في عالم الفن، حيث تتداخل الرؤية الشخصية مع الموروث الثقافي والديني، تبرز الفنانة رهاف حازم عبودي السعيدي كإحدى الوجوه البارزة التي استطاعت أن تترك بصمة فنية مميزة، من خلال لوحاتها التي تجمع بين الفن التشكيلي والخط العربي، تقدم رهاف أعمالًا تتميز بجو روحي عميق يعكس ارتباطها العميق بالإيمان والهوية الثقافية، في هذا الحوار، نسلط الضوء على مسيرتها الفنية، رؤيتها للأعمال الفنية، والتحديات التي تواجهها في عالم الفن التشكيلي، لنتعرف عن كثب على رحلة فنانة شابة تسعى إلى ترك إرث فني يعبر عن قناعاتها واهتماماتها.
_ رهاف، بدايةً، دعيني أسألك عن مسيرتك الفنية. متى بدأت هذه الرحلة وكيف كانت بداياتك؟
بدأت رحلتي الفنية منذ عام 2014، حيث بدأت في المشاركة في معارض الجامعة. هذا كان أول ظهور لي في عالم الفن التشكيلي.
_ أنتِ تذكرين أن لديكِ خلفية فنية قوية من خلال والدك الفنان الدكتور حازم السعيدي، كيف أثرت هذه البيئة الفنية في اختيارك لمجال الفن التشكيلي؟
نعم، نشأت في بيئة فنية، والدي كان فنانًا تشكيليًا وخطاطًا، وكان دائمًا داعمًا لي. هذا الدعم الكبير من والدي ووالدتي كان له الفضل الأكبر في حبي وشغفي بالفن.
_ هل يمكن أن تخبرينا أكثر عن أسلوبك الفني؟ كيف يمكننا تمييز لوحاتك عن أعمال الفنانين الآخرين؟
أسلوبي في الفن يختلف قليلاً عن غيري لأنني تأثرت بمجتمعي وبيئتي. بما أنني من كربلاء المقدسة، المدينة الدينية، طابع لوحاتي يحمل لمسة دينية من خلال الخط العربي وإضافة آيات قرآنية.
_ في معرضك الشخصي الثالث، ركزتِ على إدخال الخط العربي والآيات القرآنية في لوحاتك، هل يمكنكِ أن تشرحي لنا معنى هذا الاختيار بالنسبة لك؟
نعم، اخترت إدخال الخط العربي وخصوصًا آيات من القرآن الكريم لأنه يعتبر العنصر الأهم في لوحاتي. القرآن هو مصدر إلهام بالنسبة لي، وأريد أن تلامس أعمالي قلوب الناس وتقربهم إلى الله.
_ هل تجدين أن طابعك الفني يعكس شخصيتك؟ وكيف يمكن أن يعبّر عنك هذا الفن؟
بالتأكيد، طابع لوحاتي يعكس شخصيتي بشكل كبير. أرى أن البساطة في التكوين والتعبير عن الموضوعات بطريقة هادئة هو ما يعبر عن شخصيتي كفنانة.
_ لماذا اخترتِ أن يكون تاريخ ميلادك هدفًا لإقامة معارضك؟ وهل لديك طقوس أو استعدادات خاصة قبل بدء العمل على اللوحات؟
اخترت يوم ميلادي، 16 أبريل، ليكون موعدًا لإقامة معارضي. هذا التاريخ يمثل لي نقطة انطلاق في حياتي الفنية وأتمنى أن أترك بصمة في هذا اليوم. عادةً ما أحتاج إلى أجواء هادئة ومريحة قبل أن أبدأ العمل على أي لوحة.
_ فيما يتعلق بعملية الإبداع، ما هي الظروف التي تحتاجينها لإنجاز لوحة فنية؟ وهل تعتبرين أن الإلهام يأتيكِ في أوقات معينة؟
الجو الهادئ والمريح هو ما أحتاجه للعمل. أحيانًا يأتي الإلهام في لحظات غير متوقعة، وقد أحتاج إلى وقت طويل حتى أكتمل اللوحة بشكل يناسبني.
_ ماذا عن الأدوات التي تستخدمينها في أعمالك؟ هل تفضلين استخدام أنواع معينة من المواد؟
أستخدم لوحات الكانفاس مع ألوان الأكريلك واللاينر وألوان الزجاج. هذه المواد تتيح لي حرية التعبير وتمنحني النتائج التي أرغب بها.
_ كم من الوقت يستغرق إنجاز لوحة؟ وهل تجدين أن الإيقاع البطيء في العمل يساعدك في الحصول على النتيجة التي ترغبين بها؟
عادةً ما يستغرق إنجاز اللوحة حوالي أسبوع، ولكنني أعمل عليها في ساعات متقطعة، هذا يساعدني على الحصول على التفاصيل التي أحتاجها دون الشعور بالتعب الشديد.
_ كيف تواجهين التحديات؟ هل تعتبرين أن التحدي الأكبر يكمن في منافسة الذات؟ وهل هناك أية صعوبات أخرى تواجهينها في مسيرتك الفنية؟
التحدي الأكبر بالنسبة لي هو أن أكون أفضل من ذي قبل. أحيانًا يواجه الفنان تحديات من المحيطين، ولكنني أؤمن بأن الله معي وأن الإصرار على النجاح هو الطريق لتحقيق الأهداف.
_ هل تأخذين النقد الفني بعين الاعتبار؟ وكيف يؤثر النقد الإيجابي أو السلبي على أعمالك؟
النقد هو جزء مهم من تطور الفنان. النقد الإيجابي يعزز ثقتي بنفسي، بينما النقد السلبي يعتبر حافزًا لي لتحسين عملي وتقديم الأفضل.
_ ماذا عن مشاركاتك في المعارض؟ هل يمكنكِ أن تخبرينا عن تجاربك في المعارض المحلية والدولية؟ وما الذي يجعل كل تجربة فنية مختلفة بالنسبة لك؟
لدي مشاركات محلية في كربلاء وكذلك في محافظات أخرى في العراق، وأيضًا في دول مثل مصر، المغرب، الأردن، الجزائر وفلسطين. كل تجربة كانت فريدة من نوعها، حيث أن الموضوعات تختلف في كل معرض مما يضيف قيمة لتجاربي.
_ ما دور الفن في المجتمع من وجهة نظرك؟ وهل تجدين أن الفن يمكن أن يحمل رسائل هادفة للمجتمع؟
الفن له دور كبير في المجتمع، نحن بحاجة إلى الفن الهادف الذي يحمل رسائل إنسانية ودينية خاصة في هذا الوقت الذي تؤثر فيه وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير على الناس.
_ من خلال أعمالك، هل ترين أن الفن يمكن أن يكون وسيلة للاقتراب من الله؟ كيف يظهر ذلك في لوحاتك؟
نعم، الفن يمكن أن يكون وسيلة للاقتراب من الله. أدخل الآيات القرآنية في أعمالي كوسيلة للتعبير عن الإيمان، وأعتقد أن هذه الطريقة توصل رسالة روحية وجمالية للجمهور.
_ هل تعتقدين أن الفنانين في العراق يتلقون الدعم الكافي؟ وما هي التحديات التي يواجهها الفن التشكيلي في العراق بشكل عام؟
للأسف، هناك العديد من الطاقات الشابة في العراق، ولكن لا يوجد دعم كافٍ لهم. الفن التشكيلي في العراق مظلوم نوعًا ما بسبب قلة الدعم المؤسساتي.
_ هل ترين أن السوشيال ميديا لها تأثير كبير على انتشار أعمالك الفنية؟ وكيف تتعاملين مع هذه الوسائل من حيث عرض أعمالك؟
السوشيال ميديا ليس لها تأثير كبير على أعمالي الفنية، حيث أنني لم أعتبرها وسيلة أساسية لنشر أعمالي. أركز على المعارض الواقعية التي تتيح لي التفاعل المباشر مع الجمهور.
_ وأخيرًا، ما هي نصيحتك لكل شخص يسعى لتحقيق حلمه في مجال الفن أو أي مجال آخر؟
نصيحتي هي أن يؤمن الشخص بنفسه ويستمر في السعي لتحقيق هدفه، مهما كانت التحديات، يجب أن نعمل بجد وإصرار، لأن النجاح لا يأتي بسهولة.
اضافةتعليق
التعليقات