تبدأ القصة عندما أبدت إحدى الموظفات خوفها وقلقها بعد أن علمت من اتصال هاتفي أن السائق لا يستطيع أن يرجع ابنها من المدرسة إلى البيت لظروف معينة، وما إن خرجت حتى راح الموظفون يعبرون عن دهشتهم من زميلتهم لخوفها المبالغ به وهو ابن الخامسة عشر.
في عمره كنا نتزوج قالها أحد الموظفين وأخرى قالت أخي أمسك تدابير البيت وكان الرجل الذي حمل كل المسؤوليات بعد وفاة والدي وهو بعمره وغيرها من القصص التي سردت.
ليست الأم الوحيدة التي تعامل ابنها بهذه الطريقة كما أن الذنب لا يقع عليها فلشخصية الابن دورٌ كذلك، وهو من ضمن أولاد كثيرون يتهربون من تحمل مسؤولية أنفسهم.
فماذا حصل لهذا الجيل الذي أغلبه يرفض تحمل المسؤوليات؟
في كتاب (الهشاشة النفسية.. لماذا أصبحنا أضعف واكثر عرضة للكسر) للكاتب اسماعيل عرفة، يذكر فيه أسباب عديدة جعلت هذا الجيل يخاف أن يكبر بافعاله وغير مؤهل لمرحلة الرشد منها: أن هناك مواد اعلامية في العالم الرقمي وأغلبها تنشر في مواقع التواصل عملت على جانبين أولهم تضعيف النفس وثانيا تعظيم (الأنا) للفرد.
كذلك الدلال الزائد الذي يعطيه الأهل من الطبقات الوسطى وما فوقها من ناحية أن الابن ليس عليه أي مسؤولية سوى أن يقرأ وينجح فقط، ومن هنا فهو لا يتحمل مع العائلة مسؤوليات المنزل ولا حتى مسؤولية نفسه من حيث تحضير طعامه أو تنظيف غرفته، فكل شيء يأتيه جاهزا وفق طلباته.
ويقول الكاتب أن المراهقة التي كانت في الأجيال السابقة تبدأ من 14 سنة وتنتهي بدخول الشباب سن 18 سنة اليوم في أواسط العشرينيات وهو يتصرف بصبا وعليه سمات المراهقة حتى تخرجه من الجامعة.
جيل رقائق الثلج
تمت تسمية هذا الجيل بحسب المختصون والباحثون بـ(جيل رقائق الثلج) لسببين وهما: أن رقائق الثلج هشة وسريعة الانكسار وهذا الجيل يتحطم من مواقف وتجارب يعدها الناضجون بسيطة والسبب الثاني شعورهم بالتفرد إذ لا يوجد رقيقتين متشابهتين، فهم يشعرون دائما بالاستحقاق وأنهم يستحقون كل ما يقدم لهم كحقوق خاصة بهم، لهذا هم متطلبين ويشعرون بالريادة دون تقديم شيء فعلي في حياتهم يثبت هذا.
كما تشير متلازمة (بيتر بان) إلى عدم رغبة جيل الشباب في النضج وما يتصل بذلك من سلوكيات طائشة. ولقد شاع ظهور هذه المتلازمة في ثمانينيات القرن العشرين عندما لم يكن الشعور بالمسؤولية في وقت مبكر من العمر حسبما هي العادة.
والحديث طويل حول هذا الموضوع ولكن نختصر منه رأي الكاتبة البريطانية كلير فوكس التي لاحظت أحد أهم أسباب الهشاشة النفسية التي يعاني منها هذا الجيل حيث تنتقد الحملة الرهيبة ضد التنمر التي انفق عليها 1.4 مليار دولار في الولايات المتحدة منذ عام 2015 حتى 2020 قائلة (الربط بين التنمر والمرض النفسي يثير قلقي. إن الصناعة المضادة للتنمر هي التهديد الحقيقي للحالة النفسية للشباب صغير السن فبدلا من طمأنة الجمهور فإنها تؤكد الآثار السيئة للتنمر وتضخمها. وهذا يؤثر على ميكانزمات التكيف للشباب الصغير ومن سخرية الأمر أن هذا ينشئ مناخا يحفز ظهور أعراض الاضطرابات النفسية).
وقولها واضح على الواقع فنحن نرى كثيرا في المجتمع الاسلامي يردد كلمة تنمر وكيف هو مؤثر على شخصية الانسان وهناك تضخيم لهذا الأمر جعل الفتيات والفتية كل كلمة تقال سواء كان نقد أو رأي أو مزاح من قبل صديق أو قريب أو بعيد يتألمون ويحزنون ويقضون يومهم تعساء وهذا بسبب ضخ المعلومات حول موضوع التنمر في مواقع التواصل الاجتماعي.
اليوم من المهام الملحة والضرورية التي يقوم بها الآباء هي تشجيع الأبناء على امتلاك الرواسخ الدينية لتجعله أكثر ثباتا ورغبة في امتلاك القيم بالمسائل الجوهرية في حياتهم وترتيب مبادئ واضحة توجّه حياتهم وسلوكهم.
كذلك تنمية أهم الغايات في الحياة مثل حب المشاركة بالعمل، وحب تحمل المسؤولية لتمنحه الطاقة وتشعره بالقوة والقدرة، وخوض التجارب المختلفة التي يكسبها من السفر وممارسة الهوايات وتجربة العمل في العطل الصيفية وعليه أن يبني علاقاته الشخصية ثم لفت انتباهه ليتأمل ويتفكر بهذا الكم المتنوع من المعارف والتجارب لتزيده وعيا وخبرة وصلابة في التعامل مع ضغوطات الحياة.
اضافةتعليق
التعليقات