تظهر مع الاسف بعض الحالات في موضوع تربية الأولاد التي يلجأ فيها الاباء والامهات إلى استخدام العنف مما يؤدي إلى ظهور نتائج لا تحمد عقباها. فقد يستهدفون من العنف أحيانا ولو ظاهريا أن يقوم بعملية البناء وتربية الولد، لكنهم غافلون عن تأثيراته السيئة التي تهدد أحيانا النتائج الإيجابية للتربية السابقة.
فلو كانت القسوة هي الأساس لما كانت هناك أية حاجة لهذه الوصايا العديدة والنصائح التي أطلقها الأنبياء الإلهيون والمربون وتوبيخهم المستمر لاستخدام العنف.
لماذا يلجأ بعض الاباء إلى العنف في العملية التربوية؟
من الطبيعي أنه توجد أجوبة عديدة، لكننا سنشير فيما يلي إلى بعض منها:
1_الأمراض الجسمية والنفسية التي يصاب بها الاباء فتكون سببا لظهور العديد من الانحرافات والاضطرابات. فنراهم يملكون أعصابا ضعيفة ونفوسا مريضة تدفعهم لممارسة العنف.
2_الإلحاح الشديد على موضوع تربية الطفل لينشأ مؤدبا، فيعتقد الاب بأن العنف هو افضل طريق لتحقيق هذا الهدف.
3_السخط على الحياة الأسرية وعدم الرضا بها، خاصة عند ظهور الاختلافات مع الزوجة، فتؤثر على الأولاد أيضا.
4_قيام الاب بنقل المشاكل الخارجية التي تواجهه إلى داخل البيت بسبب عدم امتلاكه القدرة على حلها، فنراه ينتقم من أولاده ويشفي غليله فيهم.
5_قد يمثل العنف انعكاسا لمرحلة الطفولة التي مر بها الاب، وخاصة بالنسبة لأولئك الاباء الذي عانوا كثيرا في طفولتهم وعاشوا حياة قاسية ولم يتلقوا ذلك الحب والحنان الكافي من آبائهم.
تأثيرات العنف على الطفل:
يمثل استخدام الاب للعنف مع ولده خطأً كبيرا بسبب الأعراض السيئة التي يتركها على الطفل، وسوف نشير فيما يلي إلى بعض منها:
1_الفشل والاستسلام:
أنكم ومن خلال استخدامكم للعنف تضطرون الطفل إلى الشعور بالفشل والاستسلام. فهو سيفقد شعوره بالفخر وإحساسه بالاقتدار مما يضطره ذلك للاستسلام لكم كالأعمى. وفي النتيجة أنه سوف لا يكون قادرا على الدفاع عن نفسه أبدا.
2_البحث عن الملاذ:
يبحث الأطفال الهاربون من عنف الأب عن ملاذ لهم يحميهم ويقيهم من الأخطار. وقد يؤدي بهم الأمر أحيانا إلى التشرد ومرافقة الفاسدين والمنحرفين، مما يكون سببا لظهور العديد من المفاسد الأخرى. وتكون النتيجة ان تظهر عليهم بعض العادات الأنثوية فنراهم يحاكون أمهم ويسيئون الظن بأبيهم ولا يهتمون بسلوكه.
3_الهروب:
لقد أظهرت البحوث العلمية أن سبب هروب الأحداث والأطفال الصغار أحيانا من البيت، إنما يرتبط بقسوة الاب او زوج الام، والضغوطات التي يمارسونها والعقاب الشديد الذي يستخدمونه والانتقاد المستمر للطفل والاتهامات المتعددة التي يوجهونها اليه، وعدم الاكتراث به وبأعماله وترك مراقبته وشعوره (اي الطفل) بالإحباط والخوف والحرمان وغير ذلك من الأسباب الأخرى.
4_تجرؤ الطفل على والده:
عندما ينفذ صبر الطفل بسبب عنف أبيه وقسوته فإنه سيتجرأ عليه، وقد تبرز هذه الجرأة في مرحلة الطفولة فتقفون بوجهها _اي الجرأة _ من خلال عدة صفعات، غير أن الموضوع لا ينتهي عند هذا الحد.
ولو افترضنا أنكم نجحتم في اسلوبكم هذا مع الطفل الصغير، فهل يمكنكم استخدامه مع الحدث والشاب أيضا؟
لقد أثبتت التجارب ان الغالبية منهم يقفون بوجه آبائهم ويقاومونهم مما سيكون سببا لأن تفقد قدرة الاب معناها الحقيقي.
ويبرر الخطر عندما يتمكن الولد لمرة واحدة النيل منكم وتحطيم شخصيتكم إذ سيضعف موقفكم كثيرا.
ولو افترضنا أنكم تمكنتم من الانتصار عليه وتحطيم كبريائه، ولم يقف بوجهكم، أو يقاومكم إلا ان العاقبة ستكون امتلاء الولد بالحقد والغضب وسوء الظن لكم، إضافة إلى صفات سلبية أخرى.
5_التوغل في الشر:
من أعراض استخدام العنف مع الطفل او الحدث هو أنه سيندفع لممارسة الشر والتوغل فيه والاعتداء على الآخرين، وأن يكون مستبدا وسيئا في حياته المستقبلية.
6_التأثير على السلوك:
يؤثر العنف على السلوك أيضا، ولا يعلم احد الا الخالق جل وعلا بتلك التصورات التي سيحملها الطفل عنكم في ذهنه ونفسه ومخيلته بسبب قسوتكم وعنفكم. ومن عادة الأولاد أنهم يلجأون إلى القياس كثيرا خاصة وأن الاب هو احد موارده، فنراهم يقيسون بينه وبين الاباء الآخرين، ويحددون مكانته وسلوكه وفق هذا القياس، ويشعرون لا اراديا بالحقد عليه ويلجأون إلى الانتقام منه.
ولأنهم لا يتمكنون من عملية الانتقام فهم يتخذون سلوكا مختلفا يمثل بحد ذاته خطرا كبيرا يهدد حياتهم المستقبلية. وقد أظهرت التجارب والدراسات أنهم يصابون بظاهرة الانفصام في الشخصية أو السلوك عادة.
7_حدوث الهوة:
يعتقد الأطفال الذين يشملهم عنف الاب بنتيجة مفادها أنه ينبغي عدم الاقتراب من هذا الاب والابتعاد عنه قدر الامكان لاتقاء شره. ولايشعرون بأية عاطفة نحوه ويتمنون ان لا يعود إلى البيت او يكونوا نياما عندما يعود، وأنه لمخجل جدا ان يحمل الطفل مثل هذه الرغبات والامنيات في ذهنه.
ان العنف عمل مرفوض ولا يمكنه أن يحقق شيئا من الناحية التربوية خاصة على المدى البعيد. وسوف تزداد الهوة كلما ازداد العنف. ويؤدي العنف الشديد إلى حدوث انفجار يسعى الطفل للابتعاد عنه لشعوره بأنه يهدد حياته.
ولو كان الاب عنيفا وذا سلوك اجتماعي منحرف، أو لا يقدر على ضبط نفسه وكبح جماحه فإنه سيلقن أولاده درسا حيث يدفعهم ليكونوا منحطين واشرارا.
ان سلوك الاب هذا يؤدي بالولد إلى ان يعصيه ويتجرأ عليه ويمارس أعمالا قبيحة أخرى. ولو كانت الام خبيرة وواعية لدورها ووظيفتها لان لتمكنت من الوقوف إلى حد كبير امام انحراف الطفل وإلا لكان الدمار والخراب هو المستقبل الذي ينتظر هذا الطفل.
اضافةتعليق
التعليقات