بناءً على أصل المساواة والمشاركة في القيمة الإنسانية بين الرجل والمرأة، لا تكون الذكورة ميزة للتفوق والتميز، فالرجل باعتباره رجلاً، ليس أفضل من المرأة لكونها امرأة.
ذلك أن الإسلام أقرّ معايير وقيماً للتفاضل والتمايز بين أبناء البشر، ذكوراً وإناثاً، فمن كان منهم أقرب إلى تلك المعايير، وأكثر التزاماً بتلك القيم، فهو الأفضل، رجلاً كان أو امرأة.
ومعايير التفاضل والتمايز في الإسلام ثلاثة:
1-التقوى: وهي تعني الالتزام بمنهج الله تعالى وأمره، فالأوفر حظاً منها، هو الأقرب إلى الله، والأعلى شأناً عنده، من أي عرق كان، وإلى أي قبيلة انتسب، ذكراً كان أو أنثى، يقول تعالى: {ياأيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليمٌ خبير}.
وورد عنه – صلى الله عليه وآله وسلم – أنه قال: "إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ونبيكم واحد، ولا فضل لعربي على أعجمي ولا أعجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى".
2-العلم: والذي هو ميزة الإنسان عمن سواه من المخلوقات، وبه يعرف ربه، ويدرك ذاته، ويفهم ما حوله، وكل من كان أكثر نصيباً من العلم، أصبح أكثر أهلية وجدارة.
يقول تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أُوتوا العلم درجات}. ويقول تعالى: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}.
وروي عن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – أنه قال: "أكثر الناس قيمة أكثرهم علماً وأقل الناس قيمة أقلهم علما".
3-العمل: فحركة الإنسان في الاتجاه الصحيح، وإنجازه وفاعليته في طريق الخير، هي التي تحدد موقعيته في الدنيا، ومكانته في الآخرة، يقول تعالى: {ولكلٍّ درجات مما عملوا وما ربُّك بغافلٍ عمّا يعملون}. ويقول تعالى: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيُّكُم أحسنُ عملا}.
وواضح للمتأمل أن هذه المعايير التي أقرها الإسلام للتمايز والتفاضل، تعبر عن قيم حقيقية واقعية، فالتقوى والعلم والعمل، كل واحدة منها تفرز نتائج ومعطيات مؤثرة لصالح حياة الفرد والمجتمع.
بينما قد تسود في بعض المجتمعات معايير ومقاييس لا واقعية لها، أو تدفع باتجاه مؤثرات سلبية، كالتفاضل على أساس العرق أو اللغة أو اللون، أو مسابقات اختيار ملكات الجمال، أو لمجرد تسجيل رقم قياسي في موسوعة غينيس للأرقام القياسية..
من ناحية أخرى فإن مقاييس التفاضل في الإسلام كلها اختيارية كسبية، يمكن لأي إنسان أن يحصل منها بمقدار سعيه وجهده، وهي ليست كاللون أو العرق أو الشكل، الذي لا دخل للإنسان فيه، وليس هو الذي يختاره، ولو كانت الذكورة من معايير التفاضل عند الله تعالى، كان ذلك خلاف العدل والإنصاف، لأن الإنسان لا يختار ذكورته أو أنوثته، وإنما هي قدر إلهي، فكيف يكون مقياساً لتحصيل الفضل أو الحرمان منه؟!
اضافةتعليق
التعليقات