تختلف تسمية الأولاد من مكان لآخر حسب ثقافات الشعوب ودياناتها، فقد اعتبر البيان العالمي لحقوق الطفل، أن حق امتلاك الإسم هو من حقوق الطفل الطبيعية، تماماً كحقه في الحصول على جنسية خاصة به.
واحتلَّ اسم "تشانغ" ثالث اكثر اسم استعمال في العالم، امّا اسم مارك ثاني اكثر اسم استخدام، ويصنف اسم "محمد" الأول على الإطلاق، اذ يحمله اكثر من 150 مليون شخص حول العالم.
وكما يؤكد علماء النفس بأن للإسم تأثير كبير على ماهية الإنسان، اذ يلعب الإسم دوراً كبيراً في شخصيته ومسيرة حياته، فكما يقول المثل "لكل شخص نصيب من اسمه".
فقد التفت الإسلام منذ البداية إلى أن الطفل يتمتع بحقوق فردية واجتماعية، منذ اللحظة التي يكون فيها جنيناً في رحم أمه.
والإلتفات إلى هذه النقطة الهامة يعتبر من المميزات المشرفة لهذه الشريعة، فإعتبر الإسلام تسمية الطفل حق من تلك الحقوق، فعلى الأهل اختيار اسم جميل لا ينتقص من كرامة الإنسان، ولا يذلُّ شخصه، لأن الأسماء النافرة والقبيحة، تولد لدى صاحبها شعوراً بعقدة الحقارة.
ولا شك في أن الأشخاص الذين يدعون بأسماء قبيحة وغير مستساغة، أو ينتمون إلى بلاد أو مناطق أو مدن ذات أسماء رديئة يعانون من هذا الوضع ويتألمون بسببه.
وكتابنا السماوي يأمر بقوله: "وَلاَ تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الْاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيَمانِ" (حجيرات، آية11).
وفي هذا الإطار اجرت "بشرى حياة" لقاء مع شريحة معينة من الناس لمعرفة آراءهم حول هذا الموضوع، فقالت ريم صالح:
"في ظل التطور الذي نعيشه لاحظت بان اكثر العوائل العربية اصبحت تميل الى تسمية اطفالهم اسماء مميزة وغير تقليدية، كما ان دخول المسلسلات التركية والأجنبية اثارت ضجة كبيرة في موضوع التسمية، فتجد الأهل يطلقون اسم ابنتهم على اسم البطلة الفلانية، وابنهم على اسم البطل الفلاني، مبتعدين تماماً عن الأسماء التي تحمل قدسية عالية واثر نفسي على شخصية الطفل".
وقالت زينب هاشم: " لقد حرمت من الذرية 15عاماً، ونذرت لله اذا رزقني الذرية الصالحة سأسميه على اسم الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)، وشاء الله ورزقني بعدها مولوداً ذكراً فسميته علي، فلأسماء اهل البيت كرامة وميزة خاصة وشفاعة تشمل صاحب الإٍسم".
اما رأي زهراء (أم لطفلين) كان:
"يشعر الكثير من الناس بالروتينية والتقليد تجاه الأسماء المتكررة، والإنسان بطبعه يميل الى التميز، فيلجأ الى اختيار اسماء غريبة وجديدة تواكب العصر، فيقع اختياره على اسماء من القرآن الكريم والأنبياء واهل بيت الرسول وحتى اصحاب الرسول الذين لم يتم تسليط الضوء عليهم وظلمتهم صفحات التاريخ، ولم تشتهر اسماءهم على نطاق العالم اجمع".
وبحسب التقاليد البالية التي سيّرت على الناس والتي كانت تحمل فكراً خاطئاً، التجأ الكثير من الناس لتسمية اولادهم وبناتهم اسماء بشعة ومخزية للغاية، بحسب خرافات وادعاءات تقول بأن تسمية الطفل بأسماء غير مكرمة يمنع الإٍسقاط!، او يجلب الذكر!، فتراهم يسمون اولادهم بتسميات غريبة ك "زبالة، حنيضة، تيزاب، قيطان، فضالة..." والكثير الكثير من هذه الأسماء التي لا تمت بكرامة وعزة الإنسان أية صلة.
وفي هذا الإطار قال (المحامي كريم الحسناوي) لموقع بشرى حياة:
"في الآونة الأخيرة ازدادت القضايا التي ترفع الى المحاكم لتغيير الأسماء، ويقول الناس بأن تسميتهم بأسماء غير جميلة يؤثر على نفسيتهم، ويلعب دوراً كبيراً على محيط عملهم ومركزهم الإجتماعي، وبأنهم يلقون العتب واللوم على ابائهم وامهاتهم بإختيار اسماء تنتهك كرامة الإنسان وتقلل من شأنه، ومع هذا فإن من الجيد ان يتسلح الإنسان بثقافة التغيير مادام ذلك يؤثر على نمطية حياته، وشخصيته".
ومن المفيد جداً أن نضيف هنا أن أسماء العظماء والكبار وأبطال الحق والفضيلة، لها آثار روحية بالغة على الأطفال أنفسهم من جهة، وعلى محيط العائلة برمتها من جهة أخرى.
ولا يمكن غض النظر عن الأثر التربوي والنفسي الذي يتمتع به حاملوا هذه الأسماء، حيث تشيع جواً من الخواطر الجيدة المشرقة في أجواء العائلة.
ونظراً لأهمية الأسماء في صياغة الهوية كما ذكر (موقع بي بي سي)، فقد اضطر القضاء في المحكمة للتدخل والإعتراض على اختيارات الأهل لأسماء مثل "نوتيلا" التي منعتها فرنسا، و"سيانيد" المحظور في المملكة المتحدة، كما ان بعض الدول مهتمة للغاية بالأطفال ذوي الأسماء غير الإعتيادية الى حد تنظيمها بقواعد، مثلاً يجب أن يختار الآباء في ايسلندا اسماء من قائمة وافقت عليها الحكومة، ومن الضروري في المانيا استحصال موافقة على الأسماء التي تدل على جنس المولود، السبب هو أن الاسم قد يكون محرجاً للصغير وعلى النظام حمايته من العنف المحتمل تجاهه.
وموضوع تسمية الأطفال، قد يبدو عادياً في ظاهره، ولكنه مهم للغاية من وجهة النظر الواقعية، فمن سار على نهج الله ورسوله عليه ان يختار الكرامة والعز لنفسه ولأولاده ويخلف اثراً طيباً في نفسه وذكره، ويحاول جاهداً اختيار اسم يلائم الطبيعة الإنسانية والبلد الذي يعيش فيه، كما لا يمكننا أن نغض الطرف عن الآثار النفسية السلبية التي يمكن أن يخلفها الإحساس الداخلي بالحقارة والذل، الذي يعد أحد العوامل التي تسبب الألم والانزعاج للإنسان.
اضافةتعليق
التعليقات