• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

لا تقتلوا أرواح أطفالكم

زينب شاكر السماك / السبت 22 شباط 2025 / حقوق / 855
شارك الموضوع :

كونوا لأطفالكم الدفء الذي يحتاجونه، قبل أن يبحثوا عنه في قلوبٍ لا تعرفهم

كنت طفلة صغيرة، أركض بين الأغصان، أطارد الفراشات، وأضحك مع العصافير التي كانت تغني لي، وكأنها تحتفل بوجودي. كنت أظن أن بيتي الصغير، بأبوابه الفولاذية المرصعة، هو حصني الآمن وسط الغابة، حيث لا شيء يمكنه أن يزعزع سعادتي. لكنني كنت مخطئة…

في كل مرة أفتح فيها باب ذاك البيت الذي كنت أحبّه، يتلاشى الدفء فجأة، وأجد نفسي أمام جدران ممزقة، لا تروي سوى حكايات الصمت والخوف. لم يكن البرد الذي أشعر به ناتجًا عن الطقس، بل عن جمود المشاعر التي خيّمت على المكان. بين أبي وأمي، لم تكن هناك لغة سوى التوتر والصراخ، أصواتهما كانت تصدح في زوايا المنزل، تملأ الفراغ بين الجدران، وتترك في قلبي فراغًا لا يُسدّ.

كان بيتنا حلبة معركة، حيث الكلمات تجرح أكثر من السيوف، والنظرات تحمل بين طياتها سهامًا من اللوم والخذلان. كنت أختبئ تحت الطاولة، أضمّ ركبتي إلى صدري، وأحاول أن أصنع لي عالمًا آخر من الخيال، عالمًا لا تصله أصوات الاتهامات، ولا يعرف معنى القسوة. لكن مهما حاولت الهروب، كانت الحقيقة تتسلل إلى خيالي، تلوّث ألوانه، وتحطم جدرانه الوهمية. كان بيتنا دائما منشطراً إلى شطرين وإلى رأيين لم تجمعنا يوما مائدة طعام وكل جلسة بها نوع من الدفئ تنتهي برماد نار حامية يوميًا، كان يسقط حجر، ويومًا بعد يوم ينهار جدار، حتى أصبح الدار خاويًا ومنقسمًا، مثله مثل القلوب التي سكنته.

لم يكن أبي ولا أمي يدركان أنني كنت أكبر في الظل، أتلاشى شيئًا فشيئًا مثل ورقة خريفية لا يشعر أحد بسقوطها. كانا مشغولين بمعاركهما الخاصة، بتوزيع اللوم، بتحطيم بعضهما البعض بكلمات جارحة، حتى نسيا أن هناك طفلة تقف بينهما، تنتظر أن يمنحها أحدهما ذراعًا تحتويها.

لم يسألني أحد عن دراستي، لم يهتم أحد بما إذا كنت قد تناولت غدائي أو بكيتُ في الليل. كنت أذهب إلى المدرسة بجسد حاضر، لكن بروح غائبة، كنت أشعر أنني مختلفة عن زميلاتي، أنني أنتمي لعالم آخر لا يعرفونه. عالمٌ تملؤه الصراخات والدموع الصامتة. كبرت وأنا أبحث عن الحنان في وجوه الغرباء، في كلمات أساتذتي، في ابتسامة عابرة من صديقة، لأن البيت الذي يفترض أن يكون مصدر الأمان، لم يكن سوى سجنٍ من الجليد.

أيها الآباء، قبل أن ترفعوا أصواتكم، قبل أن تتقاذفوا الاتهامات، وقبل أن تغرقوا في معارك لا نهاية لها، تذكروا أن هناك عيونًا صغيرة تراقب، وقلوبًا هشّة ترتجف، وأرواحًا لم تُخلق لتحمل هذا الألم.

قد تظنون أن مشاكلكم تخصكم وحدكم، لكن الحقيقة هي أن أطفالكم هم أولى ضحايا خلافاتكم. كل صرخة تطلقونها، كل كلمة قاسية، كل نظرة ازدراء، تترك ندبة في قلب صغير لا يعرف كيف يداوي جروحه. الطفل الذي ينشأ في بيت مشحون بالصراخ والخلافات، يكبر وهو يشعر أنه غير مرئي، غير مهم، غير محبوب. يتعلم أن العائلة ليست مكانًا آمنًا، بل ساحة معركة يجب عليه النجاة منها.

لا تقتلوا براءة أطفالكم، لا تدفعوهم للعيش في خوف دائم، لا تجعلوا من بيوتكم سجونًا بلا قضبان. تذكروا أن الطفل الذي يُحرم من الحب في صغره، قد يقضي عمره كله يبحث عنه في الأماكن الخاطئة. كونوا لأطفالكم الدفء الذي يحتاجونه، قبل أن يبحثوا عنه في قلوبٍ لا تعرفهم، وكونوا لهم الأمان، قبل أن يصبحوا غرباء حتى عن أنفسهم.

الاب والام
الطفل
التربية
صحة نفسية
السلوك
الاسرة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    تأملات عند شاطئ الرضا

    نيران خافتة

    فوائد العسل الملكي..ما أبرز استخداماته؟

    في ضيافة أنيس النفوس

    سرابُ "يوماً ما"

    رحيل ناعم

    آخر القراءات

    أنا الذي سمتني أمي حيدرة

    النشر : الأحد 09 نيسان 2017
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    عنوسة أم أزمة رجال؟

    النشر : السبت 21 كانون الثاني 2017
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    عشاق الشوكولاتة في مأمن من اضطراب ضربات القلب

    النشر : السبت 27 آيار 2017
    اخر قراءة : منذ 19 ثانية

    وزيرة دنماركية: الصيام خطر علينا

    النشر : الأربعاء 30 آيار 2018
    اخر قراءة : منذ 27 ثانية

    كيف نودع شهر رمضان؟

    النشر : الخميس 13 آيار 2021
    اخر قراءة : منذ 34 ثانية

    المعايير الأخلاقية وعلاقتها بمكافحة الفقر حسب منظور الامام علي

    النشر : الأربعاء 20 آذار 2019
    اخر قراءة : منذ 36 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    في ذكرى جدتي التاسعة عشرة

    • 377 مشاهدات

    كيف يتحقق الاحترام عبر اللهجة العراقية؟

    • 371 مشاهدات

    الابتلاء.. دروس مستفادة

    • 350 مشاهدات

    رحيل ناعم

    • 349 مشاهدات

    لا ضماد لجرح الجبل

    • 347 مشاهدات

    هل سيتمكن الذكاء الاصطناعي من علاج جميع الأمراض؟

    • 333 مشاهدات

    مهرجان الزهور في كربلاء.. إرثٌ يُزهِر وفرحٌ يعانق السماء

    • 2264 مشاهدات

    من التعب إلى الصمت: رحلة المرأة من الإرهاق إلى الاحتجاج الصامت

    • 1900 مشاهدات

    يوم الكتاب العالمي: إشعال شموس المعرفة بين الأجيال وبناء جسور الحضارات

    • 1301 مشاهدات

    من كربلاء إلى النجوم... طفل السبع سنوات يخطف المركز الأول مناصفة في الحساب الذهني ببراءة عبقرية

    • 1271 مشاهدات

    جعفر الصادق: استشهاد نور العلم في وجه الظلام

    • 1130 مشاهدات

    الشهادة الجامعية بين ضوابط التربية وسلوكيات التعليم

    • 904 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    تأملات عند شاطئ الرضا
    • منذ 20 ساعة
    نيران خافتة
    • منذ 20 ساعة
    فوائد العسل الملكي..ما أبرز استخداماته؟
    • منذ 20 ساعة
    في ضيافة أنيس النفوس
    • الأربعاء 07 آيار 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة