قال النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): "تفاءلوا بالخير تجدوه".
إن الفرد الذي يؤمن في ذاته بأنه سينجح هو بالفعل سينجح. إن اعتقادك بأنك ستنجح هو الذي يقودك إلى النجاح. فإيمانك بالنجاح واعتقادك العميق بقدرتك على الانجاز هو المحرك الرئيسي للعقل ليجد الوسائل والطرق لتحقيق ما تسعى من وراءه وهو أيضاً المولد للطاقة والنشاط والمهارات التي تحتاجها في عملك.
وكما يقال "إن الايمان يزحزح الجبال" نعم وأكبر دليل على ذلك هم الأنبياء فإن إيمانهم بالله وبرسالتهم جعلهم يتغلبون على جميع الصعوبات والعوائق لنشر رسالتهم وكل نبي في زمانه غير مجرى التاريخ وكان سلاحه الوحيد هو الايمان.
انظر إلى جميع الانجازات الكبيرة في شتى المجالات ترى أن الايمان بتحقيق نتائج هائلة هو القوة المحركة والرافعة وراء هذه الأعمال وإن الاعتقاد بالنجاح هو العنصر الأساسي والضروري في كيان الأشخاص الناجحين.
إن المواقف مثل "سأحاول" و"لا أدري اذا كان بالإمكان تحقيق ذلك" وما إليها من التشكيك بالقدرة على النجاح هي التي تقود إلى الفشل المحتم فعندما تزرع الشكوك في نفسك فإنك تعطي عقلك الباطن الأسباب والذرائع ليؤكد اعتقادك بعدم القدرة وبالتالي ليجد الوسائل والطرق التي تقود إلى الفشل.
إن الفشل يستقطب الناس الذين يواجهون عقلهم وتفكيرهم نحوه كذلك النجاح يستقطب الناس الذي يوجهون عقلهم وتفكيرهم نحوه وفي الحالتين ينمي الشخص وبدون قصد أو وعي العادات الضرورية للوصول إلى الفشل أو إلى النجاح. إن الأشخاص الناجحين ليسوا خارقي الذكاء ولا خارقي القدرة على الفهم والاستيعاب إنهم فقط خارقوا الثقة بالنفس.
كيفية الوصول إلى النجاح:
أولاً: النجاح يبدأ بتغير نفسك
إن الثقة بالنفس والنجاح في الحياة هما في الواقع نتيجة عمل متواصل يقوم يقو به أي فرد للوصول إلى هدف ما والثقة بالنفس تنمو خلال العمل اليومي الدؤوب في تنمية الذات والتفكير بالأمور المهمة والكبيرة والابتعاد عن التلهي والصرف بالأمور التافهة والسخية لذلك يترتب على الشخص الذي يسعى إلى النجاح وانجاز أعمال مهمة في الحياة أن يحيط نفسه بشكل يومي ومستمر ودائم بالوسائل التي تنمي وتقوي إيمانه بذاته. وفيما يلي بعض التوجيهات في هذا الاتجاه:
1_فكر ايجابيا: دائما اجعل تفكيرك ايجابيا وحصن ذاتك في أن تدخلها الأفكار السلبية، تذكر أيامك السعيدة ولا تلتفت إلى اللحظات التعيسة. في حديثك استعمل كلمات وعبارات النجاح والنصر والأمل والسعادة وما إليها، انشر الأخبار المفرحة ولا تشيع الأخبار المأساوية والمفجعة، فكر بالحسنات ونقاط القوة عند الناس ولا تفتش عن مساوئهم ونقاط الضعف لديهم.
2_ اتبع ضميرك: في أي عمل تقوم به تذكر أن الله بصير عليم بما تفعل لذلك اجعل ضميرك هو الموجه لأعمالك لا تقم بأي عمل ليرتاح له ضميرك لتمنع عقدة الذنب والندم من أن تأكل أحشاءك، كن نظيفا وصافي النية في جميع أفكارك وتصرفاتك.
3_ اجعل كل شيء في مظهرك يوحي بالثقة بالنفس والنجاح والاحترام: كن نظيفا، عطر جسمك، اعتني بأسنانك ورائحة الفم، مشط شعرك، البس ثيابا نظيفة ومرتبة متناسقة ليس بالضرورة ثمينة الكلفة فإن النظافة من الايمان، ليكن وجهك بشوشا وكلم الناس وأنت تنظر إلى أعينهم ولا ترخي يدك عند السلام باليد ولا تتكلم بصوت منخفض يكاد لا يسمعه أحد، تكلم بنبرة واضحة ولا تمشي ببطء كالجيش المهزوم امشِ بخطوات أسرع ورأسك مستقيم.
إن المظهر الخارجي في تفكيرك الداخلي عن ذاتك وفي تفكير الآخرين عنك أيضا فمظهرك الجيد يساعدك على رفع اعتبارك لنفسك وعلى تنمية ثقتك بنفسك.
4_ قل لي من تعاشر أقل لك من أنت: خفف من معاشرة الناس السلبيين الذي يفكرون دائما بالهزيمة والفشل أو الذين يشككوك في قدراتك. أكثر من معاشرة الناس الايجابيين الذين يشجعوك على النجاح وعاشر الأشخاص الناجحين وتعلم منهم وسع إطار معارفك وصاحب أناس جدد وتعرف على مجالات جديدة خارج اختصاصك.
5_ الكلام صفة المتكلم: هذّب لسانك ولا تشهر بالغير أو تجرح أو تسخر، ابتعد عن الأشخاص كثيري الكلام والثرثرة على الناس وتجنب التشكيك بالغير ولا تشارك غيبة الناس أو النميمة (يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم),
تحدث بلطف مع الناس وتقبل الاختلاف بالرأي بصدر رحب (ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين)، ابدأ بالتحية واستمع عندما يتكلم شخص آخر وأكثر الاستماع وخفف من الكلام وقبل أن تنطق بشيئ اسأل نفسك: (هذا الكلام يليق بشخص مهذب وناجح؟).
6_ كن نصيرا لذاتك لا عدوا: كن متواضعا لكن لا تبخس بقيمتك وتعظم بقيمة الآخرين، فالعظمة لله وحده، إن مشكلة بعض الناس أنهم يقارنون نقاط ضعفهم مع نقاط قوة الغير، ركز على كفاءاتك ونمّها وطورها وتعلم أيضاً من الغير وأي عمل تقوم به مهما كان صغيرا، اعتبره مهماً واعمله بجد وجودة ودائماً نفسك كيف أستطيع أن أعمل أفضل وأحسن واكثر قبل أن تنهي أي عمل اسأل نفسك: (هل يكتفي شخص ناجح بهذه النتيجة؟).
7_ اعمل، اعمل، اعمل: لا تنتظر حتى تصبح كل الظروف ملائمة ومساعدة لأنها لن تكون كذلك أبداً وإذا كان عندك تخوف من أمر ما فإن الانتظار يزيد المخاوف ويعقد الأمور أكثر بينما العمل يعالج الخوف ويقوي الثقة بالنفس، إن الأفكار والايماء وحدهما لا يقودانك إلى النجاح يجب أن تأخذ المبادرة وتبدأ العمل ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد فكل يوم له مشاغله ومشاكله وإذا اخطأت تتعلم وتكتسب الخبرة.
ثانيا: التنظيم والتخطيط
(إنا كل شئ خلقناه بقدر)، إن كل شئ في الكون هو جزء من مخطط شامل ويسير نحو هدف محدد والانسان هو الكائن الوحيد الذي جعل فيه الخالق القدرة على التخيل ووضع الأهداف في حياته وشرط أساسي في النجاح لتحقيق الأهداف هو القدرة على التخطيط المسبق للسير على طريق مدروس وواضح قبل البدء في التنفيذ كما أن وضع الأهداف يجب أن يتبعه رسم الخطة للوصول إليها وتماما كما في أي لعبة رياضة فأن النجاح في التخطيط من أجل تحقيق الأهداف يتطلب استشارة الخبراء والتدريب والتحضير والربح والخسارة واعادة النظر بالخطط ويتطلب أيضا تنظيم الوقت بشكل فعال ليكون المردود أكبر.
ثالثا: الاستعانة بالآخرين
إن النجاح لا يتحقق من الفراغ والعزلة يجب أن تحيط نفسك بالأشخاص الذي يشاركونك في الاهداف وفي القيم التي تمثلها لأنه لا أحد ينجح بدون مساعدة الآخرين لكي تنجح تحتاج أشخاص ذوي خبرة، وتجدر الاشارة إلى هفوتين مميتتين يجب تجنب الوقوع في أي منهما:
الأولى: هي الاعتقاد أنك لست بحاجة إلى رأي أحد غيرك.
الثانية: هي الظن بأن أفكارك سخيفة وغير لائقة وغير جيدة كفاية لعرضها على الواقع ومناقشتها مع الآخرين.
ثالثا: التهيئة والتحضر
إن الاهداف تبقى بدون تنفيذ تصبح أحلاما، معظم الناس يحلمون بتحقيق أهداف مهمة وكبيرة ولكن الأقلية منهم يصلون إلى غايتهم، إن الفرق بين تحقيق النجاح في الوصول إلى الأهداف وبين بقائها في عالم الأحلام هو العمل الجاد والتحضير الدقيق والفشل في معظم الأحيان هو ليس نتيجة عدم وجود الكفاءة والقدرة وإنما بسبب عدم وجود الادارة بالتحضير وتحمل الأعباء والناس الفاشلون سرعان ما يتذرعون بالأعذار بدلا من المكافحة والتعب من خلال التهيئة والتحضر لتوفير أسس النجاح.
رابعا: الجودة والاتقان في التخطيط
إن جميع الانجازات الكبيرة والمهمة تمت خطوة خطوة تبعا لمخطط شامل ودقيق وهي كانت نتيجة لمجموع الانجازات الصغيرة لأهداف جزئية منظمة ومتناسقة حتى تقود نحو الهدف الأخير.
عندما تبدأ بالتخطيط يجب أن تعطي العناية الفائقة للتفاصيل وتأكد أنها خالية من الأخطاء وأنها متطابقة مع بعضها البعض ومع الهدف النهائي ولا تترك مجالاً للحظ أو الصدفة في مخططاتك وتأكد أن أهدافك تتوافق مع مواهبك وقدراتك كن طموحا، كن واقعيا، قيم كل هدف جزئي حسب الامكانيات المتوفرة لديك، واعط الوقت الملائم لإنجاز كل هدف جزئي وافسح المجال للتغير.
خامسا: اذا فشل المخطط جرب غيره
إذا وضعت أول مخطط وكنت تظن أنه جيد لكنه لم يقودك إلى تحقيق أهدافك اتركه وابدله بواحد جديد، وإذا فشل المخطط الثاني ابدله أيضاً بواحد آخر وهكذا حتى تجد المخطط ناجحا، هذا ما يميز الناجحين من أغلبية الناس الذين يفشلون في متابعة المسيرة لأنهم لا يمتلكون الصبر ولا يثابرون في تخطيط البديل للمخطط الفاشل، يقول المثل الصيني (الفشل هو أن تفعل كل شيء كما تفعله دائما بالضبط بنفس الطريقة ثم تنتظر نتيجة مختلفة) في كل تجربة جديدة وفي كل تغير قد تتفتح أمامك أبواب جديدة لم يكن لك علم بها.
سادسا: تنظيم الوقت بشكل فعال
الحياة تعني الوقت وإذا كنت حيا يعني أن لديك الوقت فالوقت يساوي الحياة والوقت هو النعمة التي منحها الخالق لكل انسان على قيد الحياة والوقت الضائع تخسره ولا يمكنك استبداله.
إن الشخص الناجح يعرف كيف ينظم وقته ويستعمله بفعالية ولا يشتت طاقاته في الوقت بشكل عشوائي بل يصرفها في الوقت المناسب ليستخرج أكبر الفائدة.
سابعا: احتفظ بسجل لأهدافك وآرائك
إن الأهداف والآراء التي لا تدون على الورقة مصيرها في أكثر الأحيان نسيانها وبالتالي خسارتها والفكرة التي تبقى في الذهن بدون تدوين ليس لها نفس قوة الكلمة المكتوبة، إن معجزة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التي نزلت عليه كانت (اقرأ بأسم ربك الذي خلق ) (الذي علم بالقلم) "اقرأ" "والقلم" هما كناية عن الكتابة والكلمة المكتوبة وأعتقد أن للكلمة المكتوبة وقع أثر كبيرين في تحقيق النجاح والوصول إلى الأهداف.
مرض الأعذار
كيف يعلل الناس غير الناجحين أسباب فشلهم؟
إذا نظرت في العميق إلى الأشخاص غير الناجحين ستكشف أنهم يعانون مرضا فكريا مميتا للعقل إنه مرض الاعذار وتتفاوت نسبة هذا المرض عند الناس حسب تفاوت نسبة فشلهم فكلما ازداد الفشل تجد أن المرض عندهم في مراحل متقدمة أكثر وهذا المرض يميز الشخص الناجح من الشخص الفاشل، إن الفرد الذي يراوح مكانه ولا ينجز شيئا ولا يأمل في الوصول إلى أي هدف في حياته تجد عنده وفرة من الأعذار والأسباب لشرح فشله، وبالعكس كلما ازداد الشخص في النجاح كلما قلت أعذاره وإذا تفحصت حياة الناس الناجحين لوجدت أن كل الأعذار التي يختبئ وراءها الناس الفاشلون هي مشاكل وعوائق واجهتهم أيضا، وأحيانا بمقدار أكبر لكنهم لا يقفون عندها بل يعملون للتغلب عليها، وإذا كنت تريد النجاح اخلع عنك كل أثواب الأعذار وركز تفكيرك على الهدف واعمل بثقة بالنفس وايمان بالنصر حتى تصل إلى الهدف.
امنح الفشل معنى الخبرة
الاخفاق، العثرة، الخطأ، الاحباط، كلها ألفاظ تستثير هلعك بقوة، إنك تحاول جاهدا أن تمنع نفسك من اختبار الفشل وتحول دون وقوعك في الخطأ وهذا هو بالضبط ما يعرقل مبادراتك واتخاذك الاجراءات اللازمة. وإن قمت بمبادرتك ولكنها لم تثمر فإنك تسميها أعظم خبرة فشل وأقوى ضربة قاصمة وخطأ لا يمكن تداركه، ليس هناك من ينعم بثقة عالية بالنفس ولم يسبق له بخوض خبرات فشل كثيرة فما تسميه فشلا واخفاقا هو من أولويات ومستلزمات احرازك الثقة بالنفس.
وشرط أن تحول خبرات فشلك إلى أفضل خبرات وتميزها بفاعليتها في تطور وتنامي ثقتك بنفسك فالتساؤلات الايجابية تعزز الاعتزاز بالذات والثقة بالنفس.
فهناك أسئلة ايجابية: مثل، ماهي الأمور التي يمكنني أن استوحيها من عدم اثمار عملي؟ أي الأمور تعلمتها من هذه الخبرة؟ واحجم تماما عن استخدام لفظة "فشل". أما التساؤلات السلبية تستتبع بالطبع ردودا سلبية وانتقاصا للذات.
وهناك أسئلة سلبية: مثل، لماذا فشلت؟ لماذا لم أحقق نجاح؟ لماذا أفسد أية مبادرة اتخذها.
ففي نمط التفكير الايجابي وبمثل هذا الانطباع الذهني يكون دوما إما قد تحصل على نتيجة ايجابية ةاكتسبت خبرة مفيدة وأنت في كلا الحالتين قد أحرزت "النجاح والتوفيق" وتكرار اختبار النجاح يؤدي إلى الثقة بالنفس والصعاب قصيرة الأمد لا تدوم إلا لبرهة صغيرة فالديمومة هي نصيب الأشخاص الناجحين.
إن حجم نجاحك يتحدد بحجم إيمانك بقدراتك. وإن طريقة تفكيرك التي توجه وتقود ذكاءك هي أهم بكثير من قدر الذكاء الذي تملكه لذلك ننصح باتباع الارشادات التالية:
في كل عمل تقوم به فكر بأنك ستنجح لا تفكر أبدا بالفشل وإذا واجهت صعوبات حدث نفسك بالنجاح وفكر أنك ستتغلب عليها لا تقل "قد أفشل" أو"قد لا يمشي الحال" فإن تفكيرك بالنجاح سيكيف عقلك لإيجاد الوسائل والطرق للوصول إلى النصر.
فكر في الأعمال الكبيرة والأهداف الكبيرة فإن الجهد الذي تصرفه هو ذاته في الأهداف الكبيرة أو الصغيرة والفرق هو النتائج، فقط درب نفسك على تحقيق نجاحات أكبر فأكبر.
دائما ذكر نفسك بأنك الأفضل مما تظن لا تبخس بقيمتك أبدا. إن النجاح هو نتيجة العمل الدؤوب لتنمية الثقة بالنفس، لذلك ضع لنفسك برنامج تمرين وتعلم متواصل بالقراءة وتنمية الفكر والثقة بالنفس.
اضافةتعليق
التعليقات