أقامت جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية ندوة حوارية بعنوان: "المبادئ.. وتزاحم القيود حولها"، ضمن برنامج ملتقى المودة الشهري، بحضور سماحة الشيخ مرتضى معاش، وعدد من النساء الناشطات والكاتبات المهتمات بهذا الشأن، الخميس المصادف 4/7/2019، في مقر الجمعية/ كربلاء.
أدارت الجلسة الكاتبة ضمياء العوادي، حيث بدأت حديثها قائلة: في أولى خطوات أي أنسان يرسم مجموعة من الخطوط التي يسير عليها وينظم حياته وفقها، بعضها يجدها بانتظاره فتُرسم إليه بشكل عادات مفروضة فيتبناها ويؤمن بها، وبعضها هو يرسمها بنفسه وفق ما يراه مناسبا لشخصه.
والمبادئ يمكن عدها قوانين وقواعد فردية يبنيها كل فرد لنفسه، وبعد التطور الموهوم للمجتمع، وما حدث من ضياع لهوية الفرد، والانفتاح على أفق الغرب والشرق بدأ المجتمع يقلل من قيمة مبادئ الأفراد ويعتبرها قيود يقيد الأشخاص بها أنفسهم وشيء من المثالية، وقد ينبذ الفرد اجتماعيا ويرمى بالعقد النفسية، والفهم الخاطئ للحياة، وأنه لم يعش حياته بعد، بالرغم من أن هذه القيود هي فرضٌ حديثٌ فرضه التطور.
ثم وجهت سؤالها للحضور: كيف يمكن تطبيق المبادئ مع كل هذه القيود وهل تعتبرينها مثالية؟
أعطت وسن هادي/ إدارية في معهد صدى الحوراء، مثالا في العباءة حيث بينت أنها لم تعقها، بالرغم من أن المجتمع يعدها قيد يعيق حرية الفتاة.
أما سندس فاضل/ مديرة معهد صدى الحوراء، فقالت: المبادئ هي ما يبدأ بها الإنسان ويتبناها، وتبدأ من الدائرة الأولى للإنسان ألا وهي التربية، ثم مرحلة المدرة والمجتمع، فلو تبنى مبادئ صحيحة سيحافظ عليها ويقاوم ما يواجهها، أما إذا تأرجح بين مبادئ صحيحة وأخرى خاطئة حتما سيكون معرض للتخلي عنها اذا ما عرضه عارض، فالمبادئ تضعها الأسرة في الغالب.
أما رقية تاج/ كاتبة، فصلت قائلة: نعم من الممكن تطبيقها، بعد جهد كبير وعمل على الذات ودور التربية هنا مهم جداً في غرس المبادئ فضلا عن تطبيقها، وقبل تطبيق المبادئ يجب أن نحددها ونعرفها أولاً من خلال ذاتها أو من خلال آثارها ونتائجها.
وأضافت تاج: وكل مبدأ من المبادئ الحقّة إذا أُريد لها أن تكون قائمة في النفس البشرية أو على أرض الواقع الخارجي، فلابد أن يكون هنالك نموذج يمثلّها، وذلك لأن للنماذج من الباعثية أضعاف ما للأفكار النظرية. ومن النماذج المثالية الأنبياء والأئمة المعصومين، وأيضا الأب والأم والمعلّم والصديق الناجح قد يصبح أنموذجا يُحتذى به في تطبيق المبادئ النبيلة.
وقالت جنان الهلالي/ كاتبة: المبادئ مسألة فطرية عرفها الأنسان قديما، ويستطيع الأنسان أن ينميها أو يقتلعها إذا ما فضَّل أموره الشخصية، والمبادئ كانت سابقا عادات يمارسها الأنسان ثم جاء الإسلام ليؤكد أحسنها ثم في أحاديث النبي وأهل بيته، وهناك من المبادئ ما هو دخيل ومندس يجب أن نلتفت له.
وتميز رأي أبرار محمد/ ربة بيت، حيث قالت: يستطيع الفرد أن يطبق مبادئه، وحتى يؤثر بالآخر، إذا اتسمت بالمرونة، وفصلت محمد: لكل فعل حكم شرعي معين وحكم الكذب الحرمة وهذا الحكم الأولي ولكن ممكن أن يكون حلالا ضمن حكمه الثانوي في انقاذ نفس أو حل مشكلة فيتحول إلى الحلية، فعند اختيار أي مبدأ من المفترض أن يتقبل الضغوطات الموجودة ويمتصها ويحتويها.
أما الشيخ مرتضى معاش/ رئيس مجلس الإدارة مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام أجاب: كل شيء يحدث ويتغير ويصلح من خلال الثقافة، نحن لدينا الكثير من المشاكل الثقافية والمشاكل في القيم التي تجعل المجتمع مشوه وغير قادر على التغيير والتحول.
فشجّع معاش على نشر هكذا ملتقيات في الأحياء والمناطق التي تحتاج إلى ذلك فهذه تعتبر انطلاقة جيدة نحو التغيير.
وأضاف بأن الجميع يعاني من المشاكل وللتخلص منها فلنبدأ من أنفسنا، حيث بيّن أهمية الكتاب في نشر هذا الوعي وبأنه يجب استثمار الوقت لما فيه صلاح للمجتمع. وأيضاً وجّه بدوره سؤالا للمشاركات حول ما يطلق على مصطلح التخلي عن المبادئ حيث أشار إلى أنه يسمى الانحراف (التخلي عن الطريق) والذي يؤدي إلى الوقوع في الهاوية وأوضح بأن الإنسان الذي يتخلى عن مبادئه هو الانتهازي "مصطلح يجمع الكثير من الأمراض".
وقال معاش: إن هناك الكثير يتخلون عن المبادئ من أجل البحث عن الربح السريع وأهم أسباب ذلك هو سلوك القطيع "أي اتباع الآخر بدون فهم معتمدين على الغرائز".
ثم وجهت العوادي سؤالا آخر للحضور قائلة: في الآونة الأخيرة هناك أنواع من ضغوط التحرر على الإنسان، فانقسم الأفراد إلى قسمين منهم من ينعزل عن العالم ليعيش وسط جو مبادئه، وآخرون تخلوا عن مبادئهم فما هي تأثيرات التخلي عن المبادئ عند مواجهة الضغوط؟
فأجابت زينب صاحب/ مديرة جمعة المودة والازدهار: المبادئ مثل البوصلة توجه الأنسان، وإذا تخلى الأنسان عنها حتما سيضيع ويكون عشوائي، وبعض الناس يمارسون العزلة للمحافظة على مبادئهم وهو ليس بالمعنى التام للعزلة، في القرآن الكريم يذكر الباري: (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) فيستقطب الأنسان من يشابهه في المبادئ حتى يخرج من الأنعزال التام عن الناس.
واختصرت اسراء الفتلاوي/ كاتبة قائلة: المبدأ هو هوية للإنسان والانسان يعرف من خلال هويته فإذا تخلى الإنسان عن هويته فسيبقى يعاني الضعف والاستسلام وبالتالي يكون مهزوما أمام نفسه وأمام المجتمع وينحدر نحو الضياع وهذا ما نراه في المجتمعات التي تفتقد لمبادئ حقيقة.
وقالت ربى العبيدي/ ناشطة: التخلي عن القيم والمبادئ لدى الإنسان هو تخلي عن الهدف، والأنسان يتأرجح عادة بين الصح والخطأ، فإذا تخلى الإنسان عن الطريق الصحيح يعيش في وسط الفوضى والعشوائية وبالتالي تترتب عليها مجموعة من المشاكل الاجتماعية.
أما في ختام الملتقى كانت الكلمة للشيخ مرتضى معاش حيث أشار: " المبادئ في حياتنا هي القوانين التي تشكل الحياة، مثل جاذبية الأرض حينما يريد أحد أن يعاندها ويلقي نفسه من مكان مرتفع فيموت كونه تحدى شيء ثابت موجود، التلفزيون التكنولوجيا وغيرها هو نتيجة قوانين فيزيائية وكونية كذلك المبادئ نابعة من قوانين كونية الله وضعها مثالا على ذلك الظلم والعدل فالعدل جيد حسن والظلم قبيح ودائما الظلم يؤدي الى فساد وكوارث وحروب والعدل يؤدي الى الرحمة فمن يتخلى عنها فسيكون في منحدر الحياة. فالله سبحانه يقول ومن أعرض عن ذكري فأن له عيشة ضنكا
ثم أكد قائلا: لابد أن تكون حركة توعوية بأهمية المبادئ فهي الطريق الى الحياة السعيدة فنحدد ماذا نريد السخاء أم السعادة بعض الناس يريدون السعادة السريعة فيقعون في الذنوب والمظالم فيجلبون مزيدا من الحزن، الان مفهوم السعادة اقترن بالمال والامور المادية غير أنها أعمق من ذلك فالمحبة والتعاون هي مصدر للسعادة، فمفهوم الحياة الآن منحرف عن مساره فلابد من تصحيحه بإعادة المبادئ الصحيحة التي لو أسسناها نؤسس لمجمع صالح،
ثم أضاف: من الواجب أن يبدأ الإنسان بنفسه أولا بأتخاذ السلوك المناسب وترك غير المناسب منه، وتفعيل روح المبادرة فلا ننتظر الاخرين أن يقدموا لنا من حكومات وحوزات وغيرها بل نكون نحن في الصدارة حتى نشق الطريق لمن بعدنا.
وأيضا لا بد من تطبيق مفهوم الربح للجميع حتى لا ينام شخص مصاب بالتخمة وآخر جائع فالمجتمع الجيد هو المجمع المتكافل المشترك، وأيضا نحتاج تفعيل قاعدة الكلمة الطيبة صدقة على مستوى الاسرة وعلى مستوى المجتمع حتى لا نخرج بمجمع متفكك بل متلاحم منسجم. التي خرجت بها الندوة فلخصتها العوادي ب:
1_العمل على الاهتمام بالمبادئ الرئيسية وارسائها، من خلال انتقائها من القرآن الكريم وأحاديث أهل البيت عليهم السلام كونهم أسسوا للمبادئ التي تقود الإنسان لإنسانيته.
2_ المواجهة الحقيقة لكل ما يطرأ من مبادئ دخيلة للحفاظ على الهوية الاساسية للفرد.
3_ التعامل بمرونة مع تلك المبادئ حتى يمكن استقطاب الآخر لهذه المبادئ القويمة.
4_ التحرر من القيود التي تزلزل شخصية الفرد ومبادئه.
والجدير بالذكر أن جمعية المودة والازدهار تقيم العديد من الورشات والبرامج التطويرية والدورات التي من شأنها إضافة بصمة في المجتمع في كافة المجالات.
اضافةتعليق
التعليقات