• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة

مروة خالد / الأثنين 05 كانون الأول 2016 / منوعات / 19736
شارك الموضوع :

كنتُ جالسة في قاعة انتظار المطار بالقرب من عائلة مكوّنة من أم و أب و أربعة اطفال ثلاث بنات وولد، لفت انتباهي اسم (غريب) كانت العائلة تلهج به،

كنتُ جالسة في قاعة انتظار المطار بالقرب من عائلة مكوّنة من أم و أب و أربعة اطفال ثلاث بنات وولد، لفت انتباهي اسم (غريب)  كانت العائلة تلهج به، كان الولد اسمه (غريب) فشغلني أمر هذا الاسم و رحت أنظر للولد الذي يبلغ من العمر ستة أعوام و أتساءل: هل نفدت الاسماء؟ أم إنها غالية الثمن؟ حتى يضعون هكذا اسم لهذا الولد الجميل الصورة، الحسن المظهر، فسألت والده عن سبب تسمية ولده بهذا الاسم رغم إن هناك الكثير من الأسماء الجميلة، لماذا يبخس حق ولده ويضع له هكذا اسم، فمن أبسط حقوق الولد على الوالد هو أن يُحسن تسميته.

وراء اسمه حكاية مؤلمة، التمعت عيناه و احتبست دمعات من أثر حزن عميق مرّ عليه أعوام عديدة، حين سألته عن سبب تسمية ولده (غريب)..
كانت ليلة شديدة البرد وكان الظلام حالكا، امتلأت السماء بغيوم رمادية وبدأت أصوات البرق تتعالى،  وتلتمع السماء بين الحين والآخر بضوء فضي يعلن عن سيل غزير من الامطار، كنت قد احضرت الخبز باكراً ماجعلني أطمئن إن بُنياتي سينمنّ وبطونهنّ ملئى بالطعام.
وضعت والدتهن ابريق الشاي على المدفئة لعشائنا المعتاد،  وجلسنا حول المدفئة منتظرين الشاي مستمتعين بالدفئ نتبادل الحديث، لم يتصاعد بخار الابريق بعد إلا وقد بدأت السماء ترسل حبات المطر واحدة تلوى الاخرى، و أخذ المطر يتسابق لإطفاء نار المدفئة، ويبلل ملابسنا وكل شيء من حولنا.
كُنَّ بُنياتي الثلاثة صغيرات لايعرفن معنى انّ السقف لا يحجب عنهن ماء المطر ولكن بدت الدهشة واضحة على وجوههن وبدأن يلحظن ملامح الخوف والقلق التي بدت واضحة على وجهينا أنا و والدتهن أيضا.
أما زوجتي فلم تستطع تحمل الموقف فقلبها الحنون على بناتها  وقلقها عليهن من انهيار السقف، جعل من جسدها النحيل يرتعش، كانت تبحث عن مكان لم يصل إليه ماء المطر لتُجلس بُنياتها الصغيرات، ولكن دون جدوى فسقف بيتنا المكون من غرفة وحمام كغربال لايلبث الماء على سطحه وسرعان ماينزل على روؤسنا كشلالات.
ازدادت حسرتي عليهن  و أخذت أفكر ماذا عساي أن أفعل والمطر يتساقط بغزارة لامثيل لها، دمعت عيناي،  وشعرت بالغربة و بألم يعتصر قلبي،  ولكن ليس بيدي حيلة أن أنقذ بناتي وأمهنّ من الامطار التي حولت تلك الغرفة التي نسكنها إلى بركة ماء.
وبعد ساعة وجدت زوجتي متمددة على الارض يعتصرها ألم المخاض!! لم تحن أيام ولادتها بعد، فهي في بداية الشهر التاسع ولكن شاءت الاقدار أن تلد في تلك الليلة.
المستشفى بعيد جداً ونحن في منطقة نائية.
خرجت في تلك الليلة أبحث عن سيارة أُسعف بها زوجتي إلى المستشفى،  ولكن الجو ممطر والبرد شديد والليل قد انتصف فرحت أركض كالمجنون أبحث  و أبحث، كنت اركض وشريط حياة البؤس والفقر والشقاء يمر أمام عيني،  صور يوم تخرجي من الجامعة وحصولي على شهادة البكالوريوس أنا و زوجتي وصور زواجي منها وكيف دخلنا الحياة الزوجية وكلنا أمل أن نحصل على عمل، صور تتوالى وتتزاحم أمام عيني تكاد تخنقني ألماً،  جعلت صوتي يعلو ببكاء ملؤه الأسف فمنذ تخرجنا من الجامعة و إلى هذه اللحظة لم يحصل كلانا أو حتى أحدنا على وظيفة،  فاضطررت أن أعمل كعامل بناء ونسيت تلك الشهادة التي قضى عليها ماء المطر في تلك الليلة.

 شعرت بألم لم أشعر بمثيله في حياتي، وصلت الى الشارع العام حيث مرور السيارات وقلبي يكاد يتقطع ألماً على زوجتي وبناتي، كنت قلق بشأنهن فسقف البيت أصبح يهدد حياتهن..

وقفت في منتصف الشارع أرجو أن تمر سيارة، ولكن المارّة يظنون إنني مجنون لخروجي بهكذا طقس ووقوفي في الشارع، وبعد أن مر الكثير من الوقت رجعت إلى زوجتي وكنت أدعوا بصوت عال أن يُيسر الله ولادتها، كنت محطماً باكياً وحزينا، شعور بالغربة والوحدة يكبس على صدري، تأخرت كثيراً حتى توقفت احدى سيارات الشرطة، رجعت الى زوجتي التي تركتها تتلوّى من ألم المخاض، وعند دخولي بشرّتني جارتنا التي كنت قد رجوتها أن تكون عند زوجتي وبناتي إلى حين عودتي، إنها ولدت مولوداً ذكرا.
حمدت الله كثيراً أن منّ عليّ ورزقني بمولود ذكر، ويسّر ولادة زوجتي حينها أطلقت على ولدي اسم (غريب) لشعوري بالغربة والوحدة من شدة فقري وقلة حيلتي و أنا في وطني.

إنّ شعور الغربة على المغتربين الذين ابتعدوا عن الوطن مؤلم جدا،ً ولكن الأقسى منه بكثير،  و الأشد ألماً هو أن يعيش الانسان حالة الغربة في وطنه بسبب الفقر وعدم المساواة بين المواطنين.
إن الامام علي (عليه السلام) يقول: "الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة".
الامام علي (عليه السلام) بهذه المقولة يُقدم صورة تمثيلية لمفهوم الوطن،  وهو الغنى والفقر فحيث يتحقق الغنى يتحقق الوطن وحيث يعم الفقر فلا وطن للانسان.
فإنّ الغريب الذي يملك المال يعد بمثابة المواطن و إن كان غريبا أو مسافرا، والفقير في وطنه يُعد غريباً عنه حتى و إن كان مواطن لأنه لايملك مالاً يسد حاجته.
فتكون هي الغربة الاقسى والأشد من غربة المغترب عن وطنه،  وهذا مالمسته في حياتي فقد كنت غريبا في وطني، فقررت الهجرة إلى بلد آخر هرباً من الفقر.
أما الآن وأنا مغترب لم أشعر بالغربة لوجود المال والسكن، ولم يبقَ مايذكرني بتلك الحادثة سوى اسم ولدي؛ غريب.

الوطن
الفقر
قصة
الحياة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    maha
    libanon2017-04-28
    لقد حق قول الامام علي ولكن لدي طلب ممكن ان تبعث مقالا توضح به كيف يكون الفقر في الوطن غربة والعكس

    آخر الاضافات

    بلا هدف.. لكنه يحمل المعنى

    كيف تعالج وتسيطر على الوزن الزائد

    على دروب العشق نلتقي.. فكلّها تؤدّي إلى الحسين

    تنافس محموم بين الشركات على جذب المواهب في الذكاء الاصطناعي

    الحجاب وتحديات الانفتاح الرقمي

    نحن لا نتذكر أيامًا، بل نتذكر لحظات

    آخر القراءات

    إظهار الحب.. شرط مهم وأساسي لتنمية الأفكار لدى الأولاد

    النشر : الأربعاء 01 آذار 2023
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    آية وإضاءة للحياة: مفتاح نصر الله في ميم متى؟

    النشر : الثلاثاء 17 تشرين الاول 2023
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    ولاءٌ أَزلي

    النشر : الأربعاء 20 تموز 2022
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    نصف العقل.. التغافل

    النشر : الخميس 20 كانون الأول 2018
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    لماذا يستر الله ذنوبنا ولا يفضحنا في الدنيا؟

    النشر : الخميس 02 نيسان 2020
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    اضطراب الذاكرة الذي يجعلك ترى الأوهام كحقائق

    النشر : السبت 05 تشرين الثاني 2016
    اخر قراءة : منذ 8 ثواني

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    المواكب الحسينية.. محطات خدمة وإيثار في درب العشق الحسيني

    • 874 مشاهدات

    أربعينية الحسين: ملحمة الوفاء وتجسيدها الحي في عطاء المتطوعين

    • 764 مشاهدات

    حين ينهض القلب قبل الجسد

    • 445 مشاهدات

    العنف المسلح لا ينبع بالضرورة من اضطرابات نفسية.. بحسب خبراء

    • 374 مشاهدات

    من الغرب إلى كربلاء: صحوة الروح أمام ملحمة الفداء

    • 345 مشاهدات

    الإكزيما أو التهاب الجلد التأتبي.. أهم النصائح التي تخلصك من الأعراض

    • 329 مشاهدات

    مناهل الأربعين.. فتنافسوا في زيارته

    • 1347 مشاهدات

    زوار الحسين: فضل عظيم وشرف أبدي

    • 1342 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1215 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1143 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 1066 مشاهدات

    سوء الظن.. قيدٌ خفيّ يقيّد العلاقات ويشوّه النوايا

    • 1062 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بلا هدف.. لكنه يحمل المعنى
    • الثلاثاء 19 آب 2025
    كيف تعالج وتسيطر على الوزن الزائد
    • الثلاثاء 19 آب 2025
    على دروب العشق نلتقي.. فكلّها تؤدّي إلى الحسين
    • الثلاثاء 19 آب 2025
    تنافس محموم بين الشركات على جذب المواهب في الذكاء الاصطناعي
    • الثلاثاء 19 آب 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة