تصادف الإنسان في حياته اليومية الكثير من المواقف، التي يعرف فيها بشكل متأخر أنه ارتكب خطأ كان يجب أن يتجنبه، وهي ظاهرة تعرف باسم "مراقبة الأداء".
وحسب ما ذكرت مجلة "كوسموس" الأسترالية، فإن علماء وجدوا أن دماغ الإنسان ينتج "إشارة داخلية" تخبره بأنه ارتكب خطأ، مضيفة أن هذه الإشارة تمنح البشر الفرصة لتصحيح أخطائهم وتعلم مهام جديدة.
وتوصلت دراسة حديثة، نشرت في مجلة "ساينس"، إلى الخلايا العصبية المسؤولة عن اكتشاف الأخطاء والتعلم منها.
وقالت الدراسة، التي قادها علماء أعصاب، إن الخلايا العصبية الموجودة في القشرة الأمامية الوسطى للدماغ (قشرة فص الجبهة)، هي المسؤولة عن تلك "الإشارات الداخلية".
وفي هذا الصدد، ذكر المؤلف الرئيس للدراسة، يولي روتيسوزر، وهو أستاذ جراحة الأعصاب وعلم الأعصاب والعلوم الطبية الحيوية في مركز "سيدارز سيناي" الطبي بالولايات المتحدة: "جزء من سحر الدماغ البشري هو أنه مرن للغاية".
وأضاف: "أنجزنا دراستنا لفك شفرة كيف يمكن للدماغ أن يقوم بأمرين في نفس الوقت"، أي الانتباه للخطأ والتعلم منه.
وتابع: "سجلنا نشاط أكثر من 1000 خلية عصبية في القشرة الأمامية الوسطى للدماغ أثناء قيام الإنسان بمهام إدراكية معقدة".
وأوضح روتيسوزر أن الخلايا العصبية ترسل هذه الإشارات الداخلية لتحسين التعامل ومساعدة الدماغ على ضبط تركيزه في المستقبل. حسب سكاي نيوز
معجزة الخلق الكبرى.. عجائب دماغ الإنسان
لطالما مثّل الدماغ البشري سرا حيّر العلماء طويلا، إذ يتميز هذا الجزء من الجسم الذي يقع داخل جمجمة محصنة بقدرات هائلة تُمكّنه من القيام بأعمال حسابية فذة، ومن الإبداع والفهم بطرق لم يسبق لها مثيل في الكون المعروف، وكل ذلك باستخدام قدر من الطاقة يكفي لتوهج مصباح كهربائي بقدرة 20 واطا.
تمكّن الإنسان من تحقيق طفرات كبيرة في فهم الدماغ البشري. ففي السنوات الأخيرة، اكتشفنا أن خلايا الدماغ يمكن أن تتجدد وحددنا ما يحدث في الدماغ عند البدء في الحديث قبل معرفة ما نريد قوله. ومع ذلك، كلما تعلمنا أكثر، أدركنا أن ثمة الكثير مما لا نعرفه. في هذه السطور سنحاول أن نستطلع معا أكبر الأسئلة المحيرة حول الدماغ للكشف عن آليات وأسرار هذه الكتلة العجيبة دقيقة الصنع.
ما الذي يجعل أدمغتنا مميزة؟
يتسم الدماغ البشري، كما نحب أن ندّعي، بقدرات هائلة. فالحيوانات الأخرى يُمكنها أن تستخدم الأدوات أو أن تخرج من المتاهات، ولكن هل يمكنها أن تخترع أجهزة الحواسيب أو أن تكتب القصائد الشعرية مثلما يفعل البشر؟ إلا أنه على الرغم من براعتنا العقلية الاستثنائية، فليس من السهل تفسير ما يجعل الدماغ البشري مميزا لهذه الدرجة. إذ يصل وزن دماغ الإنسان إلى نحو 1.5 كجم، أيّ ما يعادل نحو ثُلث وزن دماغ الفيل وخُمس وزن دماغ حوت العنبر.
ومع ذلك، إذا أخذنا حجم الجسم في الاعتبار، فإن أدمغتنا كبيرة بشكل غير عادي، إذ يتجاوز حجم الدماغ البشري ما بين سبعة وثمانية أضعاف ما يمكن توقعه للثدييات في حجمنا نفسه. ولكن هذا القياس البدائي لا يكفي لتفسير ذكائنا. فعلى سبيل المثال، نسبة حجم الدماغ إلى الجسم القرد الكبوشي أعلى من الغوريلا، ومع ذلك تعتبر الغوريلا أكثر ذكاء.
من الواضح أن الحجم ليس كل شيء إذن، بل قد يكون المقياس الأكثر أهمية هو عدد الخلايا العصبيّة، وهي وحدات المعالجة في الدماغ. فقد ذكرت أخصائية الأعصاب البرازيلية، سوزانا هيركولانو-هوزيل من جامعة فاندربيلت، بولاية تينيسي الأميركية، التي استحدثت طرقا جديدة لحساب عدد الخلايا العصبيّة، أن لدى البشر نحو 86 مليار خلية عصبيّة.
في الواقع، تحتوي أدمغة الرئيسيات على عدد كبير من الخلايا العصبيّة يفوق عددها في أدمغة الثدييات الأخرى ذات الحجم المماثل. وبما أن البشر لديهم أكبر حجم للدماغ بين جميع الرئيسيات، فإن لديهم أيضا أكبر عدد من الخلايا العصبية، وربما بين الحيوانات الأخرى كافة. ومن المحتمل أن ذلك تحقق من خلال اختراع الطبخ، الذي يطلق المزيد من السعرات الحرارية من الطعام لتغذية هذا العضو الذي يعتبر أكثر الأعضاء استهلاكا للطاقة في جسم الإنسان.
على الرغم من ذلك، قد لا يكون عدد الخلايا العصبيّة فقط هو العامل الأهم، بل أيضا أماكن وجودها. تشير هيركولانو-هوزيل إلى أن قدراتنا الرائعة تنبثق على الأرجح من وجود عدد كبير من الخلايا العصبيّة في القشرة الدماغية -وهي الطبقة السطحية من المخ التي تتكون من الأخاديد والتلافيف التي تساعد على زيادة مساحة القشرة بشكل كبير- أكثر من الحيوانات الأخرى. يتيح لنا هذا البناء الهيكلي تطوير سلوكيات أكثر تعقيدا بدلا من مجرد الاستجابة للمحفزات. لذا تقول هيركولانو-هوزيل: "إذا كان لديك قشرة دماغية، فأنت لم تعد عبدا لما يحدث من حولك. إذ تتمتع بمرونة تُمكّنك من اختيار فعل أشياء أخرى".
علاوة على ذلك، اكتشف فريقها مؤخرا أنه على مستوى جميع الحيوانات ذوات الدم الحار، يرتبط عدد الخلايا العصبيّة في القشرة الدماغية بطول العمر. كما تعتقد هيركولانو-هوزيل أن ذلك أيضا يُمثّل عاملا رئيسيا في تفوقنا المعرفي، فالبشر يستغرقون سنوات للوصول إلى مرحلة النضج. وتفسر ذلك بأن "الإنسان يستغرق وقتا طويلا للغاية لبناء الدماغ، وأثناء ذلك الوقت، يقوم باكتساب واستيعاب المعلومات من العالم حوله". قد لا يعزو ذلك فقط إلى الخلايا العصبيّة وحدها، يوجد أيضا نوع آخر من الخلايا يُسمى الخلايا النَجمِيَة تضطلع بدور مهم في تطور الذكاء البشري. لكن القدرة الحاسوبية الهائلة التي تقدمها الخلايا العصبيّة الموجودة في القشرة الدماغية والتي يصل عددها إلى 16 مليار خلية من المحتمل أن تكون العامل الذي يساهم بشكل حاسم في هيمنتنا المعرفية. حسب الجزيرة
اضافةتعليق
التعليقات