أظهرت دراسة طبية حديثة أن المستويات المنخفضة من التوتر والقلق يمكن أن تزيد من مخاطر الاصابة بأزمات قلبية قاتلة أو السكتة الدماغية بنسبة تصل إلى خمس مرات أكثر.
واعتبر العلماء أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أو غيرها من المشاكل الرئيسية المتعلقة بالصحة العقلية لديهم فرصة أكبر للوفاة المبكرة. كما وجد الباحثون البريطانيون أن أولئك الذين يعانون من مشاكل لا تعتبر خطيرة بما يكفي للفت انتباه الطبيب، هي من العوامل التي تزيد هذه المخاطر التي تسبب الموت المفاجئ. ووجدوا أن الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب يكونون عرضة للموت أكبر بعشر سنوات بنسبة 20 في المئة أكثر من الذين لا يعانون من القلق.
وشملت الدراسة بيانات لـ 68 ألف مريض من الجامعات والمستشفيات في لندن وأدنبرة، والذين توفوا في منتصف العمر، في الفترة الممتدة ما بين 1994 والعام 2004. ووجد الباحثون الذين يعانون من القلق والاكتئاب كانوا 29 % أكثر عرضة للوفاة من أمراض القلب والسكتة الدماغية.
وقال الدكتور توم روس، المؤلف الرئيسي لهذه الدراسة، التي نشرت في المجلة الطبية البريطانية، إن "هناك اهتمام متزايد في التغيرات الفسيولوجية المحتملة المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية".
وأضاف "اذا ذهب هؤلاء الأفراد إلى الطبيب، فعلى الأرجح أنه لن يشخصهم بالاكتئاب. لكن الكثير من الناس الذين يعانون من قلق معتدل أو الاكتئاب يجب أن تُؤخذ مشاكلهم على محمل الجد لأن هذه المعاناة تؤدي إلى الوفاة المبكرة".
وفي سياق متصل نشر موقع (بي بي سي) دراسة بين فيها ان القلق قد يغير الطريقة التي ننظر بها إلى العالم، ويمكن أيضا أن تدفعنا إلى تغيير آرائنا السياسية. لكن هل يمكن لعلاج بسيط أن يقدم لنا مخرجاً من هذه الحالة؟
عندما تمضي أفكارك بلا سيطرة، تبدأ دقات قلبك في التسارع، ويصبح تنفسك أكثر صعوبة. وهذا الضيق يتبعه نوع من القلق، وبدون سابق إنذار، يصبح الارتباك هو سيد الموقف.
وفجأة تشعر بأنك غارق في المشاكل، وأنك تتحمل ما لا تطيق. إذا شعرت بهذه الأعراض بشكل متكرر، فكن على ثقة أنك لست وحدك في هذا الأمر.
نعلم جميعنا أن القلق يؤثر على حالتنا العاطفية، ويجعل تواصلنا مع العالم صعباً، لكن الأمر الأقل وضوحاً هو كيف يؤدي القلق إلى تحول انتباهنا عن الشيء الذي كنا نركز عليه.
يغير القلق حالة الوعي لدينا، وذلك عن طريق تشتيت الانتباه، وبالتالي يغير أيضا الطريقة التي نعيش بها الواقع. ومن شأن ذلك أن يكون له نتائج كبيرة.
فتأثير القلق على قدرتنا على التركيز ربما يؤدي إلى تشكيل وجهات نظر خاطئة، وتشكيل الطريقة التي نرى بها العالم بصورة معينة. وربما يؤدي ذلك أيضاً إلى تغيير قناعاتنا السياسية دون أن نشعر بذلك.
وللوقاية من تأثير القلق على تشويه الواقع لدينا، ينبغي أولاً أن نفهم كيف يعمل انتباهنا، والطرق التي يمكن أن تؤثر فيه.
ولكي نفهم كيف يُغير القلق بالضبط مجمل الطريقة التي ينظر بها المرء للعالم من حوله، من خلال ذلك النوع من تحول الانتباه الذي يسببه القلق، يمكننا أن ننظر إلى الموقف التالي.
فقط، تخيل نفسك وأنت تقف على رصيف محطة قطارات الأنفاق، وتنظر إلى الناس من حولك. وقتها تنجذب البقعة الضوئية الخاصة بانتباهك إلى تعبيرات الوجه السلبية للناس بجوارك، بينما تهمل كل التعبيرات الإيجابية.
ونتيجة لذلك، سيبدو لك أن الضيق يظهر على وجوه كل من حولك، وفجأة ستبدو الصورة العامة لذلك المكان وللأشخاص قاتمة تماما بالنسبة لك.
وفي رحلة عودتك إلى البيت بالقطار، وعندما يكون القطار قد تجاوز كل المحطات وبقيت محطتك أنت، ستشعر بأن الرجل الضخم الجالس بجوارك يضع يده في جيب معطفه وكأنه يبحث عن سلاح، لكنها مجرد حركة طبيعية سوف تسترعي انتباهك بشدة.
الآن تخيل أن ذلك السلوك المتعلق بالانتباه يصاحبك طوال الوقت. فبينما يؤدي تحول الانتباه إلى تصفية الإيجابيات وإهمالها، والسماح فقط بمرور السلبيات، سيتدفق الخوف والقلق إليك.
وعليه، فقد يتسنى منع القلق من تشويه الواقع، وإثارة الخوف، وتغيير منظومات القناعات والأفكار، وذلك عن طريق تدريبات تعمل على التخلص من تحول الانتباه تجاه التهديد الناتج عن القلق، وعن طريق الوعي الذاتي بالطريقة التي يؤثر بها القلق على البقعة الضوئية للانتباه لدينا.
اضافةتعليق
التعليقات