إعتادت الأم العراقية على العطاء اللامحدود لِمن حولها وتحاول جاهدة تقديم كل شيء من التضحيات والتنازلات اللامتناهية وهذا من الأمور الجيدة ولكن عادةً ماتكون قد أهملت الجانب النفسي ولم تنتبه لهُ قط حتى تجدها في آخر المطاف قد أُصيبت بأمراض عديدة نفسية منها وجسدية وما تكون تلك إلا مخلفات ما كانت عليه فالجسد مَثلهُ مَثل الآلة إن ضغطنا عليها في الاستعمال استهلكت في وقتٍ قصير وإن استخدمت بشكلٍ معقول قد تعمل عدة سنوات فالجسد كذلك.
لذا لابد على كل امرأة أن تنتبه إلى نفسها قليلا ولتعطِ قيمة لذاتها، وتحبها بلا أنانية. ولا تنسى نفسها في خضمّ تلبية رغبات الآخرين وإرضائهم. على الرغم من أن تلبية الاحتياجات لأفراد الأسرة ضرورية، ومنها واجبة.
وهنا نوجه الكلام لكِ عزيزتي:
حذاري ثم حذاري من أن تجعلي التكلفة النفسية التي تأتي من العطاء أكبر بكثير بحيث لا يمكن أن يعوضها شيء، حاولي قدر المستطاع تحقيق التوازن.
ولا تبخلي عزيزتي بلحظات هدوء تخلقيها لنفسكِ ولأسرتكِ في وسط زوبعة المهمّات، خذي قسطاً من الراحة؛ فالرعاية الذاتية حقّ لا تتنازلي عنه.
لقد أنعمَ الله عليكِ بقدراتٍ عديدة، ابحثي عنها ولا تهدري طاقتكِ في مكانٍ واحد. رتّبي أولوياتكِ، واكتشفي أين يكون شغفكِ، تعلّمي أن تكوني حازمة عندما يلزم الأمر.
ليكن وقتكِ مع أطفالكِ وقتاً غنيّاً نوعيّاً وليس كميّا، فالوقت الوحيد الذي لا يُندم عليه هو الوقت الذي تقضينهُ في تربية أولادك والإعتناء بهم. امنحي أولادكِ وقتاً نوعيّاً قدر الإمكان، أشبعيهم حبّاً وحناناً واخلقي ذكريات لا تُنسى من اللحظات الثمينة التي تقضونها معاً. تلبية احتياجات الزوج وتربية الأطفال أهم بكثير من الأمور الثانوية كالجهد العالي في التنظيف وتحمل مسؤوليات ليست من شأنكِ وليست من اللوازم كشراء الملابس بكل موسم للأولاد والتسوق للبيت وحمل ثقل ومسؤولية العَيش. إلا أن لزم الأمر والظرف فتلك مسألةً أخرى.
اعملي ما تحبّي، لتحبّي ما تعملي. اعرفي ما هي رسالتكِ في الحياة فإن كان لكِ أهداف فأسعيّ جاهدةً لتحقيقها بالاستعانة بالله. وإن كان هدفكِ التربية لاغير فأهتمي بأطفالكِ وحاولي أن يكونوا هم رسالتكِ.
عليكِ أن تكوني لنفسكِ عَونًا، ولروحكِ إصنعي لونًا. وكوني نوراً، نوراً لنفسكِ أولاً، ثم لمن حولكِ وتذكّري قول أحد العظماء:
"لا يمكنك أن تنير العالم ما لم تكن نوراً لنفسك" إن أضواء العالم لا تعني شيئًا بتاتاً إن كان الإنسان منطفئاً من الداخل. لا تهملي نفسكِ وتُعتمي حياتكِ وتنشغلي بأنوار الآخرين وتنسين أن تنيري روحكِ ابحثي عن شرارتك الخاصة وكلّ ما حولك سيضيء.
هذا لايعني أن تهملي جانبا وتتركي الآخر فإهمال أحدهم يؤدي إلى نفس النتيجة إذا لم تكن أسوء؛ العائلة والإهتمام بها أمر ضروري للغاية ولكن عليكِ الموازنة بينهما نفسكِ وعائلتكِ وإلا فقد تخسري بكلتا الحالتين.
اضافةتعليق
التعليقات