في أحد الأيام وأثناء ذهابي إلى وظيفتي صباحا وكان على ماأتذكر بداية أسبوع لذا كان الطريق مزدحما جدا بسبب دوام الطلاب إلى المدارس. وفجأة توقفت السيارة التي كانت تنقلني لمكان عملي، بدأت أتلفت يمينا ويسارا من خلال نافذة السيارة لأرى ماالخطب؟
اكتشفت أن هنالك عدة سيارات متوقفة وبدأت أصوات أبواق السيارات تتعالى، انتابني الفضول كأي شخص لأعرف سبب هذا الازدحام أو التوقف في سير السيارات، التفت ألى الجهة الثانية، كانت مدرسة ابتدائية للبنات.
جذبني منظر لن أنساه أبدا أب ينزل ابنته الصغيرة ذات السبع إلى ثمان سنوات من السيارة وأثناء نزولها فتح خيوط حذائها وانحنى على قدم طفلته ليربطها ونسي من حوله من سيارات متوقفة ونسي الناس ونسي كل شئ ليلبي نداء صغيرته.
لم يأبه للازدحام والأصوات التي عجت بالمكان، شعرت وكأنه في عالم ثاني هو وابنته ولا يسمع أو يشعر بما يدور في العالم الخارجي، ذهب مع خيال ابنته ليكون ذلك الفارس الذي دائما ترى والدها به.
وفجأة وبعد اتمامه مهمته في ربط حذاء أميرته انتبه على عالمه الخارجي ليطلق نظرة وابتسامة امتنان واعتذار وفخر، كانت نظرته تغمرها سعادة كبيرة لكونه كان لدقائق فارس ابنته الذي خلصها من موقف كانت تظنه محرجا أو ربما كانت تظنه مأزقا وقد أنقذها والدها منه.
دائما نتكلم عن دور الأم في تربية أبنائها ونتحدث مرارا وتكرارا عن دور الأم الفعال وانجازاتها مع أطفالها فكان لابد من الإشارة إليه لكون الأم هي العنصر الأساسي في الأسرة وتربية الأبناء.
ولكن هذا لا يمنع من أهمية دور الأب في تكوين شخصية الطفل سواء كان صبيا أم بنت.
فوجود الأب في حياة الطفل لا يقل أهمية عن احتياجه لأمه وأهمية تواجدها معه، وإن غياب أحدهما يسبب فجوة كبيرة في شخصية الابن أو البنت.
للأب دور فعال وواضح في حياة أبنائه فهو عماد العائلة ويعتبره أطفاله البطل الخارق في قصصهم ومصدر القوة والمساعدة في أي شئ يحتاجونه، إن حنان الأم يختلف كثيرا عن حنان الأب، فالأم هي العاطفة والحنان والحب المفرط والاهتمام والأب هو السند والقوة والثقة والكبرياء والشخصية. وبدون هذه الصفات لا تكمتل شخصية أي انسان. يجب أن تجتمع صفات الأم والأب في تربية وتكوين شخصية الطفل ليتم التوازن بين فصي مخ الطفل حتى يكون شخصية سوية وفعالة في المجتمع.
إن نعمة الأبوين من أعظم نعم الله سبحانه وتعالى على البشر، فقد غرس جل وعلا في قلوبهم مودة ورحمة لأبنائهم حتى يراعوهم ويكونوا السند والحب والأمان لهم، وخير مثال على كلامي هذا الرجل الذي جعلته فارس مقالتي لهذا اليوم واتخذته رمزا لكل أب.
كان يرتدي لباسه الرسمي ويبدو عليه هيبة المظهر ولم يكن هذا عائقا لكي يركع أرضا لربط حذاء ابنته، ربما المتلقي ينظر صغر هذا الإجراء ولكن كان له أثرا كبير في تكوين شخصية الطفلة واحساس رائع للأب بعد أن رأى ملامح ابنته تغيرت وارتسمت ابتسامة فخر بدل من نظرة الحيرة التي كانت تحاوطه بها.
إن الأب نعمة كبيرة لأبنائه فهو السند والقوة والأمان ودور الأب كبير جدا في اتمام شخصية أبنائه، لذا يجب على الآباء أن يفعلوا دورهم التربوي في تربية أطفالهم التربية الاسلامية الصحيحة وأن لا يتنصلوا عن واجباتهم لتسليم المهمة إلى الام. فقد قال النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته... ".
اضافةتعليق
التعليقات