آن الأوان، ليوم الخاتمة أن تؤوب إلى ضحى الغد، وتترك بصمة الوعد وقنديل الجد في صدور الذين آمنوا..
خير الختام، من ختم الله به نبوة السلام، وحمد الأنام، محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام، أن يجعل في يومه وتأريخه جحافل من قلم يكتب فكرا، وينشر كتب قيمة، تخدم الأشعث الفقير، وتلبي طلب سخي الوجد.
في يوم ميلاده رحمة، ويوم رحيله خبر إذا جاء أسفر الضعف وغاضت الوجوه بدمع الجراح المستفيضة.. في حكم الطبيعة، إحالة العهدة إلى من ارتضاه النبي وصيا، ف يودعه أسرار نبوته، ومنافذ القلم، ولوح الترتيل، ف كان عليا سلام الله عليه، ذاك الوجه الآخر ل منافذ سر الله في أرضه وعزائم سوره ومستوى الإفاضة من علم النبوة بعد النبي صلوات الله عليه وآله، إلا أنه لا نبي بعده، بل أعمدة نور استوحت أنوارها من سماء علياءه، وسط كواكب التكوين وابراج المفاوضة.
تتكلم الصفوة من أهل بيته لسان ناطق الفيوض، وحكمة التعليل لكل مرقد، مآثر يمتد عنقها عامود العرش، كيف لا وهو أفضل من عرفه البشر، فهو أبو الأمة وصفاته جمهرة رحمة، وقد قال صلوات الله عليه وآله: (ياعلي، أنا وأنت أبوا هذه الأمة).
اتحدت الولاية يدا واحدة هنا ل تسجل أقصى الضمانات ل دعم النبوة، ب وصاية متينة تنعقد في ذيل ثيابها عقيدة الثبات وحزم الفكرة .(رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله)..
هكذا إذن، عقبى الذين آمنوا الجنة، وعقبى الذين كفروا، وخالفوا، واختلفوا نار جهنم خالدين .
يحدد التأريخ مواقف مستفيضة، من عمق الرسالة، وذاريات الحسوم، ل مبدأ السجود وطاعة الغفران المتجسدة في شخص النبوة، علم لا يضاهيه فارقة ولا فارزة تناقض الهدف، بل تتكامل بين وقفاته مكاتب علمية تتألق الغائية فيها ب حصانة لامثيل لها تفوق المناهج والأديان السابقة، علما وتطبيقا .
إلا أن سفاهات بعض العلوم المتناقضة وقدرتها على لصق افتراءات ضد شخص النبي عليه وعلى آله صلوات، والتي تعد من أقسى المناهج المتضادة لخط الهدى والسلام، والداعية إلى خلق الفوضى وإماطة الحقيقة الحاذقة فيها، والحط من مكانة النبي الأكرم والطعن في عصمته المباركة، قد بدأت للظهور من يوم استشهاده عليه صلوات الله .
وأخرج عدة من الحفاظ منهم الترمذي حيث قال: حدثنا الحسين بن حريث، حدثنا علي بن الحسين بن واقد، حدثني أبي، حدثني عبد الله بن بريدة، قال سمعت بريدة يقول :
((خرج رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا، فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي عليه السلام وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت أُستها، ثم قعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالساً وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي عليه السلام وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف)).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث بريدة . (214)
أليس عجبا! كيف يحوم الدف حول شخص النبي المقدسة، وإن هو إلا وحي يوحى وقد كرم ب يس، وطه وكل الحمد إلى تعويذة الخاتمة، وبه قد تمم الله مكارم الأخلاق؟! ولولاه ماكانت الأفلاك.
وما كان ذلك إلا استدراج الضد، وعنقود الغضب قد ملأ صدورهم، ل يمتلكوا منافذ القدرة وفي نفوسهم جهد جهيد للنيل من بيت النور والعصمة.
ف أزيلت الحرمة، وأغرقت أضغان السيوف سيلها على عتبة العصمة آنذاك، وتوالت فوادح صحبة السوء ضراوتها حمقا، وكان ل بسمار الباب حكاية ومأساة، ف كسر الضلع، وبانت صرخة المهد تجر ويلات الجنين وقد سقطت دماءه على لوح الكآبة ودمعة الرسالة، وغدت أوتار الشغب تحوم حول النور لتسرق العهد وتكون هي ربيبة المنبر وسواعده الكاذبة..
عن سُلَيم، قال: حدثني عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: ...إنِّي سمعتُ رسولَ الله (صلى الله عليه وآله) يقول: "أيها الناسُ، إذا أنا استُشهِدتُّ فَعَليٌّ أولى بكم من أنفسكم، فإذا استُشْهِد عليٌّ فابني الحسن"... إلخ.
[قال]: فقام إليه علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يبكي فقال: "بأبي أنت وأمي يا نبي الله؛ أتُقْتَل"؟
قال: "نعم، أهلِكُ شهيداً بالسُّم، وتُقْتَلُ أنت بالسيف.**
أي جرأة هذه التي تخطت عنق الندم، واستغلت غياب الضمير، وكيف كتب لها أن تكون هي الحاكمة دون قيد أو شرط الولاية ونص الرواية، نعم هذه هي الحكاية..
كتيبة الجبت والطاغوت، أظهرت دوافنها، وتعالت أصواتها ب تحكيم قول الشعب، لأقول الوحي ونص التأويل وآياته الحكيمة، متذمرين من طلب النبي، ل كتابة وصية بحق الثقلين، عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "تدرون مات النبي (صلى الله عليه وآله) أو قتل؟! إنَّ الله يقول: {أفإنْ ماتَ أو قُتلَ انقلبْتُم على أعقابكم}، فسُمَّ قبلَ الموتِ، إنَّهما سقتاه [سمَّتاه] قبل الموت". (فقلنا إنهما وأبوهما شر من خلق الله)*.
هل الترتيل هنا كان يحتاج إلى سند، بل هو السند والدليل جيب الوعد، بل لابد وأن تشهد المواقف وتبان الحقيقة ليعرف التأريخ وجيل الفرقد ومابعده على طول الزمن، إن سم الغدر الذي توسد جسد النبوة وشمول الحكمة فيه كان قد عد له سيناريو يشبه حوافر الضبع، عتمة بتخطيط.. بين خلية الكفر ومسافة الصحبة، جموع من أشرار (إن النبي ليهجر).
مثلث برمودا على حد قياس الحرف وغدر مياهه، جريمة ذات سوابق وعدة مجرمين، وبعض الخردة من أصحاب الهجر وخميلة مبعثرة عند باب الوفد.
ولابد أن تشهد، ويبصم بذلك التأريخ، أن حرب الحق والباطل تعاود نشاطها بين طيات المشاهد، يتقلدها ضباب عمر وبكرة الطمع.. ألا لعنة الله على كل من عد واستعد وتغاضى على من أفسد، والسلام على كل من وتولى وتبرى وسجد .
اضافةتعليق
التعليقات