح سرورا ينعش الروح، وقلما تمتعنا الحياة بمثل مصادر السرور التي تأتينا بها الممارسة الناجحة لقدراتنا وتبعث فينا الحيوية والنشاط فتطلق في نفوسنا طاقات ضخمة لمواصلة العمل.
اختل بنفسك
ذاتك تستحق الانسجام معها. وهذا يتطلب الاختلاء بها لمزيد من التعرف عليها، والاعتناء بها، وتهذيبها.
فحاول بين فترة واخرى أن تصرف بعض الوقت مع نفسك. وفي هذه الفرصة فإن عليك ليس فقط محاسبتها على اﻷخطاء، بل تشجيعها على الحسنات أيضا.
إن المرء عندما يختلي بنفسه يتسنى له تمييز كل ما هو أصيل فيه عن الزائف، و معرفة كل ماهو مهم عما هو تافه، فإن الذات تبدو أغنى بانفتاحها على نفسها.
فتكريس اﻷصالة في الذات سوف تمدنا بالطاقة التي يمكنها بدورها أن تمدنا بالحماسة والاندفاع في الحياة. وهذا يمكن أن يتحقق عن طريق التلقين الدائم بكل ماهو نافع للنفس، والايحاء بامتلاك الصفات الحسنة، في حالات الاختلاء بالنفس.
تحسين الذات
من أفضل الطرق لتحسين الذات السعي لكي تكون قدوة حسنة لﻵخرين.
إن الشخص القوي لا يحاول التأثير في الناس من خلال التفوه بالكلمات، بل يسعى إلى ذلك من خلال صب جهوده في الاتجاه الصحيح، أي تزكية النفس، مما يجعله قدوة حسنة لهم.
يقول تعالى: "ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها"
ويقول الامام علي عليه السلام: "أيها الناس تولوا من أنفسكم تأديبها، واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها".
(اقتباس من كتاب كيف تكسب قوة الشخصية لمؤلفه السيد هادي المدرسي)
اضافةتعليق
التعليقات