استعان علماء باحثون بالذكاء الاصطناعي للتنبؤ بـ 800 ألف عامل مضاد حيوي محتمل. وقال الباحثون إن المعركة ضد عدوى مقاومة مضادات الميكروبات سارت أكثر جدية.
تقتل العدوى المقاوِمَة للمضادات الحيوية الملايين من الأشخاص كل عام. بمقدور هذه الأنواع من العدوى إعادة البشرية إلى العصور المظلمة، عندما كانت الالتهابات الشائعة مثل التهابات المسالك البولية (UTIs) أو الالتهاب الرئوي قاتلة وغير قابلة للعلاج.
تحدث مقاومة مضادات الميكروبات (AMR) عندما تطور الجراثيم المسببة للعدوى - البكتيريا أو الفيروسات أو الفطريات - طرقًا للتغلب على الأدوية المستخدمة لعلاجها. وقد أصبح الإفراط في استخدام المضادات الحيوية، في أماكن مثل مزارع تربية الدواجن وعيادات الرعاية الصحية، هو المحرك الرئيسي لمقاومة مضادات الميكروبات.
الخبر السار هو أن لجنة علمية، تحقق في الآونة الأخيرة، تقدما كبيرا في المعركة ضد مقاومة مضادات الميكروبات. وقال لويس بيدرو كويلو، عالم الأحياء في جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا "لا تزال مقاومة المضادات الحيوية بعيدة عن الحل، ولكن هناك تقدم كبير في فهم وممارسات أفضل لاكتشاف مضادات حيوية جديدة، تتغلب على مقاومة مضادات الميكروبات".
وقاد كويلو فريقاً أجرى دراسة جديدة نشرت في مجلة Cell العلمية، قدمت قاعدة بيانات ضخمة لما يقرب من مليون مركب مضاد حيوي محتمل.
وقال سيباستيان هيلر، عالم الأحياء في جامعة بازل في سويسرا، إن الدراسة دليل على أننا يمكن أن نكون متفائلين بشأن مشكل مقاومة مضادات الميكروبات: "هذا نموذج من الأبحاث المستمرة التي تظهر القدرة العلمية لمكافحة العدوى القاتلة".
استخدمت الدراسة التعلم الآلي للبحث عن عوامل المضادات الحيوية المحتملة في قاعدة بيانات ضخمة من الميكروبات التي تعيش في بيئات مثل التربة والمحيطات وأمعاء الإنسان والحيوان.
وقال هيلر "تقاوم البكتيريا بعضها البعض باستمرار في هذه البيئات، باستخدام الببتيدات التي يتم إطلاقها ضد البكتيريا الأخرى لقتلها. وقد استخرج الباحثون هذه المساحة من الببتيدات المضادة للمضادات الحيوية واكتشفوا بعض الأسرار".
قامت الخوارزمية بغربلة مليارات تسلسلات البروتين المحتملة وتضييق نطاقها وصولاً إلى تلك المضادة للميكروبات المتوقعة. في المجمل، تم التنبؤ بوجود 863,498 ببتيدًا جديدًا مضادًا للميكروبات، أكثر من 90% منها تم اكتشافها أول مرة. وقال كويلو إن جميع الببتيدات تقتل البكتيريا بنفس الطريقة، أي عبر تعطيل أغشية الخلايا التي تحمي البكتيريا.
لمعرفة أي من هذه الببتيدات يمكن أن يكون مفيدًا كمضادات حيوية، قام الباحثون باختبار 100 ببتيد ضد 11 سلالة بكتيرية مسببة للأمراض في المختبر. ووجدوا أن 79 ببتيدًا عطل الأغشية البكتيرية و63 ببتيدًا استهدف على وجه التحديد البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.
اختبر الباحثون أيضًا المركبات في الفئران المصابة بخراجات جلدية، لكن ثلاثة فقط من الببتيدات أظهرت تأثيرات مضادة للميكروبات في الجسم.
سيد ماجد مدرسي، باحث من جامعة بازل في سويسرا، اعتبر أن هذا الاكتشاف "يشير إلى أن فعاليتها قد تكون محدودة في الجسم الحي. ومع ذلك، فهذه نتيجة رائعة، وقد تتحايل المركبات على الآثار الجانبية السمية الشديدة للمضادات الحيوية كملاذ أخير مثل البوليميكسين".
هل الاكتشاف يجد حلا فعليا لمشكل مقاومة مضادات الميكروبات؟
نشر الباحثون البيانات المتوصل إليها عن طريق الدراسة، وسمحوا للعلماء الآخرين بمراجعة 863498 ببتيدًا وتطوير أدوية المضادات الحيوية.
يمكن للعلماء استخدام البيانات لإنشاء مضادات حيوية لا تطور البكتيريا مقاومتها، مما يساعد بشكل كبير في المعركة طويلة المدى ضد مقاومة مضادات الميكروبات.
وقال المدرسي إن الدراسة الجديدة تظهر أن الذكاء الاصطناعي أصبح فعالا في المعركة العلمية ضد مقاومة مضادات الميكروبات وأن "تطبيق التعلم الآلي أدى إلى تسريع عملية اكتشاف مضادات حيوية جديدة".
وأضاف أن نوع الببتيدات المكتشفة في هذه الدراسة الأخيرة كان مجرد نوع واحد من العديد من العوامل المضادة للميكروبات الموجودة، وأنه يمكن استخدام نفس التقنيات لاكتشاف العديد من الأنواع الأخرى من المضادات الحيوية.
وقال هيلر إنه على الرغم من وجود أسباب تدعو للتفاؤل بشأن المعركة العلمية ضد مقاومة مضادات الميكروبات، فإن التحدي الرئيسي التالي هو ابتكار مضادات حيوية جديدة تكون قابلة للتطبيق تجاريًا.
وأضاف هيلر "نحن نستخدم المضادات الحيوية الجديدة فقط عندما تصبح المضادات القديمة غير فعالة. وهذا أمر جيد لأنه يمنع البكتيريا من تطوير مقاومة لها". ثم أنهى العالم حديثه بالقول "إن المنظمات الصحية والحكومات تعمل على إيجاد طرق لجعل تسويق المضادات الحيوية أكثر قابلية للتطبيق حتى يتمكنوا من الاستفادة من المضادات الحيوية المحتملة التي اكتشفها العلماء". حسب dw
اضافةتعليق
التعليقات