في قصة تُذكر، يقال انه في احدى المدارس كان هنالك طالب سئم المعلمون منه لانه كان بطيئ الفهم والإستيعاب فقرروا ان يطردوه من مدرستهم فأرسلوا الى والدته وطلبوا منها ان تحضر وشرحوا لها حالته، فاضمرت سبب طرد ولدها في نفسها وعادت الى المنزل برفقته وجلست امامه ويداها تربت على رأسه وكتفه ثم قالت له: ارسلوا اليَّ اليوم مدرستك ليقولوا لي بأنك عبقري وشديد الفطنة والذكاء والمادة التي تقدم اقل من مستوى ذكائك فيمكنك المكوث في الدار وان تدرس هنا لتستطيع سبقهم في المواد وسأرفدك ببعض الكتب التي ستقوم بتلخيصها وستساعدك ايضاً.
فاوقدت بكلامها مصابيح التحفيز بذاته حتى صار يلخص الكتاب بعد الكتاب واستطاع ان يكمل اكبر المواد حتى صار طالباً مجداً ذكياً فطبيباً لأمراض الاعصاب بل صار من اشهر الاطباء في امريكا.
تغيير النمط المعتاد من قبل هذه المرأة اولد ابداعاً في ذات ذلك الطفل واستطاعت بذلك ان تنتشله من ترع الفشل الى اعلى مراتب النجاح..
فهل نستطيع نحن ذلك؟!
قبل مدة من الزمن انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي كافة ظاهرة "لكسر الروتين" فتفاعل الجميع معها وكسر قواعد روتينية كبيرة لأجل الضحك!.
ولكن الا نستطيع ان نكسر روتين واقعنا الذي صار يتسم بالنقد والسلبية لكل الامور التي نعيشها ونراها بدءاً من السلطة الحاكمة الى اصغر فرد في المجتمع.
فالرئيس ينتقد شعبه والشعب ينتقد حاكمه، والمعلمات ينتقدن طلابهن على انهم بطيئي الفهم والاستيعاب والطلاب ينتقدون الواقع التعليمي وغيرها الكثير.
لنحول ثقافتنا لثقافة مدح وثناء فإن لهذا الاسلوب الكثير من الايجابيات التي تعود بالمنفعة علينا..
كيف يكون المدح؟!
ان مدح المظهر الخارجي وابداء الاعجاب به هو اسلوب خاطئ، لانه اسلوب يجعل المقابل يتعامل مع ذاته على انه سلعة وعلى وجه الخصوص المرأة اضافة الى ان ابداع الشيء الممدوح سرعان ما سيختفي بمرور الوقت.
علينا ان نمدح العمل الذي يقوم به المقابل والشغل الذي انجزه مهما كان صغيراً ليكون له بذلك حافزاً يجعله يتوق لان يبدع وينجز اكثر فأكثر.
وخلال المدح عليه ان لا ينتبه للتفاصيل بل ان يمدح بشكل عام فهو افضل.
من اين يبدأ؟
تفعيل هذه الثقافة في المجتمع يبدأ من داخل البيت الواحد الى المجتمع فعلى الوالدين مدح كل عمل صغير يقوم به اولادهم وتحفيزهم بكلمات تشجع على الانتاج والابداع مثل: انت طالب مجد.. انت ذكي.. عملك في ترتيب المنزل كان رائعاً ويدل على ذكائك في ترتيب الاشياء..
ومن ثم تعليمهم على الاطراء وشكر ومدح كل ما يقدم اليهم مهما كان صغيراً من اصدقائهم ومعلميهم وحتى الناس الذين في الخارج وتوعيتهم بان اسلوب الشكر والمدح ثقافة رد جميل لكل ما يقدم وبأبسط التكاليف الا وهي الكلمة!.
ثم بين الزوجين فكثير ما نسمع من الزوجات ان عناء اليوم والمشاغل الكبيرة التي تتخللها يمكن لكلمة مدح واحدة من ازواجهن كفيلة بازالة ذلك التعب وتشجعهن على التقديم اكثر.
ان عودت عائلتك على هذا الاسلوب ستساهم في اخراج افراد مبدعين الى المجتمع.
وإن اغلب العمال المنتجين في اماكن عملهم رجحوا السبب الى ان مديرهم كثيراً ما يشكر سعيهم ويقدر ما يقدموه مما شجعهم على الاخلاص والابداع اكثر فاكثر.
ان هذا الاسلوب يوعز الى المقدم اليه انه على الطريق القويم ويؤدي عملاً صحيحاً ينفعه والآخرين فيتحفز ان يعطي اكثر.
وخلاف ذلك فإن الانتقاد الكثير لكل شيء لن يغير شيء خلا ان يفشي روح الاحباط واليأس بين الافراد ويقلل مستوى المبادرة والعمل، فإن تغير اساليب الحوار اكبر عوامل التغيير ان شئنا التطور.
اضافةتعليق
التعليقات