لأجل الحفاظ على القيمة الإنسانية للأسرة، وإيصالها إلى أهدافها، التي تحدثنا عنها آنفاً، لا بد من وجود نظام يقودها نحو الكمال المادي وتطبيق هذا النظام يتوقف على إدارة أسرية ناجحة وحكيمة، بوجود الزوجة التي تحرص على تطبيق أهداف الأب.
فإن مفهوم إدارة الأسرة بدأ مع وجود ، أن القوانين الإدارية للأسرة والتي كان يقوم رب الأسرة بمراعاتها وتطبيقها.
وفي أغلب الحالات يعتبر الدور الإداري لقيادة العائلة دوراً تلقائياً من دون الرجوع إلى أي نص من النصوص الإدارية التي دونت فيما بعد و إلا خص الأمور المتعلقة بالجانب الديني، فإنّه هو المحكم في تنظيم شؤون العائلة.
ففي الوقت الذي يحض الدين ربّ العائلة على إعالة الأهل وأولاده وحفظ ماء وجوههم، وهو أمر يدخل في الإدارة الإقتصادية، فإنه يحثه أيضاً على ضرورة ربط هذه الإدارة الأسرية وأبعادها التربوية بالبعد الأخروي بذكر الله تعالى. وهذه الإدارة الدينية الناجحة التي تسعى لذلك الهدف الأكمل لعملية الزواج يأتي من حديث النبي : "ما يمنع المؤمن أن يتخذ أهلاً (زوجة) له لعل الله أن يرزقه بنسمة (بولد) تثقل الأرض بلا إله إلا الله ".
و بناءً على هذا المعطى، لا يمكن للآباء والأمهات وفي أي وظيفة من وظائفهم الإستغناء عن إدارة حكيمة وناجحة.
لا يمكن في أي حال من الأحوال تجاهل ضرورة تفعيل الدور الإداري لتوجيه الأسرة وحمايتها من جميع المشاكل والأزمات.
وبالعودة إلى النصوص القرآنية والروائية، سنلاحظ أن ثمة العشرات من الأحكام الواضحة التي تتحدّث عن علم إدارة الأسرة وضرورة وجود القيم عليها ضمن الروايات والأحاديث الشريفة.
1_مكانة الوالدين في الإسلام والايات القرآنية حيث تحدث القرآن الكريم عن مكانة الأب والأم الإجتماعية في العديد من آياته بين دورهما إلى حدّ أنّه ربط تحقيق العبودية لله تعالى و الإحسان إليهما .
2_الأسرة في القرآن الكريم، تحدث القرآن الكريم عن موضوع الأسرة في موارد الحديث عن دور الزوج والزوجة واختبار البيئة الصالحة والقيم والمبادئ الأساسية التي تحتاجها العائلة.
فالنص القرآني يعين الزوج مديراً للأهل والأسرة يوليه شؤونها الإجتماعية والإقتصادية، لما أعطاه الله من خصائص تؤهله لهذه المهمة العظيمة .
مضافاً إلى أن الوضع التكويني للرجل يفرض أن تكون مسؤولية إدارة الأسرة مشتركة بين الزوج والزوجة. ووفقاً لهذه الآية، فإنَّ الشخص المخوّل وقاية عائلته من النار وما يسبب العقاب لها، هو مدير العائلة وربُّ الأسرة، فهو من يدير نظامها الديني، ويكون قدوة في أفعاله ومسؤولاً عنها لحمايتها من العقاب الأخروي.
ففي الإدارة الأخلاقية للعائلة، على الزوج القيام بواجباته الدينية والأخلاقية تجاه زوجته وأولاده وذلك من خلال الإهتمام بهم، والتعامل معهم على أساس - أخلاقي إنساني عادل فقد قال النبي : "ملعون ملعون من ضيع من يعول " .
فالأب مدير الأسرة مسؤول عن إعالة أهله وعائلته، ولا يجوز له التقاعس عن دوره الإداري في تحصيل ما يحتاجون إليه من طعام أو شراب أو ملبس - ومسكن، وكافّة حاجات ومتطلبات الحياة الضرورية .
ولهذا ورد عن الإمام علي بقوله: "كل امرئ مسؤول عما ملكت يمينه وعياله " .
جاء عن النبي أنه قال: "إِنَّ اللهَ يحبُّ المؤمن ويحبُّ أهله وولده، وأحب شيء إلى الله تعالى أن يرى الرجل مع امرأته وولده على مائدة يأكلون، فإذا اجتمعوا عليها نظر إليهم بالرحمة لهم، قبل أن يتفرّقوا من موضعهم ".
فالخير المتوقع في الحياة أو في الممات فهو من الأب العامل والكادح وغيره، حيث يعمل على تأمين مستلزماتهم ويترك لهم بعد موته شيئا من خير الأرزاق ليكون لهم عوناً على بقية حياتهم.
اضافةتعليق
التعليقات