المتتبع لحياة الرسول الأكرم وأفعاله وأقواله لا يضل الطريق أبدا، فهي مرآة الحق الصافية والشمعة المتوقدة لعتمة القلوب ودواء لأمراض النفوس واليد التي تلوح للجميع بالوجهة الصحيحة فلايحتار كل من اتخذها سبيلا في أمر من أمور الدنيا مهما غرته بمباهجها وزينتها وأساليبها المتغيرة.
ومن بين المبادئ الإنسانية والأخلاقية التي وضعها الرسول الأكرم فعلا وقولا ليتخذها أهل الحكمة والمعرفة والمؤمنين طريقا يسيروا عليه قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إنكم ألا تفعلوا ذلك، تكن فتنة في الأرض وفسادا كبيرا) والفعل جاء مصدقا من عنده حين زوج ابنته سيدة نساء العالمين وبنت النبوة الزهراء (عليها السلام) لابن عمه علي ابن أبي طالب عليه السلام فقير المال غني الإيمان والتقوى وكان مهرها أربعمائة درهم سود هَجَرية وهو ثمن درع علي ابن أبي طالب بعد أن باعه لعثمان .
يقول أبي يزيد المدني: (لمّا أهديت فاطمة إلى عليّ (عليهم السلام) لم تجد عنده إلاّ رملاً مبسوطاً ووسادة وجرّة وكوزاً) ماابسطه من مهر أمام هذا النسب العظيم والسيدة الجليلة!.
وهذا السلوك الاقتصادي الديني الناجح لم يتـأمله ويفهمه ويطبقه إلاّ من رحمهم ربي وهم الفئة القليلة في بلاد المسلمين.
فزحمة الأفكار والرغبات والجري المستميت وراء العز والمال والجاه نسينا أو تناسينا وأهملنا بإرادتنا وليس غصبا عنا المثل الحي الذي اهداه الينا رسول امتنا.
حتى أصبح الشاب اليوم يواجه ضغوطا كثيرة عندما يخطط للزواج، فأهل البنت معيارهم الأول المال والنسب وإذا كان فقير الحال ستقف بوجههم الفوارق المادية وتقطع باب الأمل والرجاء في أن تكون تلك الفتاة يوما زوجته حتى لو كانت هي نفسها تريده وتتمناه، ويعتبر أيضا مدخل مهم لفهم إخفاقات وفشل الكثير من المتزوجين كون الزواج تم على أسس خاطئة، وفتنة الأرض والفساد الكبير الذي أنهى الرسول الكريم حديثه وحذر المسلمين منها نراها ونشاهدها ونسمع بها وهي في تزايد مستمر. فعزوف الشباب عن الزواج ولجوءه إلى أمور مخالفة للدين من اجل التنفيس وإشباع رغباته وارتفاع حالات الطلاق وانتشار ظاهرة التحرش في الشوارع والانتهاكات الإنسانية والمساوئ الأخلاقية المستفحلة في شبكات التواصل المتنوعة ماهي إلاّ فتنة في الأرض وفسادا كبيرا.
وينتابنا تساؤل عن سبب ارتفاع المهور؛ هل سببه ارتفاع المستوى المعيشي أم تماشيا مع العصر ومواكبته، أو هو جشع النفوس والتفاخر والتباهي، أم تطبيق للمفهوم المغلوط الذي يقول: (كلما يعلوا مهر العروس يعلوا شانها وتصبح مهيوبة عند أهل زوجها) وان كان هذا أو ذاك فأين النموذج والحكمة وسبيل الرشاد الذي وضّحه لنا رسولنا الأكرم!.
على الأهل أن يتقوا الله في بناتهم ويعوا إنهن كالفراشات وسط الدبابير لسعة منهم ترديهن قتيلات، فاسعوا لتسكنوهن مع أزواجهن تحت شروط وأسس دينية صحيحة.
اضافةتعليق
التعليقات