وسط هذا الصخب الذي يحيطنا من اكتساح التكنولوجيا بات وحي الطفولة البريء في خطر محتم, لما يتخلله ذلك الاكتساح من تقنيات تفوق المستوى الفكري لديهم, ضمن سلسلة الألعاب الإلكترونية التي تحتوي عليها الأجهزة الذكية, أو الملموسة يدويا من نفس شاكلتها, إذ إن أغلبها تذكرهم بأدوات الحرب كالمسدس, والرشاش, والدبابة, والطائرة التي يتشوقون لاقتنائها, فضلاً عن التردي الذي يعيشه البلد ببعض مفاصله, وأهمها ما تتناقله وسائل الاعلام للعنف ضد الأطفال ومشاهد القتل والتفجيرات.
كلها عناوين صاخبة, لا يمكن تجاهلها إذ إنها تخلق ممهدات لانتشار مظاهر العنف, وزرع أفكار تشوبها المخاوف في مخيلة الأطفال.
فإن الاضطراب الفكري الذي يصيبهم من خلال متابعتهم الدؤوبة لهذه المنظومة, التي تخترق مخيلتهم بصور شتى مثل العنف والقتال ولربما تجرهم خلف أذيال مشاهد أخرى مخلة للأدب, تؤدي إلى هزيمة السلوك المنضبط وبوابة الفوضى الأخلاقية.
إن هذه القضية تصبُ في شريان النسيج الاجتماعي وما يستجد في المستقبل, فإننا اليوم كمن يدخل حقل ألغام وعليه أن يتوخى الحيطة والحذر أين يضع قدمه, لذا يتوجب علينا أن نكون حريصين على وضع الحلول المناسبة, والسبل الكفيلة للتصدي لهذه القضية وتفادي أضرارها.
إذ من الممكن أن تتمثل بدايتها بعمل الأطفال دون السن القانوني لما تعايشه العائلة العراقية بوضعها الاقتصادي الراهن.
فلا ضير أن يتحمل الأبناء جزءاً يسيرا من المسؤولية من خلال العمل ولكن في العمر المناسب, والمكان المناسب, ومع الشخص المناسب.
ولنلتفت إلى العوائل الميسورة والمترفة بارتباط أطفالهم بقشور التكنولوجية, حول ما تحمله من قوة جذب يقع ضحيتها الكبار قبل الصغار, إذ يتوجب على الفرد أن يحرص بالإمساك في زمام الأمور لتحجيم وقت معين لممارسة الأنشطة الإلكترونية سواء إن كانت مرتبطة بالعمل, أو التسلية, أو التصفح.
والاهتمام بجدية وحذر شديد للوقت الذي يستغرقه الطفل بهذا الجانب, فنحن نعلم أن الأطفال جزء لا يتجزأ من منظومة المجتمع وهم كالورقة البيضاء ونحن من نملي عليهم النتائج, فلا نعمل كمن يشعل النار ويبحث عمن يخمدها, بل نسعى لعدم اشعالها بتاتاً.
لأن أغلب صفات الأطفال هي نتاج لمفهوم ثقافة التقليد, إذ يرتبط بطبيعتهم وكينونتهم, ولا ينقذنا من هذه الأزمة إلا فضاء الفكر الذي يمدنا بالمعالجة الحقيقية والاسهام في رفد شخصيتهم.
ولابد من وضع برامج وبحوث ودراسات من شأنها الاهتمام والارتقاء بواقعهم, والمسؤولية تكون هنا مشتركة يتحمل وزرها كل من مؤسسات الدولة, ومؤسسات المجتمع المدني.
اضافةتعليق
التعليقات