يدق عيد الفطر المبارك علينا الباب، وتوقيته اليوم الأول من شهر شوال، وفيه ينهي الصائمون صيام شهر رمضان، لذا سمى بعيد الفطر، وتكريما لهذا اليوم يحرم الصوم فيه، وعلى وقع الاستعداد لحلول العيد يتحرى المسلمون في جميع أنحاء العالم موعده فهو (يوم الجائزة) وموعده يكون بحسب ثبوت رؤية هلال شهر شوال للعام الهجري الحالي 1441هـ وعيد الفطر هو أحد عيدين شرعهما الله سبحانه وتعالى للمسلمين في كل عام (عيد الفطر وعيد الأضحى) وكلاهما يأتي بعد أداء عبادة عظيمة وجليلة أمر الله سبحانه وتعالى بها عباده المسلمين، فعيد الفطر المبارك يأتي بعد صيام شهر رمضان الركن الرابع من أركان الإسلام، فيما يأتي عيد الأضحى بعد الوقوف على جبل عرفات وأداء مناسك الحج، وهو الركن الخامس والأخير من أركان الإسلام، ورخصته لمن استطاع إليه سبيلا.
ولمصطلح عيد في اللغة العربية اشتقاقان الأول منها مشتق من كلمة (عاد يعود) والثاني من (العادة) وقيل إنما سمى العيد عيدا، لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد، أو لعوده وتكراره كل عام، والفطر في اللغة يطلق على عدة معان، وهنا يعني الإفطار.
شرع الله سبحانه وتعالى للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها في العيدين سننا وآدابا، اقتضاء بما فعله نبيهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) واختص عيد الفطر بإخراج «زكاة الفطر» التي فرضت على المسلمين في السنة الثانية من الهجرة، وهو نفس العام الذي فرض فيه صيام شهر رمضان، وسبب تسميتها بزكاة الفطر له وجهان الأول أن الفطر هو مقابل الصوم لذلك يجب إخراجها قبل فجر شهر شوال، والوجه الثاني للتسمية مشتق من كلمة فطر أي خلق في إشارة إلى فطرة الله للناس وخلقه لهم.
وعيد الفطر هذا العام (استثنائي) حيث يأتي في ظل قيود وقرارات وتشديد للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لحماية المواطنين من تفشى فيروس (كورونا) المستجد، الذي فرض تداعياته مسئولية كبيرة على الجميع حكومة وشعبا، ونصائح للصحة العامة للممارسات والتجمعات الاجتماعية والدينية خلال عيد الفطر.
فرضت دول عربية عديدة منعًا تامًا للتجوال في أيام عيد الفطر السعيد، ومنعت التجمعات لأداء صلاة العيد، ضمن إجراءات مشددة للحد من انتشار فيروس كورونا. حيث مرّ شهر رمضان المبارك على المسلمين في هذا العام مختلفًا بسبب الحجر الذي فرضته جائحة كورونا، فلا جمعات عائلية على موائد الافطار اليومية، ولا اجتماع الناس في بيوت الله ولا غيرها من الطقوس المعتادين عليها.
ويحلّ العيد في ظروف أقسى، إذ فرضت دول عربية عدة حظر تجوال تاما في أيام العيد، ومنعت صلاة العيد جماعة، ضمن إجراءات احترازية قاسية تجنبًا لمزيد من التفشي بسبب الاختلاط المتوقع بكثافة.
وأيضا صدر قرار مماثل عن الحكومة العراقية التي أعلنت فرض حظر تجوال شامل خلال أيام عيد الفطر، في إطار تدابير مكافحة الفيروس التاجي؛ وبهذا كورونا سيغّر ملامح عيد الفطر هذا العام، من حيث منع التجمعات البشرية والزيارات وإقامة العادات المعتادة، في إجراء وقائي عسى أن ينتهي قريباً.
ونتيجة الإجراءات المتخذة في محاربة كورونا، لا شك أن روح العيد قد فقدت بعضاً من بريقها المعتاد كما أن الخيبة الأكبر ستكون من نصيب الأطفال، الذين قد يواجهون صعوبة في تقبل "وجه العيد" الجديد في زمن كورونا، فقد كان العيد بالنسبة للأطفال فرصة للذهاب إلى أماكن الألعاب بملابس جديدة تشترى بشكل خاص لهذه المناسبة ولقاء الأقارب والحصول على "العيدية" التي تعتبر هدية رمزية تفرح قلوب الأطفال في أيام العيد.
حيث ما يحدث في هذا العام سوف يكون عكس كل عام؛ ففي مثل هذا الوقت من كل عام كانت الأمة الإسلامية كافة تقف على قدم وساق مبتهجين للاحتفال بعيد الفطر المبارك كلاً على طريقته، ولكن كما يبدو أن هذا العام له طابعه الخاص الذي سيختلف عن جميع الأعوام السابقة، هذا الطابع الذي يملأه الصمت والهلع والخوف مع المزيد والمزيد من الشعور بالوحدة وأضيف إليه ما هو أقسى فسيمر عيد الفطر المبارك لهذا العام بشكل مختلف وكان هذا تباعاً لما فرضه علينا الوضع الحالي لفيروس كورونا.
لذا علينا أن نواجه هذه الأزمة فعلينا أن نواجه القدر بقدرٍ آخر، وهو حسن التدبير في البحث عن بدائل أخرى لإحياء فرحة العيد والتفكير في صناعة السعادة لمن حولنا.
واليكم بعض الأفكار والوصايا في مثل ظروف هذا العيد:
1- نبدأ يومنا المبارك بصلاة الفجر جماعة، ثم نُفطر بعدها على ما تيسر، وذلك إعلانا بالاستجابة لأمر الله تعالى، فقد أمرنا الله فصمنا، وأمرنا فأفطرنا، وتلك هي معنى العبودية .
2- نؤدي صلاة العيد جماعة مع أولادنا وأهلنا، ونؤدي أعمال يوم العيد ولتكن لكم فرصة للاجتماع بأولادكم وحثهم على أداء أعمال العيد معا.
3- علينا أن نعيش فرحة التكبير الجماعي داخل البيت مع الأسرة، ولنحرص على عدم رفع الصوت حتى لا نزعج الجيران.
4- كما قمنا بتزيين البيوت لاستقبال شهر رمضان علينا أن نُزين بيوتنا وقلوبنا لاستقبال عيد الفطر المبارك لكي ندخل الفرحة على قلوب من حولنا.
5- اصنع السعادة والفرحة والبهجة مع أسرتك وأولادك، وإن كانت لك عادة حسنة في كل عيد، كالهدايا فاحرص عليها.
6- صلة الأرحام والإحسان إلى جيراننا المسلمين وغير المسلمين من تجليات ومظاهر يوم العيد، فلنشارك الآخرين فرحتنا بالكلمة الحسنة حيث مع انتشار التكنولوجيا التي حطمت الحواجز الزمانية والمكانية فقد يمثل هذا بمثابة المعين أو المنُقذ لتمضية العيد مع تقليل حدة الوحشة فقد استعاض الكثير من الناس عن التجمعات العائلية بالتواصل عبر تقنيات وبرامج التواصل المرئي مثل واتساب وغيرها من برامج التواصل الاجتماعية، لتبادل المعايدة بدلا عن التزاور والتجمعات التي اعتاد عليها الناس في الأعياد.
7- لا تنسوا الفقراء والمساكين واليتامى والمظلومين من مواساتكم بالمال والهدية والدعاء وإدخال السرور على قلوبهم.
وأوصيكم خيراً بالأطفال، دعونا نحتفل بالعيد في «زمن كورونا» مع أبناءنا، نزين منازلنا، ونمد موائد الحلويات والأطعمة اللذيذة، ونملأ البيت بالهدايا يفرح بها أبناؤنا ونفرح معهم، دعونا نلعب، ونتسابق، ونتنافس، فنزداد قرباً من أبنائنا، لا تدري لعل الله قد أرسل هذا الفيروس ليقربنا من أسرتنا بعدما شغلنا بنظام حياة جديد أبعدنا عنها.
فتلك إحدى العبر من دروس زمن كورونا ومن أجل الممارسات في العيد العفو عن الزلل، فما أجمله من وصل، بين شخصين متخاصمين يعلنان الصفح الجميل في هذا اليوم الجليل، اضافة إلى كثير من الأمور الجيدة يمكن أن نفعلها من التسامح والعفو ومساعدة الآخرين وغيرها اضافة إلى الالتزام بما قمنا به من أعمال حسنة خلال شهر رمضان الكريم والسير على نفس النهج من الأعمال الصالحة لأن أهم درس تعلمناه من كورونا، أننا أعطينا الدنيا أكبر من حجمها. لذا علينا أخذ دروس وعبر من الظروف التي نمر فيها.
اضافةتعليق
التعليقات