تعتبر أمراض الرئة الخلالية مجموعة حالات مختلفة المنشأ وتنتج عن تسمك منتشر للجدر السنخية مع خلايا ونتحة التهابية كمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة ARDS) وحبيبومات كالساركوئيد، ونزف سنخي كمتلازمة غود باستور و / أو تليف التهاب الأسناخ المليف، وبعضها يكون نتيجة للتعرض لعوامل معروفة كداء الأسبست، في حين أنه في بعضها الآخر كالساركوئيد يكون السبب غير معروف.
ويمكن للمرض الرئوي أن يحدث بشكل معزول أو كجزء من اضطراب جهازي في النسيج الضام كما في التهاب المفاصل الرثياني والذئبة الحمامية الجهازية، ويمكن للأمراض الرئوية الخلالية أن تتظاهر بشكل حاد كما في الارتكاسات الدوائية الحادة، لكن الأكثر شيوعاً أن توجد قصة فقد مترق بطيء لوحدات التبادل الغازي السنخي الشعري على مدى عدة شهور أو حتى سنوات وإنّ هذا الترقي المتواصل للتصلب الرئوي المتزايد واضطراب التوافق بين التهوية والتروية والاضطرابات في نقل الغاز تؤدي معاً إلى تدهور الزلة الجهدية والتي تتطور في العديد من الحالات في نهاية الأمر إلى القصور التنفسي وارتفاع التوتر الشرياني الرئوي والموت.
A. السببية المرضية
يوجد طيف واسع من أسباب المرض الرئوي الخلالي انظر الجدول (73) ، بعضها كالساركوئيد تكون شائعة جداً في حين أن بعضها الآخر نادر، ورغم اختلاف الأسباب والآليات المرضية المسؤولة إلا أن العديد من أمراض الرئة الخلالية تُحدث نفس الأعراض والعلامات والتبدلات الشعاعية والاضطرابات في الوظيفة الرئوية ولذلك فمن المنطقي أن ينظر لها كمجموعة، ورغم ذلك فإن السببيات المرضية المستبطنة المتنوعة تبدي معطيات مختلفة من حيث الإنذار والمعالجة، وبالإضافة إلى ذلك فالأمراض الرئوية الخلالية قد تلتبس مع حالات أخرى لها نفس المظاهر السريرية والشعاعية ولذلك ستتم مناقشة المقاربة العامة في المرض الرئوي الخلالي قبل الدخول في توصيف أكثر تفصيلاً لبعض الاضطرابات الخاصة.
بعض أسباب المرض الرئوي الخلالي:
١ الساركوئيد.
٢ التهاب الأسناخ المليف خفى المنشأ.
٣ التعرض للأغبرة العضوية، كرئة المزارع ورثة مربى الطيور.
٤ التعرض للأغبرة غير العضوية كداء الأسبست وداء السحار السيليسي.
٥ كجزء من مرض التهابى جهازي كالـ ARDS والتهاب الأسناخ المليف في اضطرابات النسيج الضام.
٦ بعض أشكال كثرة الحمضات الرئوية.
٧ التعرض للتشعيع والأدوية.
٨ اضطرابات نادرة مثل داء البروتينات السنخية الرئوية وكثرة منسجات خلايا لانغرهانس.
الحالات التي تقلد أمراض الرئة الخلالية:
أولاً: الأخماج (ذات الرئة الفيروسية، التدرن، المتكيس الرئوى الكاريني، الطفيليات كداء الخيطيات، ذات الرئة بالمفطورات، خمج فطرى).
ثانياً: الخباثة (انتقالات متعددة، ابيضاض الدم واللمفوما، السرطانة القصبية السنخية، التسرطن اللمفاوي، الوذمة الرئوية تشمل ذات الرئة الاستنشاقية).
B تشخيص المرض الرئوي الخلالي: مقاربة عامة
إن المهمة الأولى هي تمييز الاضطرابات عن الحالات الأخرى التي يمكن أن تقلد أمراض الرئة الخلالية ومن ثم تحديد السبب المسؤول عن الـ ILD من بين أسباب عديدة، وإن إثبات التشخيص يعتبر أمراً هاماً لعدة أسباب، أولاً لأنه توجد معطيات إنذارية، فمثلاً يكون الساركوئيد في كثير من الحالات محدداً لذاته، في حين أن التهاب الأسناخ المليف خفي المنشأ غالباً ما يكون مميتاً، ثانياً إن إثبات تشخيص محدد سيجنب استخدام معالجة غير ملائمة.
فمثلاً تعتبر المعالجات المثبطة للمناعة القوية المستعملة من أجل بعض حالات التهاب الأسناخ المليف خفي المنشأ غير مرغوبة إذا كانت الحالة المستبطنة هي داء الأسبست أو التهاب الأسناخ التحسسي خارجي المنشأ، ثالثاً يمكن توقع أن بعض حالات الـ ILDs قد تستجيب للمعالجة بشكل جيد أفضل من حالات أخرى فمثلاً يمكن توقع حدوث استجابة عرضية جيدة للستيروئيدات القشرية في الساركوئيد، في حين أنه يجب أن يوضع الإنذار بحذر شديد في التهاب الأسناخ المليف خفي المنشأ، وأخيراً فإن خزعة الرئة المأخوذة من المريض الموضوع أصلاً على معالجة تجريبية مثبطة للمناعة لا تترافق مع معدلات وفيات ومراضة أعلى فحسب.
بل ويكون التفسير النسيجي للخزعة المأخوذة أيضاً أكثر صعوبة، لذلك يفضل أن يؤكد التشخيص قبل البدء بأي معالجة. غالباً ما يشكل إثبات التشخيص تحدياً سريرياً هاماً مما يتطلب انتباهاً شديد الدقة للقصة المرضية والعلامات الفيزيائية جنباً إلى جنب مع الاستعمال الحكيم والانتقائي للاستقصاءات.
C. القصة المرضية
من الصعب أحياناً التحقق من عمر المرض أي مدة تواجده، ففي المراحل الباكرة بشكل خاص يمكن أن يكون العرض الوحيد عبارة عن قصر نفس مترق بشكل تدريجي على الجهد، لذلك قد لا يراجع المريض سريرياً إلا بعد أن يحدث مرض رئوي شديد جداً، ولذلك من الهام جداً أن تؤخذ قصة مفصلة عن التعرض للأغبرة العضوية وغير العضوية والأدوية بما فيها درجة ومدة مثل هذا التعرض، ولذلك يعتبر التعرف على القصة المهنية لكامل حياة المريض أمراً أساسياً لهذا الغرض، كما أن التماس مع الطيور في المنزل أو في جو العمل يعتبر سبباً لأكثر أشكال التهاب الأسناخ التحسسي خارجي المنشأ شيوعاً، لكن قد يغفل مثل هذه السؤال وبسهولة، وإن وجود قصة طفح أو آلام مفصلية أو مرض كلوي قد يشير لاضطراب نسيج ضام أو التهاب أوعية مستبطن.
D العلامات الفيزيائية
في الكثير من الحالات وخاصة في المراحل الأولى للمرض لا يكون هناك إلا علامات فيزيائية قليلة في حال وجودها، أما في المراحل المتقدمة للمرض فيمكن لتسرع التنفس والزراق أن يكونا واضحين أثناء الراحة، وقد توجد علامات ارتفاع التوتر الشرياني الرئوي والقصور القلبي الأيمن، ويمكن أن يكون تبقرط الأصابع بارزاً خاصة في التهاب الأسناخ المليف خفي المنشأ أو داء الأسبست، كما قد نجد تحدداً في تمدد الرئتين ووابلاً من الخراخر الفرقعية في نهاية الشهيق على الإصغاء فوق المناطق السفلية خلفياً وجانبياً، ويمكن للعلامات خارج الرئوية متضمنة اعتلال العقد اللمفاوية أو التهاب العنبية uveitis أن تكون موجودة في الساركوئيد وقد يشير اعتلال المفاصل، أو الطفح إلى ILD الذي يحدث كتظاهرة لاضطراب النسيج الضام.
الاستقصاءات
1. الفحوص المخبرية
لا يوجد اختبار دموي وحيد يشخص مرض رئوي خلالي محدد، لكن يمكن لبعض الفحوص أن تكون مفيدة في الإشارة إلى مرض جهازي أو في توفير دلائل بسيطة عن فعالية المرض، ويمكن للـ اي اس ار والبروتين الارتكاسي أن تكون مرتفعة بشكل غير نوعي، ويمكن للاختبارات المصلية أن تكون قيمة كالأضداد المضادة للنوى والعامل الرثواني.. إلخ في أمراض النسيج الضام والأضداد المضادة للغشاء القاعدي الكبي في متلازمة غود باستر، وقد تكون المستويات المصلية للأنزيم المحول للأنجيوتنسين مرتفعة في الساركوئيد لكنه يعتبر اختباراً غير نوعي لهذه الحالة.
2 الأشعة
قد تظهر صورة الصدر الشعاعية ظلالاً شبكية ناعمة أو عقيدية شبكية أو حتى نموذج عقيدي من الارتشاح في القاعدتين والمحيط ويمكن أن توجد في المرض المتقدم مناطق كيسية وشبيهة بقرص العسل.
يعتبر التصوير المقطعي المحوسب عالي الدقة قيماً بشكل كبير في كشف المرض الرئوي الخلالي الباكر وتقييم امتداد الإصابة ونموذجها وهو مفيد أيضاً في تحديد اعتلال العقد اللمفاوية السرية وجانب الرغامية في الساركوئيد .
3 الغسالة القصبية السنخية
ليست الغسالة القصبية السنخية ذات قيمة تشخيصية غالباً، لكن توجد بعض الاستثناءات الهامة ، إذ يحدث ازدياد في عدد الخلايا اللمفاوية في سائل الغسالة القصبية السنخية في الساركوئيد والتهاب الأسناخ التحسسي خارجي المنشأ، في حين أن كثرة العدلات تشير لالتهاب الأسناخ المليف خفي المنشأ أو تغبر الرئة وفي المرض النادر داء البروتين الرئوي السنخي تكشف مادة شحمية بروتينية غزيرة في سائل الغسالة ويشاهد عدد كبير من البالعات المحملة بالحديد في داء الهيموسيدروز الرئوي.
4 الخزعة الرئوية
يعتبر فحص مادة الخزعة إجراء تشخيصياً هاماً في معظم الحالات، فالخزعات القصبية وعبر القصبية المأخوذة بواسطة منظار القصبات الليفي البصري تثبت عادة التشخيص في الساركوئيد وفي بعض الحالات التي تقلد الـ ILDs كالتسرطن اللمفاوي وأخماج محددة، لكن هذه المقاربة من ناحية ثانية لا تقدم إلا عينة نسيجية صغيرة حيث قد يتطلب الأمر في اضطرابات أقل نوعية كالتهاب الأسناخ المليف خفي المنشأ عينة خزعة جراحية أكبر لأن ذلك سيكون ضرورياً غالباً لوضع التشخيص الأكيد ويمكن الحصول على هذه الخزعة من خلال فتح محدود للصدر أو من خلال التنظير الصدري بمساعدة الفيديو.
اضافةتعليق
التعليقات