عندما يقترب الليل من تلك النوافد يسمع ضجيجٌ بصمتْ، يسرق من ذاك الظلام هدوءه، ينصتْ الى الصوت الخارج من نبض احلام ذلك الصغير النائم الذي سُرقتْ منه احلامه البريئة لتحل محلها أحلام تفوق عمره، فمن النافذة الاولى يسمع حلم يكتب رسالة الى ذلك الوالد البعيد:
(الى أبي الذي تركني، انا لستُ السبب في خلافكما، لماذا لا تسأل عني، تعبتْ وأنا أرى من حولي آباء يعتنون بأبنائهم ويشترون لهم الحلوى، أنا لا أريدها صدقني لاتشتريها لي اريد فقط وضع كفي الصغير في يدك لأستشعر قربك ارجوك عد).
يسمح الليل نجمة منه حاولت السقوط ليتجه الى نافذة زهرية تنم عن ملكة تنعم بالسلام يقترب منها يراها تطيل النظر لأحدى نجماته يستنطق نظراتها فتقول: (أمي... هذه الكلمة قلتها لعمتي.. قلتها مرارا لكن لا طعم لها، حلاوتها ذهبتْ يومَ تركتيني من أجل الوظيفة، إن كنتِ تحبين عملكِ لما انجبتيني لهذه الدنيا هل لأرى عملك الناجح واكون ابنتكِ الضحية).
يرمي الليل زفرته بألم ثم يبتعد فلم يعد يطيق عجزه في حل مشاكل اولئك الاطفال، فيرى من بعيد غيمة رمادية تعجب تغيرها من لونها الاصلي، تقرب منها شاهد رجل يخانق زوجته وهي تجادله صرخ بها وضربها نظر في آخر الغيمة طفل يجلس ووجهه بين قدميه ثم رأى توجه الام اليه حملته فرأتْ نقيعاً تحته فأبرحته ضربا وهو يبكي، أستمع صوتٌ من بكائه (امي لاتجعلي مني مفرغة لغضبك ماذنبي انا ارجوك.. لا تجعليني اكرهكما).
ضرب الليل تلك الغيمة عسى ان تذهب فوجد من بعدها فوجٌ من الغيوم تتجه نحوه، لمح من بعيد غيمة تستنجد من ظلامة البقاء لا تريد نهارا يقبل عليها كي لا تكون خادمة لزوجةِ أب تغار من أمها المتوفاة.
اقترب منه حلم لفتى يهتف (ابي ان كنتَ لا تحب امي لما تزوجتها لما انجبتماني كنتَ تزوجت من تريد منذ البداية ما ذنبي اتحمل ضعفك امام قرار ابيك، لما تطلقت امي كنت تركتها عندك أو كنت ضحيتْ بحبك لأجلي لكنك ابٌ فاشل).
انتفض الليل صارخا بصوتِ لايسمعه المغشي عليهم بحجج واهية: كفاكم ادخال الاطفال في مشاكلكم لا تحلموهم مالا طاقة لهم به، لاتلصقوا فشلكم بهم، لاتدعوهم ضحية لمسمياتكم الواهمة.. تنفس الليل بتعب وعلم انه لا جدوى من كلامه، ثم غادر بهدوء ليعطي للفجر حق البزوغ.
اضافةتعليق
التعليقات