إن الكلمات التي ننطق بها ليست مجرد أصوات عابرة بل هي البذور التي نزرعها في تربة الوعي الجمعي هي اللبنات التي نبني بها جسور التواصل أو أسوار الفرقة وفي زمننا هذا حيث غدت الكلمة سريعة الانتشار تتضح الحاجة الملحة إلى ثورة أخلاقية داخلية تستبدل ثقافة السباب والقدح بثقافة النقد البنّاء والحوار الهادف. الكلمة في الميزان هوية ومسؤولية ومصير
إن التحول المنشود يبدأ في أعماق النفس فالكلمة في الميزان الإلهي ليست مجرد مجموعة من الحروف التي تُنطق أو تُكتب بل هي:
هوية: هي مرآة تعكس مستوى التربية والوعي والنضج الداخلي لصاحبها الإنسان يزن بقيمة ما يقول لا بمقدار ما يملك.
مسؤولية: كل كلمة هي عهد وميثاق الأثر الذي تخلفه الكلمة على نفس المتلقي سواء كان إيجابياً أو سلبياً يقع ضمن دائرة المسؤولية الأخلاقية والشرعية.
مصير الكلمة: هي مفتاح إما للارتقاء أو للانحدار هي التي ترفع الإنسان إلى مصاف الملائكة أو تهوي به إلى دركات الحيوانية فمتى كانت حكمة وصدقاً وعدلاً كانت صعوداً ومتى كانت قذفاً وبهتاناً وسباباً كانت هبوطاً.
الفرق الجوهري بين السباب والنقد:
إن الخلط بين السباب والنقد هو من أكبر معوقات التطور الفكري والأخلاقي في مجتمعاتنا.
ثقافة السباب القدح: هدفها التشهير التجريح الشخصي والإقصاء موضوعها التركيز على الشخص وذاته ونيّاته أداتها الاتهامات الشتائم والتعميمات السلبية نتيجتها تدمير العلاقة وإغلاق باب الحوار وتوليد الحقد.
ثقافة النقد البنّاء: هدفها التقويم التحسين والوصول إلى الحق موضوعها التركيز على الفكرة أو الأداء أو الفعل أداتها الحجة الدليل المنطق والأدب نتيجتها فتح باب التفاهم ورفع مستوى الأداء وبناء الثقة.
خطوات استعادة أمانة اللسان
لكي نصنع بالكلمة نورًا يضيء لا نارًا تحرق يجب علينا أن نستعيد الفهم العميق لـ أمانة اللسان وهي عملية تحتاج إلى مجاهدة مستمرة.
المراجعة الذاتية
النية قبل النطق بأي كلمة يجب سؤال النفس ما الهدف من هذه الكلمة هل هو الإصلاح أم الانتقام هل هو النصح أم الفضيحة.
الأمانة
التوقف عن ترديد الشائعات والأخبار غير المؤكدة أمانة اللسان تقتضي تحرّي الصدق والدقة في المعلومة.
اختيار الألفاظ
الأمانة الأخلاقية حتى عند الاختلاف يجب أن ننتقي الألفاظ التي تحترم كرامة الآخر وأن نفصل بين الاعتراض على الفكرة واحترام صاحبها.
تفعيل ثقافة الاستماع
النقد البنّاء لا يكتمل إلا إذا كان مسبوقاً باستماع واعٍ ومُنصف لوجهة نظر الطرف الآخر.
أخيرا: إن التحول من السباب إلى النقد هو رحلة من الظلام إلى النور ومن الفوضى إلى الانضباط هي دعوة إلى التزام داخلي بأن يكون لساننا دائماً شاهداً لنا لا علينا ومصدر بناء لا هدم لـ نستحق اسم المؤمنين ونكون صُناعا حقيقيين للخير والتعمير.








اضافةتعليق
التعليقات