"خضوع"
كعادتي ارتّب اغراضه في حقيبته الزرقاء بتناسق، جميع ما يحتاجه و ما لا يحتاجه ربما، حتى لا يشعر بغربة في سفره او بعدم وجودي الدافئ بقربه، فهو كما يقول بأنه لا يستطيع مفارقتي بل انني بمثابة الاوكسجين لديه يختنق من دوني ايضاً..
إذن كيف يقوى على السفر كل هذه المدة الطويلة و الإختناق بعيداً عني..
"إفراط في الحب"
لا بأس فأنا احبه على اية حال فهو والد اطفالي الخمسة و عشيق روحي الهائمة به و رب منزلي الجميل، هو املي الكبير في هذه الحياة، انا ارى نفسي فيه و في عينيه العسلية تحديداً، محالٌ بأن يرى غيري في هذا الكون، هو قال لي، هو قال بأنني بلقيس حياته، بأنني ملكة حياته و هو اميري، فأنا أثق فيه اكثر من ثقتي بقلبي و بروحي و بأنفاسي، فربما جميع تلك الأشياء تخونني و لكنه لن يخونني ابداً.
أنا اعيش لأجله..
حينما اكمل ترتيبي لملابسه في الحقيبة اضع حبات الصابون التركي في زواياها كما يحب، حتى تفوح رائحتها الباردة، المهم أن احقق جميع ما يحب، هذا المهم.
"ثقة عمياء"
يوم الأحد الموافق 4/6 الساعة السابعة صباحا هي رحلته للدولة القريبة تلك.. لم انم طوال الليل خشية ان انسى حاجة مهمة لم اضعها بحقيبته، اراقب عينيه الغارقة بعمق النوم، وانفاسه الهادئة، تارة ابكي و تارة اخرى اربت على كتفي و اقول لا بأس فعمله يتطلب هذا السفر..
ايقظته من النوم و احضرت له مائدة الافطار كما يحب، ثم ودّعته بحرقة و لهفة للقياه من جديد.. اما هو فكان يذهب ببهجة غريبة، فرحة كان يضمرها تحت صمته و لكن نظرة عينيه تفضحه، حماسه للذهاب يفضحه، ذاك الشغف الذي كان يرتدي به ملابسه كان فاضح جداً ايضاً!
احسنت ظني به كعادتي، فالمسافر دائماً يذهب على هذه الهيئة و لكن..... لماذا كل هذه البهجة؟!
"تحمّل الإسقاطات"
كانت مدة سفرته هذه شهرا كاملا، بذاك الشهر كان يجب علي بأن اكون الام و الاب، الاخت و الاخ ايضاً لأطفالي، فهم لم يعودوا صغاراً كي امارس طقوس الام معهم بأريحية، اطفالي الآن بسن المراهقة.. إعتاد بأن يترك حملهم على كتفي لأنني كما يقول كفؤاً لهذه المسؤلية، في الحين الذي يعلم هو بأنني حساسة جداً و احتاج كتفاً لأتكئ عليه حين تنتابني الحيرة و التعب.
أنا وحيدة و لكنني لست وحيدة بعينه، يقول لي لا تتذمرين فأطفالك الخمسة بحذاك و كل ما في الامر شهر واحد فقط وسينتهي.
يا ترى من سيشعر بهيجان احاسيسي الداخلية بتلك المدة، حتى جسدي الذي اصغر بداخله كلما يكبر يرفض ذلك، فيراني إمرأة ناضجة يجب ان لا تتذمر لا تحزن و ان تتحمل مسؤلية الجميع ايضاً كونها إمرأة و كونها أم و زوجة..
اطالب بحقي من الأنوثة، انا لم اتعدَ عقدي الرابع من العمر، اطالب بحقي الذي يداس تحت كاهل المسؤليات..
لا بأس لا بأس، هو في رحلة عمل الآن، سيرجع و ستبتهج روحي مرة اخرى، لا بأس.
"خيانة"
اليوم الأحد الموافق 4/13..
في الصباح الباكر جداً لذت بجانب النافذة لإستنشاق الاكسجين المسروق من رئتي خلال هذا الاسبوع منذ رحيله، كانت الشمس تتدلى بخجل من تحت الظلام لتشرق بهدوء و العصافير تغرّد بحب، و حفيف الاشجار يدلّك اعصابي التالفة..
بتلك اللحظات طُرق الباب، تجاهلت لطرقه فمن سيأتي في هذا الصباح الباكر جداً!
لم يجدي تجاهلي نفعا، فطرق الباب هذا لا يتوقف!!
ايقظت ولدي الاكبر ليرى الامر، عندما عاد كانت بيده باقة حمراء جميلة جداً، كتلك التي كنت احملها بيدي يوم زفافي، فزوجي هو الذي اختار لونها، كان يقول اريد الورد احمراً كما وجنتاك الخجِلة..
امسكتها بحب واحتضنتها، قبّلتها و شممت رائحتها بود، فحتماً هي مرسلة من زوجي حبيبي.. اما ولدي ينظر لي بغرابة، اعطاني مع تلك الباقة ظرف جميل يشبه دعوات الاعراس الفاخرة و قال اقرأيها امي..
لم تكن بطاقة دعوة، بل كانت تهنئة، شركة زوجي الذي يعمل بها تعلم واجبها جيداً، تبعث له برقية تهنئة بزواجه الجديد..
زواجه.. ولكن كيف؟! فهو يقول سفر عمل، و هو يدّعي بأنها رحلة عمل و هو يحلف ايضاً بأنها بعثة عمل!!
_والدي تزوج يا امي.. و السائق الذي اتى بالباقة يقول بأنها كانت عشيقته منذ زمن و الآن اعلن زواجه منها.
"كالقط السمين "
لست بصدد التساؤل عن سبب زواجه!
لست بصدد التساؤل عن المرات التي إلتقى بها دون علمي، عن الأكاذيب التي لفقها حتى يفر مني اليها..
انا اعلم قدري، انا ثمينة جداً و ربما زواجه هذا يبدي عدم تحمله لقدري الشامخ..
من قال بأنني سأنكسر، هو الذي سيتهاوى حينما يرى عدم إهتمامي لجشاعته، فليستمتع بالمثنى و الثلاث و الرباع و ما ملكت الايدي ايضاً..
لن انكسر لكل هذا، بل سأبقى بمكاني محاطة "بأطفالي.. نعمتي و رحمتي" لن استجدي الحب منه بل ساُغرق نفسي بالحب، تلك النفس التي تجاهلتها لأجله و لأجل تلبية حاجاته.. و سأنتزع روحي منه بهدوء لأنها واحدة فقط بعكسه هو الذي يمتلك سبعة ارواح ك القط السمين..
اضافةتعليق
التعليقات