لو نظرنا لتفاصيل الأشخاص الناجحين والمؤثرين في العالم لوجدنا أنهم يلتزمون بأحد أنواع الرياضات الروحية أو اليوغا بلغة العصر لكن نحن كشيعة محبين لأهل البيت (عليهم السلام) لدينا سلسلة من الأدعية والأشهر الروحية للصيام عن الذنوب وترويض النفس وممارسة علاقة تأملية للدخول إلى جوف الإنسان ومعالجة التراكمات النفسية له من خلال التفريغ بالبكاء والمناجاة وضمن هذه الأدعية (دعاء أبي حمزة الثمالي، مناجاة أمير المؤمنين، دعاء الحزين، دعاء القدح).
كما أن الإنسان لو سأل الله تعالى بدل الطلب من الناس لوجد الإجابة مضمونة سواء في الدنيا أو الآخرة وفي قصة النبي نوح (عليه السلام) خير مثال حيث قال تعالى في سورة الصافات (75): "وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ" وما أوضحها من عبارة وتأثير الدعاء وأبينها من حجة قاطعة للدلالة على أن الله معنا في كل لحظة ولابد من الاستعانة به عند كل موقف.
وإن محور الحديث هو دعاء القدح هو مِن الأدعية التي يتمّ الدعاء بها في أيّ وَقت، ولها الكثير من الفوائد الجمة التي تعُود على من يدعُوا بهذا الدعاء المأثور كمَا ذُكر أنّ فوائده جمّة لا تُعدّ ولا تُحصى، حيثُ أوصى بالدعاء به بشكلٍ مُستمرّ لجني ثَماره المُتساقطة علينا دُون تعب أو عناء، كمَا جَاء أنّ هَذا الدعاء من الأدعية المشهورة والتي جاء استخدامها للميت وللحي ولجَلب المَنفعة، وله الكثير من المنافع.
رواية نزول هذا الدعاء وفوائده
((قال النبي (صلى الله عليه وآله): ليلة أسري بي إلى السماء رأيت قدحا معلقا بغير سلسلة بل بقدرة الله تعالى، ومكتوب على دورته بقلم أخضر وقد أضاءت من نور ذلك القدح جميع السماوات، فلما حضرت عند ربي وسمعت خطابه قال: اسمع خلقتك وخلقت ذلك القدح لأجلك ومن نورك، وكتبت عليه هذا الدعاء بقلم القدرة قبل أن أخلق السماوات والأرض بخمس مائة عام، ولولا نور هذا الدعاء ما استقرت الأرض وهي ثابتة ببركة هذا الدعاء فلما رجعت إلى المقام المعلوم سألت أخي جبرائيل (عليه السلام) فقلت: ما ثواب هذا الدعاء والقدح؟
فقال: لا يحصي فضله وفضائله إلا الله تعالى، ويعجز عن حصرها الجن والإنس فقال جبرائيل (عليه السلام): لك بهذا الدعاء وما أعد الله لأحد من الأنبياء إلا لك مثله.
فمن قرأه في عمره مرة واحدة على مقبرة من مقابر المسلمين أزال الله عنهم العذاب إلى يوم القيامة، ومن أنكر فضله وثوابه يكون مشركا، ومن كان محبوسا وقرأه بنية صادقة فرج الله عنه، ومن مشى وقرأه لا يتعب ولو كان ألف فرسخ، ومن قرأه على مريض وكتبه وعلقه عليه شافاه الله، ومن واظب عليه أو حمله معه يكون عند الله بمنزلة عظيمة ولو كان كثير الذنوب، ومن قرأه غفر الله له وهون عليه الحساب وسكرات الموت، ومن كتبه على كفنه لا يعذبه الله ويفتح له أبواب الجنة، ومن قرأه على جرة ماء وسكبها على قبر ميت رفع الله عنه العذاب، ومن قرأه في عمره مرة واحدة يرسل الله تعالى إليه يوم القيامة عند خروجه من قبره ألف ملك في يد كل ملك قدح من شراب الجنة، ومن قرأه وهو مقابل للأعداء نصره الله على أعدائه
ولا يحصى فضله إلا الله تعالى)).
"إن كل معبود من دون عرشك إلى منتهى قرار أرضك باطل دون وجهك الكريم"، في هذا الجزء من الدعاء يبين أننا جميعاً إلى الفناء ولا شيء يبقى سواه تعالى بعبارة دقيقة وواضحة جداً وفي ذات الوقت هذا الدعاء هو حلقة ربط بين الأموات والأحياء فتأثيره على الأموات كبير كما ورد في فوائده علماً أنه قليل الذكر بين الناس وشبه مهمل وهذا ما يؤلم لأنه كنز من المحبة والراحة ومحاكاة الروح خاصة في ظل الوحدة الموحشة التي يعيشها الإنسان وتأثير العالم المادي على الإنسان بصبغات المجتمع المعاصر البائس نفسياً والفارغ روحياً فإن للدعاء تأثير على صناعة روح صبورة، قوية مدعومة نفسياً بدعامة ثابتة غير مهزوزة كما إنه وسيلة لتقويم شخص الإنسان وسلوكياته بالتالي يكون مؤهلاً لصناعة جيل بعده وتربيتهُ وفق إطار إنساني ديني مجتمعي.
اضافةتعليق
التعليقات