تعد لافتات إعلان التخفيض وخصم التسعيرة للمنتجات على واجهات المحلات التجارية بشكلها المؤقت، إحدى استراتيجيات الدعاية والإعلان الناجحة في العالم، ولكن في المجتمعات الشرقية الكثير يعتبرها فخا للإيقاع بالمستهلك.
لأسباب كثيرة منها أن التخفيضات تصل إلى 50 بالمائة مما يثير ريبة وشك عند المشتري، كذلك يقوم التجار برفع قيمة المواد ثم الاعلان عن تخفيضات لسعرها وفي المحصلة الأخيرة البيع يكون بحسب ما يريده المعلن أو هناك سلع تسمى من الدرجة الثانية وهي أقل جودة ومتانة فيعلن عنها على أساس أسعار مخفضة، وهذه الأساليب الكاذبة يصدقها ويقع في مصيدتها البعض.
في الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة تخفيض الخدمات المقدمة في الصالونات عبر ترويجها في صفحات "الفيس بوك" وبعض وسائل التواصل الاجتماعي مثل (الانستغرام، الواتساب، والتلكرام)، انتشرت كذلك صفحات "فيسبوكية" لأطباء أيضا يعلنون خدماتهم، وأغلبهم هم أطباء تجميل، وهو شيء جيد وايجابي ما يقومون به وعرض قبل وبعد العمليات التجميلية لترغيب وتوعية الكثير من الناس الذين يعانون من مشاكل جسدية بسبب تقدم العمر أو السيدات من آثار الحمل وما شابه أو تشوهات لحوادث مهما كانت بسيطة أو معقدة.
ولكن السلبي في الأمر هو عروض التخفيضات التي تقدم دون أي استعداد لصاحبة الصالون أو الطبيب بتخفيض فعلي وهي عروض ترويجية وهمية هدفها جذب الزبائن، حملت الكثير من التلاعب وهدفها استدراج الزبونات فقط.
وهذا الأمر مناف للأخلاق وللأمانة ويدخلنا في مأزق أخلاقي ويفقد ثقة المراجع أو الزبون، بعض الأشخاص أبدى رأيه بهذه الظاهرة السلبية وتحدث لنا عن موقف مر به:
سعد الجبوري صاحب محل يقول: التخفيضات الموجودة في الأسواق منها الوهمي ومنها الحقيقي بحسب أخلاق المحال التجارية فمنهم فعلا يعلنون عن تخفيضات، الأسباب مادية إما لجذب زبائن لقلة المشترين أو تصفية محلاتهم لجلب تجارة جديدة أو تغيير نوع تجارتهم.
وأضاف الجبوري، ليس هناك رقابة قانونية في التلاعب على الناس لهذا يبقى صاحب المحل حسب أخلاقه وأمانته وصدقه مع زبائنه.
تقول السيدة أم كيان: قرأت إعلانا في (بيج) تابع لدكتور تجميلي كان قد أجرى عملية شد بطن لإحدى صديقاتي بسبب تشوهات الإنجاب، وكان إعلانه تخفيض أجور العملية، شجعني هذا الاعلان ولكن عندما ذهبت له وجدت أنه قد رفع سعر العملية وكان متقلباً بالكلام مما جعلني أشعر بتعرضي للاحتيال، في الحقيقة أحبطت كثيرا وفقدت الثقة به فأهم شيء هو الثقة بين المراجع وطبيبه.
وتكلمت أم رهف عن تجربتها قائلة: قرأت إعلانا يوما على حقائب نسائية وكان الاعلان (تشتري واحدة وتأخذ علبة متكونة من 3 قطع مكياج) واشتريتها وأنا سعيدة جدا ولكن بعد فترة وجدت أن سعر الحقيبة أغلى مما هو موجود في السوق وعندما حسبت سعر الحقيبة مع المكياج وجدت السعر يشابه ما موجود في السوق وشعرت بتعرضي للخداع، وأخذت عهداً على نفسي أن لن أشتري أي شيء إلا بعد معرفة سعره في السوق.
سيدة ولاء محسن تقول: ذهبت لصالون نسائي كان قد عرض اعلانا تخفيضيا لخدماتهم بخصم 10 بالمئة لكافة الخدمات ولكن عند ذهابي وجدتهم قد رفعوا الأسعار قبل أيام ثم أعلنوا تخفيضات فكانت الأسعار نفسها دون تخفيض، لهذا أنا لا أصدق أي اعلان لخصم التسعيرة.
قانون التسعيرة
تنص المادة (9) من قانون تنظيم التجارة العراقي عن الامتناع للبيع بسعر أعلى من السعر المقرر إلّا أنّ بيان وزارة التجارة رقم (4) لسنة 1983 حرمت البيع بأقل من سعر الكلفة من دون الحصول على موافقة وزارة التجارة، وقد تبدو هذه الجريمة غريبة نوعا ما إلّا أنّ الواقع يؤيد وجودها وإن كانت نادرة الوقوع وذلك للحفاظ على ضمان استقرار السوق التجارية، وإنّ الامتناع عن البيع للسلعة بأسعارها المحددة يعد جريمة، والتسعير الجبري قصد به تمكين المستهلك من الحصول على ضروراته بثمن مناسب وعدم اتاحة الفرصة لاستغلال حاجة بعض الأفراد وقد أوجب القانون الإعلان عن أسعار السلع.
كما أنّ عملية فرض سلعة على المشتري بشرائها وتعليق البيع على أيّ شرط يكون مخالفا للعرف التجاري ويحرمه القانون وقد وضع المشرع العراقي عقوبات على مرتكبي جرائم مخالفة التسعيرة إذ يتسع معنى العقوبة في جرائم التسعير ليشمل العقوبات الأصلية والتكميلية.
وبمقتضى المادة (9) من قانون تنظيم التجارة عاقب المشرع على البيع والامتناع عن البيع بالسعر المحدد بالسجن مدة لا تزيد عن سبع سنوات أو الحبس مدة لا تقل عن سنتين، واعتبرها من الجنايات كما عاقب بمقتضى أحكام المادة ( 16) من قانون تنظيم التجارة بالحبس مدة لا تزيد عن أربعة سنوات ولا تقل عن سنتين على جريمة البيع بأقل من سعر الكلفة على حسب الفقرة تاسعا من بيان وزارة التجارة رقم (4) لسنة 1983 بالإضافة إلى عقوبة المصادرة بمقتضى أحكام المادة (8) من قانون تنظيم.
ختاما، تعتبر لافتات التخفيضات والخصومات المعلنة لمجرد إيهام المشترين بأن التخفيضات صحيحة، أسلوبا خادع ومنافيا للأخلاق الإسلامية الحميدة، وأحد أهم الأسباب التي تشجعهم لاستخدام طرق مختلفة لخداع الناس هو اهمال المسئولين ذات العلاقة، وعدم تطبيق القانون بشكل الصحيح.
ومن ضمن الحلول المطلوب والضرورية، هي حملات تفتيشية مستمرة على المحال التجارية، للتأكد من سعر المنتج بعد التخفيض وكذلك مراقبة الأسعار المثبتة من خلال الأسعار الالكترونية في المحال التجارية ومقدمي الخدمات، قبل وبعد الاعلان للتأكد من عدم رفع السعر قبل عملية التخفيض.
كما على المستهلك التقدم إلى وزارة التجارة ببلاغ تجاري في حال تعرضه للخداع، حفاظا على حقوقه والسلامة العامة لباقي المستهلكين.
اضافةتعليق
التعليقات