أهمية التربية تكمن في بناء الثقة من قِبل الأهل لأبنائهم لأن الركائز الأساسية التي تؤتي بإنتاج فرد ناجح ومثمر وجريء في طرح أفكاره بأسلوب محترم وواثق لذلك يحتاج إلى ثقة عالية بالنفس التي تكون العائلة قد وضعت اللبنة الأساسية لها وهذه مجموعة من الأساليب يمكن اتباعها:
1. إزالـة الخوف: وذلك بالامتناع عن أنواع العقاب المادي والمعنوي كافةً، وهذا يعني التخلي عن كل ما اعتدناه من أساليب القوة والعنف والإكراه والإجبار والتهديد واللوم والتأنيب والتوبيخ والشتائم وتقطيب الجبين والنظرة الشديدة ونبرة الصوت المرتفعة أو المنتقدة، لأن كل هذه الأساليب تبذر الخوف في النفس البشرية، والخوف يشل الحركة.
2. الكف عن محاولة التحكم والسيطرة والوصاية والرغبة الجامحة في تحقيق نتائج معينة: وذلك بإعطاء المجال للأبناء ليـمارسـوا اسـتقلاليتهم عن آبائهم وأمهاتهم شـيئاً فشيئاً مع الاستعداد لتقبل حدوث مجموعة مـن الأخطاء لا بد منها وهي الثمن الذي لا فرار منه إذا أردنا لأبنائنا استقلالية نفسية ومعنوية وذهنية ومادية فلابد من التوقف عن ذلك.
3. اللعـب والمرح: وهما من أهـم الأمور التي تبني الثقة وتقوي العلاقة، وعندما يلعب الأبناء مع آبائهم فإن هذه أول دلالة على أنهم أصبحـوا جاهزين للاستجابة لما يريـده منهم آباؤهم، إن اللعب مع الأبناء يبني الثقة ويؤسـس الألفة وييسر قنـوات اتصـال فائقـة الجـودة يمكـن مـن خلالها تحقيـق نتائج مذهلة، فكـم من الأفكار المهمة يمكن غرسها عند الأبناء من خلال لعبـة أو طرفة أو قصـة أو اسم.
وإن الطريقة المشتركة التي نتوصل بهـا إلى الإجابة عن هذه الأسئلة لاتقـل أهميـة عـن الأجوبة التـي نحصل عليهـا، إذ إنها ترسـم المسـار وتحدد الجهة التـي تتجه إليهـا الأسرة. إن بلورة أهـداف الأسرة قـد أعان عدداً كبيراً مـن الأسر على تجاوز كثير مـن المشـاكل العالقـة، وفتح الطريـق أمام حيـاة رحبة خصبة وافرة بالإنجاز والحب والتعاون وتحقيق أهداف عظيمة فردية وأسرية واجتماعية، إن معرفة هذه الأهداف من قبل الجميع ومناقشتها باستمرار ومراجعتها وتنقيحها سيخلق جواً جديداً مختلفاً وستكون هذه الأهـداف بمثابـة البوصلة التـي تهدي الأسرة كلما ضلت عن مسارها.
4. مصادقـة الإبن: إذا أردت أن تصـادق طفلك فعليك أن تتذكـر أن فمه أكثـر يقظة من عقلـه، وأن الحلوى عـادة أفضل عنـده من الكتـاب الجديـد، وأن الثـوب الملون أحـب إليه من القول المزخرف، وأن اللعبة البسيطة التي تلعبها معه والنشاط الممتع الذي تشـاركه فيه والرحلة الشـائقة التي يجدك معه فيها أحـب إليه من عشرات الآلاف التي تنفقها عليه وعلى دراسته وعلى البيت والسيارة، والأب الذكي هو الذي يدخل البيت ويتحرى أن تكون في يده هدية أو تحفة أو طرفة فإن لم يجد فنكتة مضحكة أو حادثة طريفة أو قصة شائقة والعجيـب أن جميع الآباء والأمهات يرغبـون في مصادقة أبنائهم، ولكنهم للأسـف لا يفعلون ذلك، هـل تعلمون لماذا؟ لأنهـم غير مستعدين لدفـع الثمن، وهـو التخلي عن السلطة والتحكم.
5. التفهم: وهنا ينسى كثير من المربين قانون العدسة، فعدسـة الأبناء عادة تكون مختلفة كلياً عن عدسـة الكبار، فاهتماماتهـم وميولهم ورغباتهم مختلفة عنها عند الكبار، فقيم الصغار عادةً هي اللعب والمرح والتسلية والمغامرة والاكتشاف والحرية والسـؤال، أما قيم الكبار فتجنح نحو الجدية والتحكم والسيطرة والضبـط، ومن هذا الاختلاف تحدث كثير من المشاكل ولنذكـر أن هناك أشياء هي عندنا أوهام وهي عند الأطفـال حقائـق، ولن نـظـفـر بصداقتهـم إلا إذا رأينـا الـدنيـا بعيونهـم وعدسـتهم الخاصة، ولعلهم أعلم منا وأحكم في بعض الجوانب، ولا تنس أن داخل كل منا طفلًا قد أهملناه ونسيناه منذ زمن بعيد.
6. القدوة: لا يمكن بناء الثقة ما لم نكن أهلاً لها، ولن نكون أهـلاً للثقة ما لم نكن قدوة لأولادنا في سـلوكنا وفي كلامنا وفي عاداتنا وفي مرونتنا وفي استيعابنا وتفهمنا وضبطنا أنفسنا وفي حسـن أخلاقنا، ولئن كـانت الطريقة التربوية التي تعتمد على أن نطلب من أبنائنا ما نريده منهم، هي طريقة فاشـلة عادة ولا تؤدي إلا إلى نتائـج هزيلة، فـإن الطريقة التربـويـة المثلى هي أن نري الأبناء عملياً ما نريده منهم وذلك بأن نكون قدوة لهم، ومن المعروف منـذ قديم الزمان أن لسـان الحال أبلغ بكثير (حال رجل في ألف رجل أبلغ من مقال ألف رجل في رجل) وهنا قد يستصعب الكثيرون هذا الكلام ويقولون ولكننا نحمل كثيراً مـن الأخطـاء ونتمنى أن يتجـاوز أبناؤنا تلك الأخطاء.
اضافةتعليق
التعليقات