تكثر مشاهدة الأطفال للتلفاز وبالأخص الرسوم المتحركة ذات القدرة على جذب الطفل من خلال تنمية الخيال وجماليات التقنية التي تميزها وتجعله جالساً أمام شاشات التلفاز لساعات عدة يشاهد برامجه المفضلة ويندمج معها كأنها جزء من الحقيقة فتؤثر في نفسيته وعقله وانطباعه عن واقع الحياة، حتى بات التلفاز يشكل مصدراً كبيراً من مصادر قلق وخوف الاهل وهم يشاهدون أطفالهم قد تحولوا إلى مجرد دمى، تتحرك بمشاعرها، واهتمامها، ومزاجها مع أبطال الرسوم الكارتونية المتحركة، وتخضع لشروط الثقافة الاستهلاكية التي هيمنت على هذه الصناعة وتوجهاتها، لدرجة أنها أصبحت سلعة رابحة للترويج التجاري والاستهلاكي لجميع المنتجات من ملابس وغذاء وأدوات الأطفال.
تصورات وآراء :
أم حسين، قالت: افلام الكارتون هو البريد الذي يستطيع أن يقرب للطفل هذه الأشياء البعيدة، فالمعاني المجردة التي لا يمكن أن يتصورها الطفل يمكن أن نصورها له عبر الكارتون، فرسوم الكارتون قد اعطتنا فسحة أكثر سعة من التصوير السينمائي وماجاء بعده من أجيال آلات التصوير. قنوات الاطفال أصبحت تحتوي على مشاهد لا تتلائم مع صغار السن مطلقاً، فنجد مشاهد إباحية أو ألفاظ خارجة عن الاداب، ومعظم الافلام الكارتونية يتم دبلجتها وتكون أوربية المنشأ وتحتوي على العديد من المشاهد أو الإيحاءات الجنسية التي لا تتناسب مع براءة الأطفال بالإضافة إلى العديد من مشاهد العنف التي يقوم الأطفال بتقليدها بشكل عفوي.
فيما قالت أم آدم: يقضي الطفل ساعات طويلة في مشاهدة افلام الكارتون فإن ذلك يؤثر على وظائفه الجسمية مثل ضعف البصر والبدانة بالإضافة إلى قلة الحركة وقلة ساعات النوم التي تؤدي إلى إضطرابات في وقت النوم وفائدته للجسم بالإضافة إلى تراخي عضلات الجسم من قلة الحركة عند الطفل مما يولد جسم ضعيف وغير صحي.
أما الأضرار العقلية فهي كثيرة ومنها أن الطفل يفقد خاصية التفكير والابتكار أي يكون مستقبلاً بلا أفكار ولا يكون مبدعاً وأيضاً الطفل بطبيعة تكوينه العقلي يقارن الأفكار المرسلة من الأفلام بالواقع ويعمل على تطبيقها في حين هي أغلبها أفكار خيالية غير قابلة للتنفيذ وتحوي بعض الافلام أيضاً أفكار خطرة أو مخلة بالأخلاق تؤثر على سلوكيات الطفل لأنه سيحاول تقليدها، وكذلك أفلام العنف تنتج طفلاً عنيفاً، وأيضاً أفلام الرعب تنتج أطفالاً ضعفاء خائفين قلقين في نومهم وحتى في أحلامهم مرعوبين.
وتضيف إلى أن افلام الكارتون تبعد الأطفال عن اللعب بالألعاب اليدوية التي بها فائدة كبيرة للطفل من الناحية الجسدية والعقلية؛ ان مضار مشاهدة الأفلام بوقت كبير دون مراقبة نوعية للمادة المقدمة تخلق نوعاً من العزلة والانطوائية عند الطفل تؤدي به إلى فرد محمل بالكثير من المشاكل في المستقبل.
فيما قال أبو فادي: ان الموضوع يعتمد على طبيعة هذه الأفلام الكارتونية، يجب مراقبتها عن بعد من أجل التعرف على نوعية الأفكار التي تطرحها إن كانت موافقة إلى طبيعة المجتمع وعاداته وطقوسه الذي نعيش فيه من جانب وأحياناً قد نختار القناة بأكملها بشكل عام وتوجهها قد يساعدنا في هذا الإختيار..
الامر الثاني هو يجب أن لا تزيد ساعات المشاهدة إلى الحد الذي يجعل الطفل ينغمس في هذه الأفلام ويتقمص إحدى شخصياتها، ومنعه بطريقة سليمة إذا أراد تقليد هذه الشخصيات بحركاتها وتصرفاتها كي لا تتأثر شخصيته وقد يصاب بالتوحد أو انفصام الشخصية.. وبالتالي قد نحصل على سلوكيات غير مرغوب بها لدى الطفل.
علم الإجتماع والنفس ومشاهدات افلام الكارتون
الباحثة الإجتماعية ضحى مجيد قالت:
ان من مضار مشاهدة افلام الكارتون من قبل الأطفال، تسبب العدوانية وجعل الأطفال متحجري القلوب قليلي التعاطف مع أوجاع الآخرين، إنخفاض المستوى الدراسي وكذلك تسبب الانعزالية وجعل الطفل قليل الصبر، يرى المجتمع من خلال ذاته ونيل مايريده بقوة، وكذلك زرع المعتقدات غير المقبولة في مجتمعنا، اضطراب في النوم وتبول لا إرادي، قلة التواصل مع الناس، الكسل والخمول، انحسار العزيمة، لايشعر بالأمان عند الخروج وغيرها من الأمراض الصحية كالتأثير على البصر والجهاز العصبي والتعب لذلك ينبغي حماية أطفالنا من هذه الأفلام وعرض الافلام التي تكون نافعة لهم مع تحديد الوقت لمشاهدتها.
فيما قال الدكتور أحمد القره غولي، اختصاص علم النفس: هناك إيجابيات وسلبيات كثيرة للبرامج المتحركة (أفلام الكارتون) على الأطفال فالايجابيات تتضمن إثراء خيال الطفل بفضاء واسع وخاصةً اللعب التخيلي المهم لزيادة قدرات الدماغ والإبداع، وزيادة القدرة على التعامل مع الأجهزة الحديثة وتقنياتها وكثير من الصفات والأخلاقيات الفاضلة والسلوكيات الحسنة ممكن نقلها إلى الأطفال عن طريق القصص والافلام المتحركة.
أما السلبيات عادة تنشأ من خلال الإفراط أو إدمان المشاهدة وعدم التنظيم بين الأوقات المختلفة للواجبات وبين اللعب والمشاهدة للطفل وعدم فلترة البرامج التي يشاهدها الطفل وضعف القيود عليها وقرب المسافة بين الطفل والتلفاز مما يؤثر على العين أو الدماغ وكثرة أوقات المشاهدة مساءً أو خلال إطفاء الضوء مما يؤدي إلى زيادة الأشعة الضارة على الطفل.
ويمكننا تحديد السلبيات الضارة جداً والمتمثلة بالتخلق أو تقليد عادات غير ملائمة لمجتمعنا أو غير ملائمة للفئة العمرية للطفل تؤدي إلى التخلق بأخلاق المجتمعات الأخرى وظهور عادات منحرفة لدى الطفل كالحب والغرائز والتعري الغير لائق وغيرها، والتركيز بصورة مفرطة في بعض الشخصيات الكارتونية على المقالب الموجهة للآخرين بحيث تتجاوز الحدود الطبيعية إلى الايماء للطفل بأن المقالب والايذاء الشديد والذي يمكن أن يؤدي إلى ضرر بليغ أو الموت هو شيء مقبول بل ممتع وتجربة بعض الأفعال الخطرة كالطيران أو القفز من علو.
وأضاف أن كثرة مشاهدة افلام العنف والخاصة بالاعمار الصغيرة تؤدي إلى جعل الانموذج القدوة للطفل هو الشخص القوي، المؤذي، العنيف، حامل الأسلحة، القاتل بدم بارد، أما بخصوص افلام الرعب الخاصة بالأطفال أو الخاصة بالكبار التي يشاهدها الأطفال تؤدي إلى اضطرابات نفسية ممكن أن تكون شديدة مثلاً: الخوف الشديد، الصدمة، الكوابيس المتكررة، اضطرابات النوم وممكن أن تؤدي إلى حدوث مرض عقلي ذهاني.
والمشاهدة المستمرة في الأعمار(١-٣) سنة ومتابعة اللقطات المتحركة السريعة تؤدي إلى ضعف الانتباه والتركيز، فرط الحركة، ضعف الذاكرة، الأرق والسهر ليلاً، وضعف قدرات التواصل باللغة (ضعف النطق)، ضعف الايماءات وضعف القدرة على تكوين الجملة والمحادثة لاحقاً وفي بعض الحالات يفقد الطفل هذه القدرات بعد أن اكتسبها وربما يؤدي إلى حدوث طيف التوحد، كذلك ضعف القدرة على التواصل مع الآخرين واكتساب الأصدقاء والتأثير بهم والخجل المفرط، فضلاً عن بعض الأطفال المدمنين على المشاهدة ممكن ان يعانوا من السهر حتى الصباح، الخمول، السمنة، قلة النشاط، أعراض الاكتئاب المبكر، جفاف قرنية العين وضعف قدرة الأبصار لديه.
اضافةتعليق
التعليقات