ربما لا تفكر المرأة الغربية في العادات والتقاليد والإطار الاجتماعي؛ بل تفكر في ماذا هي تريد من مجتمعها، ولا تطلب من الإطار الاجتماعي أن يحدها تعد أن حريتها محيط لا حدود لهُ.
وقد لا تفكر الكاتبة في إخفاء الهوية عندما يلتقي المداد والصفحة البيضاء؛ لأن لديها من يتوق إلى بلوغ باقة كلماتها، فهي تعيش حياة امرأة في صفحات كتاب من دون قضبان تجتمع أفكارها بين دفتين.
أما فتاة المجتمعات التي تنصاع إلى العادات والتقاليد وتتزين يالإيطار الاجتماعي، فما زالت كما كانت، تحكمها العادات، وتحلم بالمشاركة في الرأي، والمناقشة في عالم تخشى منه قد يكون غابة حقيقية!.
عندما تقابلت ذات العادات والتقاليد، بتفكيرها المتمدن وتقاليدها الأصلية، مع عصر التنوير والتطوير، والثقافات المفيدة، لم تختل المعايير بل توازنت المعادلة وانبثقت عنها صياغة جديدة، لإمرأة متحفظة الطباع عصرية، فهي حين طالها التطور، تغيرت بتؤدة، وداخل نطاق قيمها وتقاليدها، وأثبتت أن لنا مجتمعات متوازنة، ترفض العزلة والانطوائية في أطرنا الاجتماعية لا يحجب عنها ضوء الحياة.
وفق برامج التواصل الاجتماعي أجرينا حوار تفاعلي فكانت أولى الإجابات:
مرآة المجتمع
لم تحد براق الموسوي/ طالبة في كلية الطب عن العادات والتقاليد في إجابتها فظاهرة إخفاء الهوية منتشرة لدى مختلف الشرائح العمرية، وتقول: إن هناك أسباب عدة، منها موضوعي، وكثير منها غير موضوعي أولها الذي يعتمد على الوضع الاجتماعي، الذي تسعى المرأة العربية في التركيز على تثبيت قواعده من أجل أجيال تحافظ على المبادئ الإسلامية، وأجده سبيلا سهلا في أن تضع المرأة العربية قواعدها أمام غيرها من نساء المجتمعات.
ابتزاز نظيف
فيما تجد ذكاء داخل الظالمي/ كلية الهندسة الكيمياوية، تخفي بعض النساء أسماءهن الحقيقية خوفا من الابتزاز لدى بعض الناس الذين ينظرون للمرأة نظرة دنيئة أو يخترقون بعض الحسابات ويقومون بنشر بعض الخصوصيات ولهذا تكون أقل خوفا من التعرض لهذه المشاكل، فهي تعده نوعا من أنواع العنف وابتزاز بعض الرجال للمرأة والحد من انتشار قدراتها في جميع المجالات.
سخاء
تجد دعاء قاسم الحجامي/ جامعة المثنى أن أغلب النساء ترنو إلى العالم الافتراضي، للتحدث والنقد بصراحة في شتى المواضيع، وحتى يتسنى لها في بعض الأحيان الحصول على الاستشارات التي تمنحها حياة ذات قيمة، وأن تكون ذات هدف، وتجد: "أن هذا العالم الافتراضي نافذة ذات سخاء معرفي فيما إذا تحددت الصفحات الهادفة التي تتابعها".
القناع
وتتفق مودة سمير العلاق/ كلية الطب بأن يستخدم الكثيرون الأسماء المستعارة قناعاً وخوفاً من قول الحقيقة في وجه المجتمع، فيتحرر من شخصيته الواقعية التي يراقبها كل من يعرفها، ويرى أنه أكثر انطلاقاً، ويمرر إنتاجه عبر منافذ ليست فيها مراقبة الفضوليين، وأن اختيار الأسماء المستعارة ليس نقصاً في الثقة، أو رغبة في تجاوز الخطوط الحمراء، إنما هو هروب من مجتمع كامل يتصادم معه، فيختار الطريق الأسلم، ليعبر عمّا لا يستطيع قوله في عالم الواقع.
النقاب
لمعت عينا رقية عبد العظيم محمود الموسوي/ طالبة طب أسنان عندما أجابت: "تلجأ الكثير من النساء العربيات إلى استخدام الصور والأسماء المستعارة لتصبح نقاب المرأة وستارها عبر صفحات التواصل الاجتماعي، حيث تتخفى النسبة الأكبر من رائدات التواصل الاجتماعي خلف صور الفنانات أو صور الأطفال أو صور الورود..، حل يضمن لهن حسب رأي البعض خصوصيتهن في المجتمع الافتراضي. ويجنبهن الكثير من الانتقادات والضغوطات التي يفرضها عليهن المجتمع الذي يرفض في الغالب نشر صور النساء عبر صفحات التواصل الإجتماعي.. وهذا التخفي وراء الصور والأسماء المستعارة هو سلوك طبيعي في مجتمع ذكوري شرقي يُرهب المرأة من الإفصاح عن ذكر هويتها، فيُسهل لها هذا الطريق مسايرة التطور الإجتماعي والالتزام بحدود ما يسمح به المجتمع والعائلة.
كما أن بعض العوائل العربية تخشى على بناتها وزيجاتها من التعرض إلى التحرش والابتزاز الإلكتروني على الرغم من أن بعض النساء قادرات على حماية أنفسهن والكثير منهن على مستوىٍ عالٍ من الدراية والثقافة، فإن وصلت المرأة درجات عالية من النجاح في العديد من المجالات لكن هذا لن يشفع لها عند المجتمع الشرقي العربي ليفرج عنها من أفكاره المحدودة التي لا تزال ترى في المرأة الكثير من النقص.
معادلة ذات حل مبهم
"إن الأمر ليس وكأنه الحل الأفضل"، كما تقول آية فراس الشمري/ طالبة طب أسنان:
"وأجد سبباً مقنعاً لكن بسبب أكثر القضايا شيوعاً في المجتمع العربي والعالم أيضاً ألا وهي التحرش الالكتروني "أفضل تسمية بالنسبة لي.. إذ تلجأ أغلب النساء أي بحوالي ٧٥٪ أو أكثر لاستخدام أسماء مستعارة أو من الممكن أن تزيف الهوية.. البعض يتخذ من هذه الطريقة لتلافي هذا الأمر.. إضافة إلى سبب آخر ألا وهو التدخل من قبل الأقارب أو حتى الغرباء.. هذا الصنف من الناس الذي يحب أن يدخل نفسه في شؤون غيره."
وأضافت إلى أن المجتمعات النسوية العربية ككل لا تحبذ هذا التدخل إلا بعض الحالات المختلفة.. من الممكن القول أنهن يتخذنها كوسيلة حماية.. سواء من الجنس الآخر أو حتى التعليقات والأمور غير مرغوب بها.. فتستخدم اسماً مستعارا أو تزييفا كأن تقول أنها رجل أو لا تستخدم ما يوضح للمقابل ما إن كانت امرأة أو رَجـلا.. وهناك البعض من يـَقوم بالسخرية أو النقد اللاذع.. فتجد أنها بتزييف أو حتى إخفاء هويتـها على منصات التواصل الاجتماعي تقلل فرص التعرض لها بأي شكل من الأشكال..
يبقى الإنسان تواقا إلى نزعة الأنسنة مع غيره من أفراد المجتمع، إلا أنه لا يأمن التفاعل الاجتماعي مع آخر خارج العقل الضمني، فيجعل من اختار إخفاء الهوية في أن (الأنا) لم تستقر وتستودع مع الـ (نحن).
اضافةتعليق
التعليقات