في دنيا الأهواء البعيدة عن السماء، جاء البشير النذير حاملاً رسالة السماء ليُنقذ الغارقين في الظلمات فكان خطاب السماء أنه "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ ويعلمهم الكتاب والحكمة" فعمل البشير على تزكية النفوس وصقلها لتشف عن الجمال، فقال البشير: "عليكم بمكارم الأخلاق فإن الله عز وجل بعثني بها". المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 69، ص 375.
ولأن بالأخلاق تحيا الأمم وتزدهر، أكدت السماء على أهمية الخلق الحسن وضرورة التحلي به وصار أقرب ما يكون لرسول الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم من يتحلى بحُسن الخلق.
قال صلى الله عليه وآله وسلم : (ألا أخبركم بأحبكم إلى الله، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة)، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (أحسنكم خلقا). الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ١٠٢. ومصادر كثيرة اخرى.
وعندما امتدح الخالق رسوله امتدحه بحسن الخلق وقال: انك لعلى خُلق عظيم.
وأشار تعالى الى أن الفلاح بتزكية النفوس وتخليصها من الرذائل والخُلق السيء. "قد أفلح من زكاها".
وما أكثر ما عانى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الكرام في ترسيخ المفاهيم الصحيحة والصفات المحمودة داخل النفوس لترتقي سبل النجاح وتحيا حياة طيبة.
وقبل أن يُبعث سيد الأنبياء وأفضلهم لتبليغ العباد حُمد وعُرِف بخلقه العظيم فلقبوه بالصادق الأمين لصدقه وأمانته وطِيب تعامله مع الناس جميعا.
فبُعثَ مؤكدًا على الخُلق الحميد داعيا ومعلمًا ليتحلوا به.
ومن الخُلق الذي ساروا به الأطهار وحثوا عليه هو المعاملة الطيبة وحمل الآخرين على الخير والتماس العذر للآخرين.
ولكن وللأسف نرى الآن أحدهم يتحين الفرص ليُسقط غيره. ويحكم على الأشخاص من قول أو موقف لا يعلم ما وراءه. أو يكون عونًا في الانتقاص من غيره.
بينما نجد ما ورد عن الرسول وأهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم يخالف ذلك بفعلهم ثم قولهم :
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: (إحمل أخاك المؤمن على سبعين محملاً من الخير)..
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (لَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ سُوءاً، وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مُحْتَمَلًا)!..
وعن الصادق (عليه السلام): (إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره، فالتمس له عذرًا واحدًا إلى سبعين عذرًا.. فإن أصبته، وإلا قل: لعل له عذرًا لا أعرفه).
فلو رجعنا لسيرة رسولنا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم مبعوث الرحمة وأهل بيته الكرام الذين ساروا بما سار به وتمعنا بها وحملنا أنفسنا على السير بها لتحولت حياتنا من حالها المؤلم لحال يسر الجميع فيزدهر العالم بسيرته العطرة وبتحقيق هدف بعثته المباركة.
فأين نحن الآن وما بُعث لإتمامه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
وإنِّما الأُمَمُ الأخلاقُ ما بَقِيَتْ
فَإنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخلاقُهُمْ ؛ ذَهَبُوا.
اضافةتعليق
التعليقات