تعتبر القصة واحدة من العوامل المهمة والمؤثرة في التربية ويتأثر الأطفال بل وحتى الكبار بها، ويمكن من خلالها الاشارة إلى مواضيع ومبادئ عديدة لكي يلتزم بها الناس ويعملون بموجبها، وتثير القصة عند الطفل احساساته وعواطفه وتوجه أطماعه التي لا حد لها، وتقضي على تكبره وتحذره بشكل غير مباشر من أخطائه الأخرى، وتوفر أجواء ملائمة للقيام بالعملية التربوية.
فجميع الأطفال يفرحون لسماع قصة ما ويتعلمون منها شيئا معينا وتثير القصص عند الأطفال عادة مشاعرهم وتدفعهم ليقلدوا ما يرد فيها من خلال ما يستوحونه منها.
لذا ينبغي تخصيص الوقت لذلك خاصة لو علمنا بأن الطفل يتعلم منها أحيانا بمقدار ما يتعلمه من كتاب آخر يستغرق ساعات عديدة لقراءته.
ويستفاد من القصة تحقيق الأهداف التربوية خاصة وأن الأطفال لا يتثاقلون منها بسبب أسلوبها غير المباشر فهم لا يصابون بأية ردود فعل عندما يدركون بواسطة القصة بأنهم أساؤوا بسبب الخطأ الذي ارتكبوه.
ويمكننا من خلال القصة أن نعلم الطفل مبادئ وأصول عديدة ومهمة فمثلا يمكنكم أن تعلموه آداب تناول الطعام ونوع التعامل مع الآخرين وكيفية النوم والاستراحة ومسؤوليته ازاء نفسه والآخرين وكيف يستفيد من أعضائه ومختلف الوظائف والمسؤوليات الأخرى، ويستطيع الطفل أن يحصل على معلومات مفيدة ونافعة من خلال اصغائه إلى القصة دون أن يزاحم أحد.
ومن الضروري أن تستعين الأسر التي لها أطفال صغار بالكتب المصورة لأنها تبني عندهم أفكاراً جميلة كما أنهم يفرحون كثيراً عندما يشاهدون الصور الجميلة ويسمعون المصطلحات الجديدة والأمثال التي تمر عليهم مسبقاُ.
يسبح الطفل في بحر من الخيال الواسع ويجسد في مخيلته تلك المشاهد التي ينقلها إليه والده في قصصه سواء عن الإنسان أو الحيوان ويتصور نفسه البطل لتلك القصة ونراه يحاول محاكاة البطل في سلوكه ويتأثر به إيجابيا، ويندفع نحو النشاط والعمل والاختراع وسلوك طرق جديدة وأساليب مستحدثة فالقصة توجه الطفل بشكل غير مباشر إلى ذلك الهدف التربوي المنشود.
فلا بد أن تكون القصة مناسبة لسن الطفل واداركه وفهمه وتلبي حاجاته الأساسية في الحياة فتزول الحاجة إلى طرح الأمور بشكل مباشر وأن يكون الطفل قادراً بسببها على تقييم حاله وماضيه والتفكير بمستقبله.
الحكايات، القصص التراثية، قصص الحيوان، قصص السِير، قصص البطولة والمغامرة، قصص الخيال العلمي، قصص الخيال التاريخي، قصص الفكاهة، القصص الدينية، القصص الاجتماعية، وغيرها..
لذا نجد تقسيمات حسب الموضوع، أو حسب الشخصيات، أو حسب علاقتها بالواقع أو الخيال.. لكن التفسير الأكثر شيوعاً هو الذي يقسِّمها إلى: حكايات وخرافات، وقصص حيوان، وقصص بطولة ومغامرة، وقصص خيال علمي، وقصص خيال تاريخي، وقصص فكاهة.
والحكايات نوعٌ هام من أنواع قصص الأطفال يعني: (السرد القصصي الذي يتناقله الناس)، وهي بذلك تختلف عن القصة بمفهومها الحديث، بأنها في الأصل ذات طابع شفهي مرتبط بالأدب الشعبـي، في حين أن القصة نتاج لكاتب فرد، وقد تكون مستمدة في بعض أنواعها من الحكاية والأسطورة، كما يرى «أحمد صوان».
(أمكن القول إن كثيراً من قصّاصي الأطفال، استمدوا من الحكايات الشعبية أفكار قصصهم، ولاقت تلك القصص هوىً في نفوس الأطفال، وسُعدوا بأبطالها الذين يتحرَّكون دون حواجز أو قيود، وأنسوا بالحيوانات التي تتصرَّف -في الغالب- تصرُّفاً إنسانياً، وبالنباتات التي تتحرَّك وتطير وتضحك، وبالأدوات الجامدة التي تروح وتجيء وتقرع الطبول وتغني.. وأثارت هذه الحكايات مشاعر الأطفال وسط أجواء التضحية أو البطولة أو الصدق أو العدل، حيث ينتصر الخير والأخيار، ويخذل الشر والأشرار).
كما أن قصص الحيوان، وأسلوب الأنسنة -حيث تتحرَّك الشخصيات في بيئة حيّة، تفكِّر وتتحدَّث كالبشر- تحظى بجاذبية كبيرة، وبإقبال لا يضاهى، من قبل جموع الأطفال، لاسيما في المرحلة المبكرة.
كما أنها تعدُّ من أقدم أنواع الحكايات الشعبية، نهل منها كتّاب قصص الأطفال -كمادّة خصبة- الكثير ولا يزالون، ويعدُّ كتاب «كليلة ودمنة» من أهم ما كُتب هذا المجال.
أبرز أعلام قصص الأطفال عالمياً وعربياً
روى كثيرٌ من الباحثين بأنَّ كتاب "الأم الأوزة" للفرنسي «شارل بيرول» 1697 كان أول مجموعة قصصية كتبت خصِّيصاً للأطفال، وشكَّلت بداية مرحلة جديدة في تاريخ تطوّر الكتابة لهم تضمَّن الكتاب وفي ألمانيا ظهر «الأخوان غريم» اللذان أصدرا حكايات "الأطفال والبيوت" الجزء الأول عام 1812، ثم الجزء الثاني 1814.
من أشهر قصصه "أليس في بلاد العجائب"، التي عُدَّت من أهم آثار أدب الأطفال. والروائي الأمريكي الساخر «مارك توين»، الذي كتب للأطفال عديداً من القصص، أشهرها: "توم سوير". والروائي الفرنسي «جول فيرن»، الذي عدَّ من روّاد قصص الخيال العلمي، وبلغ ما صدر له في هذا المجال نحو ثمانين قصة ورواية، مزج فيها بين العلم والخيال، ومنها: "خمسة أيام في منطاد"، "من الأرض إلى القمر"، "حول العالم في ثمانين يوماً".
اضافةتعليق
التعليقات