رحى الأيام حين تدار نجد من يتساقط من جانبيها ليكون ضمن تلك القشور ومن يخرج لنا دقيقا صالحا لكل أمر يقاوم ويكافح تحت الضغط.
كثيرا ما نواجه في حياتنا مشكلات عدة وأحيانا عندما نراجع النقطة الأساسية لمشكلة معينة نراها حصلت بسبب عدم توازن نظام الوقت والمشاعر، فمنهم من مال وقته إلى شيء معين مهملا الأشياء الأخرى وآخر من مالت مشاعره باتجاه معين تاركا الأمور الأخرى تعاني الافتقار.
إن التوجه نحو قضية واحدة ستعرض الفرد لمواجهة عنيفة أمام القضايا الأخرى، فتكون بالتالي حياته غير متوازنة، فطبيعة المرأة التكوينية زودتها بطريقة تفكير شبكية تستطيع من خلالها تلبية أكثر من حاجة في آن واحد، وهذه الصفة تساعد المرأة في صناعة توازن حقيقي بين شتى الأمور التي تواجهها، اليوم ومن صعوبة الحياة وتعدد الوظائف الموكلة لكل امرأة جعلت منها مقصرة إما في حق نفسها أو حق عائلتها أو في حق العمل.
فهنا من الضروري أن تعمل توازنا بين مفردات حياتها الرئيسية وتقديم الأهم فالمهم ولا تبخس حق أيا منها، وهذا ما عملته السيدة الزهراء عليها السلام حينما عملت لحياتها محور توازن تديره بالتساوي فتعطي لنفسها حق ووقت للعبادة وتعطي منزلها حق الاعتناء والإهتمام به وكذلك تعطي حق لتربية وتعليم أبنائها، وتعلم وتدرس في منزلها عدد من النساء وفي الروايات حتى بعض من أصحاب الرسول كانت تدرسهم، فضلا عن كل ذلك كانت امرأة صاحبة رسالة حاورت وأثبتت حق إمام زمانها لتترك بصمة مشرفة في تاريخ النساء وتكون صدقا وعدلا المرأة الأولى وسيدة نساء الأولين والآخرين.
فالسيدة الزهراء عملت على نفسها ثم توجهت للمجتمع بالتعليم ثم واجهت حكومتها بكل قوة وحزم، فكانت نعم المرأة داخل البيت ونعم المرأة خارجه.
حينما استطاعت أن تنظم وقتها وتحدد أعمالها وأهدافها وتنسق بينهم وتنتقل من عبادتها في محرابها إلى عبادتها في تربية أبنائها والعناية بزوجها، ثم عبادتها في عملها داخل المنزل وعبادتها في رسالتها.
التشديد على كلمة (عبادتها) في كل جانب لأن ترسخ فكرة أن كل هذه الأمور هي في حالة عبادة سيخفف من وطء العناء والتعب كما سيرادفها الحب، وما شاركه الحب نما وحَسُن، وسيؤدي تلقائيا إلى الابتعاد عن الشكوى والتذمر، والباحث في سيرة الزهراء سيجد إنها فعلا تخلو من الشكوى حتى في كسر ضلعها سلام الله عليها لم تشكو لأمير المؤمنين عليه السلام ولم يعلم بعمق الجرح حتى غسلها بيديه وفي تلك اللحظة عجز علي ابن أبي طالب عن إكمال تغسيلها وتكملة الحادثة كما هو مشهور.
فمن المفترض أن نقتدي بهذه الأسوة في إدارة محور التوازن حتى نستطيع الخروج من حياة الفوضى والتقصير والشكاية لحياة أكثر هدوءاً واتزاناً.
اضافةتعليق
التعليقات