تعتبر مرحلة المراهقة من المراحل الصعبة التي يمر بها الأولاد حيث يواجه المراهق الكثير من التغيرات الفيسولوجية والنفسية المصاحبة لهذه المرحلة. قد يتهاون الأهل في هذه المرحلة إذ يعتبرون أن المراهق قد أصبح مسؤولاً وأكثر نضجاً وتكون هذه المرحلة فعلياً أكثر حساسية ودقة.
عن تلك الإحاطة الشاملة والمتابعة الضرورية من الأهل وكل المشاكل التي يواجهها المراهقون في هذه الفترة من حياتهم، خصوصاً في أيامنا هذه بوجود وسائل التواصل الإجتماعي والأجهزة الإلكترونية والانترنت وما ينتج منها، ولا تقتصر المشاكل التي يتعرض لها المراهق على تلك التي تظهر مباشرةً. بل ثمة مشاكل عدة تظهر في المدى البعيد وتساهم في خلق مجتمع يشوبه الكثير من الخلل من النواحي التربوية والنفسية والأخلاقية والصحية .
مفهوم المراهقة
المراهقة في علم النفس فتعني: “الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي”، ولكنه ليس النضج نفسه؛ لأن الفرد في هذه المرحلة يبدأ بالنضج العقلي والجسمي والنفسي والاجتماعي، ولكنه لا يصل إلى اكتمال النضج إلا بعد سنوات عديدة قد تصل إلى 10 سنوات.
احتياجات المراهق النفسية
سنوات المراهقة مرحلة فارقة في تكوين الشخصية، لذا لا بد من مساعدة الأبناء في تلبية احتياجاتهم النفسية خلال تلك الفترة، من أهمها:
1- توفير بيئة منزلية آمنة ومحبة.
2- السماح بالاستقلالية والحزم المناسبين للمرحلة العمرية.
3- المسؤولية تجاه الممتلكات الخاصة به وبالأسرة.
4- خلق جو من الصدق والثقة والاحترام.
5- احترام خصوصية المراهق.
لا تقتصر الاضطرابات والعقبات النفسية العميقة على البالغين والعجزة فقط كما يعتقد الكثيرون، فالعقبات النفسية والأزمات العصبية التي تصيب الإنسان قد يتعرض لها في طفولته، وفى مرحلة المراهقة والشاب وحتى في الكهولة، وطالما يعيش الإنسان في الحياة ويعاني من مشكلاتها ويمر بظروفها الحسنة والسيئة يظل عرض للإصابة بمشكلات وعقبات نفسية.
وأكد الدكتور محمد محمود أخصائي العلاج النفسي، أنه لزاما على الجميع التعرف على أشهر المشكلات التي قد يقابلها المراهق خلال فترته الصعبة، والتي قد تتسبب له في المرور بعقبات نفسية عديدة وتوترات واضطرابات لا حصر لها.
العقبات النفسية العميقة التي تصيب المراهق
فقد أظهرت التجارب أن الأمراض النفسية الخطيرة تصيب الشباب في السن الصغير وفي فترات المراهقة، فيعاني الشاب من أكثر خمس اضطرابات معروفة، وشهيرة، على رأسها الشعور بالوحدة والعزلة والاغتراب عن مجتمعاتهم المحيطة، مما يصيبهم بمضاعفات الاكتئاب ويعمق من الأزمة ويجعلهم عرضة لأمراض نفسية أكثر خطورة كالتوتر المرضي، وحب الوحدة والانعزالية المرضية، والشعور بالكآبة والحزن دون أسباب واضحة، كما قد يصل المراهق إلى الشعور بعدم الرغبة في مواصلة الحياة، ويكره ذاته ويعنفها، ولا يتقبلها مما يتسبب له في اضطرابات نفسية مزمنة ومستمرة معه لفترات عمرية متقدمة، وخامس الإضطرابات التي يكون المراهق عرضة للإصابة بها، هي العيش مع الخيال والتحليق بعيدا عن الحياة على الأرض، وأضاف "المراهق قد يعاني من مشكلات خارجية تؤثر على نفسيته وحياته بأكملها، ولأن طبيعة المراهق تتسم بالمبالغة والإفراط، وحتى في شعوره بالمشكلات أو العقبات يكون مبالغا ومفرطا.
وأكد الدكتور محمد أن المراهق ليس بمنأى عن العقبات النفسية العميقة، بل إن أشهر الأمراض وأعمقها، يصيب في الغالب الشباب في سن المراهقة نظرا لشعور أغلبهم بالاغتراب في مجتمعهم الأسري والدراسي والعائلي المحيط .
أكثر هموم الشاب يصنعها عقله
ولفت الدكتور محمد إلى أن المراهق والمراهقة يمران على السواء بمشكلات في التكيف أكثر من أي فئة عمرية أخرى، فالمراهق يناضل كي يثبت نفسه وشخصيته بداخل عائلته وأصدقائه ومحيط جيرانه ومدرسته وكل من ينافسه، وهذا يمثل عليه حملا وعبئا عصبيا ونفسيا كبيرا لا يمكن للكثير من المراهقين التعامل معه بشكل جيد. ويستنفذ من عقليته وتفكيره الكثير ويجعله في حيرة من أمره على الدوام، فالمراهق يصنع همومه بنفسه وبعقليته، ويمكنه أيضا التغلب عليها من خلالها .
وفي نفس السياق أكد الدكتور أحمد خالد أخصائي الأمراض النفسية، أن فكر الشاب في مرحلة المراهقة ينحصر في أمور معروفة للجميع، وشائعة، ويجعلها محور حياته ومحل تفكير دائم منه، ويعمقها وتأخذ لديه أشكالا جوهرية وأساسية في تفكيره، وهي تنحصر في البحث عن قصة حب والبحث عن كيفية ملئ الفراغ العاطفي والخلاء النفسي الذى يشعر به أغلب الشباب، في ظل البحث أيضا عن هوية ثابتة تعبر عنهم، وإثبات حقيقي لهويتهم وذواتهم، والتفكير في إقناع الآخرين بها، وهذه الأفكار المعروفة والأهداف التي ينشدها كل شاب مراهق في مرحلة من عمره، قد يتسبب أي إخفاق في تحقيقها إلى تحميل عبئا زائدا على نفسية المراهق وقد يعرقل قدرته على التعامل معها جيدا، فهي قدرات تختلف من مراهق إلى آخر .
التكنولوجيا العدو الأول للمراهق والمجتمع
وأشار الدكتور أحمد إلى مدى انتصار التكنولوجيا الحديثة على فرض سيئاتها على المراهقين، وعدم قدرة أغلب المراهقين على الوقوف أمامها وتقنينها واستخدامها لصالحهم، بل أصبحوا عبيدا لها لا يمكنهم العيش بدونها، مما أثر بالتبعية على سلامتهم النفسية وتوازنهم النفسي المطلوب، والذي بدونه يصبح الشاب عرضة لأكبر المشكلات النفسية المعقدة دون مبالغة، ولا شك أن التكنولوجيا وعشق الشباب لها، خاصة المراهقين، أثرت بالسلب على عقليتهم ونفسيتهم وقدرتهم على إدارة العقبات النفسية التي تواجههم، وأصبحت سببا حقيقيا وراء صنع أغلب هذه العقبات التي تبعدهم عن الإنخراط في الحياة الطبيعية التي تضمن لهم توازنا عقليا ونفسيا حقيقيا .
نصائح عملية يمكن أن تساعد المراهق على التصدي للكثير من المشاكل التي يمكن أن يواجهها في هذه المراحلة العمرية الدقيقة؟
تبدو ممارسة الرياضة نصيحة أساسية لا بد من التركيز عليها. فهي كفيلة بتجنيب المراهق الكثير من المشاكل التي يمكن أن يتعرض لها. من المهم أن يقوم المراهق بالعديد من الأنشطة التي تحافظ على صحته وتخفف من استهلاكه للإنترنت وتساعده على النوم بشكل أفضل. كما أن من المهم التركيز على الاجتماعات العائلية والأوقات التي يمضيها أفراد العائلة معاً، فهي مهمة جداً للعائلة ككل وللمراهق بشكل خاص. أيضاً ثمة نصيحة أساسية للأهل وتقضي بضرورة اطّلاعهم على التكنولوجيا بوسائلها الحديثة وتقنياتها للتمكن من متابعة المراهق بشكل أفضل ومناقشته حولها.
أيضاً على الأهل أن يعرفوا أن من الضروري ألا يكون للولد حساب خاص به قبل سن 13 سنة، وهذا ما يُنصح به على الصعيد العالمي. من المهم حضور الأهل إلى جانب المراهق ليفسروا له ما يتعامل معه وما يشاهده. يجب ألا ننسى أيضاً أهمية النظام الغذائي الصحيح للمراهق والذي يمشي جنباً إلى جنب اللياقة البدنية وممارسة الرياضة في نمط حياة صحي مما يبعد عنه شبح الاكتئاب ويزيده ثقةً في النفس.
نصيحة أخيرة: الأهل هم دائماً قدوة لأولادهم، ومن المهم أن يكونوا مثالاً جيداً لأن الأولاد يتبعونهم ويحذون حذوهم في كل خطوة يقومون بها. هذا من دون أن ننسى أهمية التواصل الدائم مع المراهق ومصارحته لتبقى الثقة قائمة في كل الأوقات ولتجنب الوقوع في الأخطاء. يحتاج المراهق إلى التعلّم، والأهل هم الذين يقودونه في كل خطوة يقوم بها ليمشي في الطريق الصحيح في سبيل مجتمع صالح.
نصائح أساسية إلى الأهل:
أولاً: يجب على الأهل أن يصغوا جيداً.
ثانياً: يجب أن يكونوا مثالاً جيداً، فالمراهقون يتبعون الأهل كمثال وإن لم يُظهروا ذلك.
ثالثاً: يجب أن يحدّدوا الأولويات.
رابعاً: يحتاج المراهق إلى إحاطة شاملة من كل النواحي النفسية والتربوية والثقافية والصحية والاجتماعية.
اضافةتعليق
التعليقات