جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، جاءت في سياق التقدم العلمي الهائل، وفيما تزايد اعتماد المؤسسات والأفراد على التطور التكنلوجي، وتخطى عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد في العالم 5 ملايين و131 ألف، وأسفر عن وفاة أكثر من 331 ألف شخص، بينما تعافى أكثر من مليوني مصاب والأعداد في زيادة!.
وتؤكد ورقة علمية صادرة عن جهاز البحوث التابع للاتحاد الأوروبي ويعرف بـ"EPRS"، أن التكنلوجيا تسدي خدمة كبيرة لمن يعملون في قطاع الصحة حتى يؤدوا عملهم؛ سواء تعلق الأمر برصد من أصيبوا بالفيروس، أو مواكبة المرضى ورصد تحركاتهم.
وفي المنحى نفسه، واصل الطلاب دراساتهم عن بعد رغم إغلاق المدارس أبوابها، بسبب الجائحة، لكن هذا الأمر لم يخل من فجوة، لأن الأجهزة ليست متاحة لكافة التلاميذ، لاسيما الفقراء منهم وأطفال البلدان الأكثر فقرا.
واعتمدت دول كثيرة على تطبيقات الهواتف الذكية حتى تواكب تحرك المصابين بفيروس كورونا، أو من قاموا بمخالطتهم وباتوا معرضين بدورهم للإصابة.
حتى إجراءات العزل ولا سيما في المدن الكبيرة والأسر الميسورة باتت أمرا سهلا ومريحا مع إمكانية العمل من المنزل والحصول على التشخيص الطبي عن بعد وممارسة الرياضة عبر التطبيقات أو الأجهزة الموصولة ووسائل الترفيه بالبث التدفقي، ويقول باتريك مورهيد المحلل لدى مور إنسايتس أند استراتيجي، "للمفارقة أصبحت الكثير من التكنولوجيات التي تتعرض عادة للانتقاد الشديد، ملجأ نشعر فيه بالأمان في زمن فيروس كورونا المستجد"، ففي الصين وكوريا الجنوبية ودول أخرى.
وحتى الشركات بدأت بالتعاون فيما بينها لتقديم الخدمات التكنلوجية فقد أعلنت شركتي Google و Apple، مؤخرًا أنهما وضعتا التنافس جانباً، للتعاون على تطبيق من شأنه تتبع تفاعلات المرضى المصابين، الذين يختارون المشاركة. ويستخدم التطبيق إشارات بلوتوث مجهولة المصدر لتنبيه المستخدمين إذا كانت هواتفهم قريبة من هواتف الأشخاص المصابين.
وتشكل كوريا الجنوبية إحدى أنجح البلدان في الاستعانة بالتكنلوجيا لأجل تطويق الوباء، لاسيما أن هذه الدولة الآسيوية سجلت ثاني أعلى عدد من الإصابات بالفيروس على المستوى العالمي، بعد الصين، في أواسط فبراير الماضي، ثم استقر عدد الحالات المؤكدة على نحو لافت.
واعتمدت كوريا الجنوبية، وهي من أكثر دول العالم تقدما على مستوى الاتصالات، على الهواتف الذكية لأجل رصد المخالطين، سواءً من خلال تتبع الأماكن التي ارتادها المصابون بمواقع التحديد الجغرافي "جي بي إس"، أو عبر رصد عمليات الشراء التي قاموا بها من البطاقات، أو مراجعة الكاميرات الذكية.
واستطاع البلد الآسيوي أن يحصر عدد المخالطين، بشكل فائق السرعة، وهو ما أتاح الوصول إلى المصابين المحتملين، بشكل ناجع كي لا ينقلوا الفيروس إلى غيرهم، فيما جرى تكثيف الفحوص بشكل كبير، لاسيما من خلال الاختبار في السيارات، في غضون دقائق قليلة.
وتشير الورقة الأوربية إلى أن التكنولوجيا تخفف الضغط على موظفي القطاع الصحي، فضلا عن المساهمة في جمع البيانات وتطوير اللقاحات.
ومن ثمار التكنولوجيا في المجال الصحي أنها تتيح أخذ الاستشارات عن بعد للحالات غير الحرجة، حتى تركز المستشفيات على الحالات التي تحتاج إلى العنائية الفائقة، وهو أمر لم يكن متاحا في أزمنة مضت.
لكن هذه الوسائط الذكية، لم تسلم من الانتقاد لأن الخبراء نبهوا إلى "مسألة الخصوصية"، لأن البيانات الشخصية للمصابين يمكن أن تصبح عرضة للاختراق من قبل السلطات.
وأوردت الورقة الأوروبية أن أدوات كثيرة لجمع البيانات والمراقبة، تم فرضها، في ظل حالات طوارئ، وسط مخاوف من تأثيرها على حريات الناس الفردية وحقوقهم.
ولا تقف المخاوف عند هذا الحد، بحسب جهاز البحث التابع للاتحاد الأوربي، بل تطرح أسئلة حول العملية السريعة لاعتماد تقنيات الرصد أو حتى اللقاحات، فيما تستوجب هذه الأمور عادة قدرا كبيرا من التأني للتأكد من عدم وجود تبعات أو أضرار جانبية كثيرة.
ويدعو الخبراء الحكومات إلى إحداث نوع من التوازن بين توظيف التكنلوجيا ومراعاة حياة الناس الخاصة، حتى لا تكون ثمة أزمة ثقة مستقبلية في هذه الوسائط الساعية إلى تخفيف الوضع الوبائي.
اضافةتعليق
التعليقات