مسير العملية التعليمية من أكثر الطرق حساسية ودقة كونه يتحكم بأهم منظومة تكوينية في الإنسان ألا وهي العقل، وهذا الجهاز المرن في بداية انطلاقه نحو التفكير الصحيح والشروع في هذه الخطوة يحتاج الى تنسيق بين المعلومة والذي يعطيها، وكيفية إيصال هذه المعلومة للمتلقي خصوصا ونحن في عصر تلاقف الفكر وسرقته واستهداف تعطيله.
تتعدد وجهات النظر بخصوص عمر المعلم والمدرس منهم من يرجح الخبرة فتميل كفة اختياره الى إن عمر المعلم ضروري حتى تثبت الخبرة بالموضوع، ومنهم من يرى إن عمر المعلم ليس مقياس للخبرة، ومنهم من ضرب الرأيين قائلا بأن الفارق العمري بين المتعلم والمعلم سيحدث ثغرة فكرية خصوصا اذا كانوا في بداية التعلم كون المعلم الكبير لا طاقة له على تحمل مشاغباتهم فقد يلجأ الى التعنيف للسيطرة عليهم.
وقد أجرى موقع بشرى حياة تحقيقا حول ذلك بطرح السؤال التالي: (هل لعمر المدرس تأثير على مستوى الطالب العلمي)؟
فأجاب محمد المهداوي/ دكتوراه في اللغة العربية: شخصية المعلم أو المدرس أو حتى الأستاذ الجامعي هي القادرة على أن تؤثر في طلبته سلبا أم ايجابا وقد لا يبدو أن ثمة علاقة بين العمر وطبيعة التأثير، نعم؛ كلما كان عمر الأستاذ قريبا من عمر تلاميذه فإنه سيكون أقدر على تشخيص مشكلاتهم ومعالجتها بوصفه أخا لهم يفكر بما يفكرون به ويشعر بما يشعرون.. على عكس من يكبر تلاميذه بسنوات كثيرة لأنه سيخلق فجوة بينهم تتعلق بسلطة الوالد التي تحتم على تلاميذه أن يخفوا كثيرا مما يعانونه عنه خوفا أو خجلا وتحرجا يبقى لي أن أقول أن كبير العمر سيكون أكثر مراسا ومهنية في التعامل معهم لخبرته الطويلة مقابل صغير العمر الذي سيكون حتما قليل الخبرة في التعامل، بالمحصلة ثمة ايجابيات وسلبيات في عمر التدريسي وعلاقته بطلبته وهي كثيرة لا مجال لحصرها وكلها تنعكس سلبا أو ايجابا على طلبته.
أما الأستاذ أحمد العنزي/ باحث في صحة المجتمع: غالبا ما يتم ربط العمر بالخبرة. ولكن حسب رأيي أن لا قاعدة ثابتة في ذلك فقد يكون المدرس صاحب خدمة لمدة طويلة لكن لاخبرة له، فقد تعلم مجموعة طرائق خلال السنة الأولى من خدمته وأخذ بتكرارها على الطلاب لمدة سنوات عديدة، بالتالي فخبرته تحتسب سنة وليس مدة الخدمة وقد نرى المدرسات والمدرسين الشباب ممن طوروا مهاراتهم الذاتية مثل اجتيازهم دورات التدريس الفعال والتعامل مع الطلاب حسب سمات شخصياتهم، فبالتأكيد سيتم التأثير بصورة كبيرة.
وأختصر الاستاذ سرمد الدعمي/ دكتوراه علم نفس: إذا زاد العمر فوق الحد المقبول سيكون ذلك سلبا على مستوى الطالب.
وقال الدكتور علي رياض: ممكن نعم، ممكن لا، تعتمد على طبيعة وشخصية المعلم، لكن كلما كان العمر أقرب كلما كان التواصل والتفاهم أسهل. فمثلا معلم عمره ٤٥ سنة يختلف قطعا عن معلم عمره ٢٥ سنة.
أما د. حسن الأسدي (دكتوراه لغة عربية) فشجع أهمية عمر المعلم قائلا: نعم له تأثير واضح إذ يضيف العمر على كلام المدرس هيبة الخبرة والإحاطة في مجالات الحياة ومجال التدريس، يساند ذلك أن النظرة الاجتماعية للمدرس تلبسه جلباب الأب الراعي لأولاده، لربما يمثل هذا الفارق العمري بعدا فكريا ولكنه في مجال التدريس قد يتلاشى بسبب طبيعة مجال التدريس المحدد بمواد ومنهج معين يتطلب الخبرة التي تزداد عبر الممارسة الطويلة.
أما نجاح الجيزاني: سألت أولادي مرة فكانت إجابتهم نفضل الأستاذ الكبير بالعمر لأنه ذو خبرة واسعة، لكن في نفس الوقت نحن نميل للاستاذ الأصغر سنا لأنه الأقرب لتفكيرنا والأكثر دراية بمتطلبات زماننا. أما الاستاذ الكبير فلديه خبرة واسعة بايصال المادة بأيسر الطرق.
فمستوى الطالب العلمي يعتمد على جدية الطالب نفسه ومدى قابليته لهضم المادة ويعتمد كذلك على جديته لعبور السنة الدراسية بأقل الخسائر الممكنة فليس من السهولة التفريط بسنة دراسية كاملة خصوصا بالنسبة للطالب المجد اتكالا على عمر استاذه فهو لا يأبه إن كان عمره صغيرا أم كبيرا المهم لديه أن يتجاوز السنة الدراسية والعبور منها للسنة الأخرى، والأهم من كل هذا وذاك هو أن يفهم المادة المعطاة فهما كاملا خلال الحصة الدراسية دون اللجوء إلى مدرسين خصوصيين خارج المدرسة.
أما الطالب علي حسن: حقيقة نفضل المعلم الذي لديه خبرة واسعة، صاحب الشخصية القوية الذي يجذبنا بإتجاهه وإتجاه المادة العلمية، وكلما كان الاستاذ أصغر عمرا كلما كان تقبله لتصرفاتنا ومتطلبات عصرنا أكثر، حتى سعة تحمله تكون أكثر، لكن في عمر الابتدائية من الضروري أن يكون المعلم حديث التعيين وصغير السن حتى يتعامل مع الأطفال بسلاسة كون كبير السن لا يتحمل فوضويتهم.
وكان للأستاذ عمار الشمري رأيا مفصلا: لإجابة سؤالك لابد أن نفرعها على قسمين:
أولا: من حيث المهابة فعمر المدرس ليس أساسا في ذلك، فقد يحترم الطالب مدرسا صغير السن وقد يحدث العكس وهذا راجع لشخصية المدرس، كلما احترم الطالب استاذه أحبه، وكلما أحبه تفاعل معه وبالتالي ازداد مستوى.
ثانيا: من حيث الخبرة. الصراحة أنا ممن يذهب إلى أهمية الخبرة التي تأتي من زيادة الخدمة التي حصلت بمرور سنين، ولكن هذا أمر نسبي قابل للنقض، فكم من مدرس اعرفهم حق المعرفة وهم أقدم خدمة لكن خبرتهم ليست بالمستوى المطلوب.
اضافةتعليق
التعليقات