القياس معرفة قدر أحد الأمرين بالآخر، ومنه يستدل إلى حقيقة الآخر، ولكل أمر قياس معين ونسبة معينة تحدده، وفق معايير معينة تسنها الكتب أو بالاتفاق أو نجدها صريحة بكتاب الله والأحاديث الشريفة.
القاعدة وجود معايير معينة تتضمن مجموعة من الدرجات لكل أمر، سواء كان مادي مثل درجات الحرارة والجمال وغيرها، أو معنوي كالأخلاق والدين والالتزام وغيرها.
والمقاييس اليوم مسلوبة الحقوق مغلوب على أمرها فكلها تخضع للذائقة الخاصة للفرد، وهذا يقود إلى فوضى عارمة على حساب المجتمع نفسه، فتظهر مسوغات عامة للتنمر والتعدي وبالتالي ولادة مشاكل نفسية غير متناهية، فعلى المستوى المادي نرى شعور الفرد هو الحاكم ومن يخالفه بالرأي يتهم بعدم المعرفة أو الذوق والإحساس وأحيانا بأنه شخص غير سوي من دون العودة للمقياس الحقيقي للأمر، فمقياس الحرارة له درجات معينة يأتي أحدهم يضرب المقياس عرض الحائط ليقول أنه من غير المعقول أن تكون درجة الحرارة هذه فالجو أشد حرارة من ذلك وحين يخالفه آخر يتهمه بعدم الشعور.
أو إنه قد يعاني من مرض ما! من غير الالتجاء إلى المقياس الخاص به، كذلك معايير المقاييس المادية فهي أصعب في الوصول إليها من قبل العامة من الناس، فالفوضى فيها ضعفين حيث أصبح من السهل التحكم بها فمن يخالفه بالرأي ينعته بالكفر أو الخروج عن الدين فقط لأنه يعتقد بهذا الرأي الذي قد يكون مخطئ فيه وفق المقاييس الدينية الحقة.
وكذلك الأخلاقية فما دام الشخص مقربا فهو مستثنى من القواعد فيباح له الشتم والتلفظ بألفاظ نابية، أما العكس فمجرد أن يتفوه بأمر ينعت بنقص الأخلاق، كما نرى العديد من الأشخاص يعبثون بالمقاييس هنا وهناك، هذا لأن المجتمع مقياسه الوحيد هو المزاج وإتباع ما تمليه عليه رغباته الذاتية، بدافع الضحك وبدافع اثبات الوجود ودوافع أخرى.
من الضروري العودة لمن يريد أن يخرج من تلك الفوضى أن يضع معايير عقلية ومنطقية ويعززها لأخرى دينية ليكون خارج إطار تلك الفوضى ومن ثم الوقوف أمام هذه الزوبعة التي تقود المجتمع إلى التشتت والضياع، حتى لا يكون نسخة مشابهة لكثير من أفراد المجتمع فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
اضافةتعليق
التعليقات